x

«القطن» فتّح.. وموسم الجنْى يفقد بريقه (ملف خاص)

الإثنين 25-09-2017 22:47 | كتب: ريهام العراقي |
محصول القطن المصري محصول القطن المصري تصوير : محمد السعيد

فى موسم يمكن وصفه بـ«المتناقضات»، وفى أعقاب موسم جنيه، تظل معاناة القطن المصرى مستمرة.

الدولة تجاهلت دعم المزارعين، وتنصلت من وعودها لهم قبل بدء موسم الزراعة، وعاد الفلاح يعانى من خسارته المادية لزراعة القطن، الذى أصبح قاب قوسين أو أدنى من خسارة عرشه أمام قطن «بيما» الأمريكى، الذى يستخدمه عدد من الدول الآن بسبب دعم الولايات المتحدة لـ«قطنها»، وبات الفلاح يستجدى «عطف الدولة».

«المصرى اليوم» رصدت أوضاع زراعة القطن فى موسم الجنى، وحيرة الفلاحين بين الحكومة والتجار:
محصول القطن المصري

المزارعون: الدولة تجاهلت الدعم.. الأمريكانى «ينافس» .. ونطالب بعودة الدورة الزراعية مرة أخرى

فى طريقه اليومى إلى الفدان الذى يستأجره من صاحبه بـ 12 ألف جنيه فى العام، كانت أفكار كثيرة تتقافز فى ذهن «عيد عبدالمحسن»، تلك الأفكار التى كانت تراوده يوميًا طوال مارس الماضى بينما ينثر بذور القطن، زواج ابنته الكبرى وكسوة الأبناء، مصاريف عام كامل قادم، تنتظر جميعها بيع المحصول فى شهر أكتوبر القادم.

ثمانية أشهر كاملة اعتنى فيها عبدالمحسن بمحصول قطنه، فهناك على بعد 10 كم من مركز «بسيون» بمحافظة الغربية، وداخل أحد الغيطان قضى ساعات يومه بعيداً عن أسرته، أملا فى تسويق محصوله بسعر يوازى قيمة مصاريف زراعة القطن المكلفة، سنوات عمره الستين لم تمنعه من الوقوف تحت حرارة الشمس الحارقة لساعات طويلة، لجنى محصوله مع عدد من الأنفار الذين استأجرهم.

محصول القطن المصري

لم تكن فى نية عبدالمحسن زراعة القطن هذا العام، فهو على دراية كاملة بالمشاكل التى تواجه المزارعين أثناء زراعة المحصول، إلا أنه قرر زراعته هذا العام بناء على وعود وزارة الزراعة برفع سعر شراء محصول القطن من المزارعين، وقال: «زمان كنا بنزرع القطن كل سنة، لأننا كنا ضامنين أنه هيتباع بسعر عالى وهيكون فيه مكسب لينا، لكن دلوقتى مفيش زرعة بشكل منتظم لأن تكلفة زراعة القطن مرتفعة، وبيعه خسارة للفلاح، لكن لما وزير الزراعة وعدنا أن المحصول هيرتفع ثمنه هذا العام بدأ المزارعون فى زراعة القطن، ولكن بمساحات صغيرة خوفا من عدم الوفاء بالوعد».المزيد

الدكتور عادل عبدالعظيم مدير معهد بحوث القطن فى حوار لـ«المصري اليوم »: «شياطين التجارة» وراء أزمة القطن المصرى
الدكتور عادل عبد العظيم في حوار للمصري اليوم

اتهم الدكتور عادل عبدالعظيم، مدير معهد بحوث القطن، بعض التجار بإفساد منظومة القطن بسبب خلطهم الأصناف، ما تسبب فى خفض الإنتاجية وقلة المساحات المزروعة، مشيرا إلى أن القطن المصرى مر بمنعطفات خطيرة أصعبها فى عام 2014 عندما خرجت مصر من السوق العالمية.

وأكد عبدالعظيم، فى حواره لـ«المصرى اليوم» ارتفاع نسبة المساحات المزروعة من القطن المصرى هذا العام بنسبة 20%، بصفات جودة عالية، لافتا إلى أن الطلب العالمى يتزايد عليه من جديد، وأن قطن «بيما» الأمريكى ينافس طبقة محددة من القطن المصرى وليس الأعلى جودة.

وإلى الحوار:

الدكتور عادل عبد العظيم في حوار للمصري اليوم

■ ما ردك حول تقرير الجهاز المركزى والإحصاء حول انخفاض صادرات القطن المصرى فى الربع الثالث من عامى 2015-2016؟

- مصر خرجت من السوق العالمية فى عام 2014، وانخفضت المساحة المنزرعة من القطن بشكل كبير فى عام 2016، ووصلت المساحة المنزرعة 130 ألف فدان، وتعتبر أقل مساحة منزرعة من القطن منذ أيام محمد على، وهو ما ترتب عليه انخفاض الإنتاجية والصادرات، كذلك المنتجات السنوية من الأعلاف والزيوت النباتية.

إلا أن العام الحالى ارتفعت المساحات المنزرعة بنسبة 20% حتى نهاية الشهر الماضى، ووصلت الزيادة فى الصادرات 20% من القطن المصرى، وهناك أكثر من 20 دولة تطلب القطن المصرى، والمزارعون أكدوا أفضلية الإنتاجية هذا العام عن السنوات السابقة.

■ ما الأسباب التى أدت إلى تدهور محصول القطن؟

- القطن فى مصر مر بمنعطفات خطيرة كانت السبب الرئيسى فى انخفاض المساحات المنزرعة منه، ومن الممكن تقسيمها إلى عدة مراحل، المرحلة الأولى ما قبل 1994، والمرحلة الثانية تبدأ من عام 1994 وحتى 2014، أما المرحلة الثالثة بداية من عام 2015.

نبدأ من المرحلة الأولى وهى ما قبل عام 1994، كان القطن يزرع ويجُنى ويسوق ويحلج تحت الإشراف الكامل للدولة، وكان المزارع مطمئنا لأنه على علم من أن الدولة ستشترى منه القطن فى نهاية الموسم، فكان حريصا على زراعة مساحات كبيرة من القطن، وبناء عليه كنا نزرع مليون فدان على الأقل، ننتج منها 6 ملايين قنطار قطن يتصدر منهم 2.5 مليون قنطار ونصنع الباقى فى مغازلنا المحلية، ولم يكن هناك استيراد قطن نهائى من الخارج وجميع المغازل المحلية تعتمد على القطن المصرى بشكل كامل، وكان هناك خريطة صنفية تعدها وزارة الزراعة بالاشتراك مع بحوث القطن بخصوص زرع أصناف معينة خاصة بالتصدير، وأخرى مخصصة للمغازل المحلية.

المرحلة الثانية هى الفترة من 1994 وحتى 2014، حيث صدر قانون 210 لسنة 94 الخاص بتحرير تجارة القطن، والذى يتيح للقطاع الخاص والتجار الحرية الكاملة لشراء القطن من المنتج وتسويقه، وهنا حدثت مجموعة من الكوارث دمرت القطن المصرى، لأن القطن لم يعد تحت إشراف الدولة وحدث خلط بين أصناف قطن التصدير الذى يتميز وقطن المغازل المحلية الأقل جودة، بسبب رغبة التجار فى الكسب السريع وغير المشروع.المزيد

«خارطة طريق» لإصلاح منظومة وتسويق القطن المصرى:
محصول القطن المصري

■ تنفيذ البرنامج البحثى لمعهد بحوث القطن والآفاق المستقبلية لتربية القطن بهدف استنباط أصناف جديدة ومتوسطة الجودة وإنتاج الزيوت والأعلاف بتكلفة تصل إلى 3 ملايين جنيه فى السنة.

■ إنتاج تقاوى المربى بهدف إنتاج سلالات حديثة من الأصناف والهجن سنويا بتكلفة تصل إلى 2 مليون جنيه فى الموسم.

■ إنتاج تقاوى الأساس بهدف زيادة معامل الإكثار للسلالات الحديثة بتكلفة 3 ملايين جنيه.

■ إنتاج التقاوى المسجلة بهدف تقليل فترة تداول السلالة فى الزراعة العامة لمدة عامين بدلا من 4 سنوات بتكلفة 800 مليون جنيه لشراء أقطان الإكثار من المزارعين.

محصول القطن المصري

■ التوسع فى إنتاج الأقطان المتوسطة التيلة بهدف توفير متطلبات المغازل المحلية (حوالى 3 ملايين قنطار قطن شعر بتكلفة 3 مليار جنيه).

■ إنتاج الأقطان العالية الجودة لاستيفاء التعاقدات الخارجية للحفاظ على العميل بالسوق الخارجية بهدف توفير متطلبات مصانع الغزل الرفيعة وتوفير متطلبات الغزال الخارجى بتكلفة 2 مليار جنيه.

■ ميكنة زراعة القطن بهدف تقليل تكليف الإنتاج والتوسع فى زراعة الأقطان بتكلفة 500 ألف جنيه فى السنة.

■ تطوير محلج «سخا» بمحافظة كفر الشيخ بهدف حليج أقطان «الإكثار» للوجه البحرى للقضاء على مشكلة خلط أصناف القطن بسبب حليج أقطان «الإكثار» بمحالج القطن التجارية بتكلفة 15 مليون جنيه.

■ تطوير محلج «سدس» بمحافظة بنى سويف بهدف حليج أقطان «الإكثار» للوجه القبلى بتكلفة 6 ملايين جنيه.

■ تفعيل دور الإرشاد الزراعى بهدف زيادة الإنتاج وتقليل التكلفة وتشجيع المزارعين بتكلفة مليون جنيه.

وجاء فى خطة التطوير عدة آليات للتنفيذ وتشمل:

■ زراعة 100 فدان بالهجن والسلالات ببرامج تربية القطن المختلفة.

■ زراعة 200 فدان بمزارع قطاع الإنتاج والمحطات البحثية لصالح معهد بحوث القطن.

■ زراعة مساحة 1000-2000 فدان بمزارع قطاع الإنتاج والإدارة المركزية للمحطات سنويا.

■ زراعة 40 ألف فدان كأقطان «إكثار» للأصناف المختلفة بمراكز التركيز بالمحافظات المختلفة طبقا للقرار الوزارى الذى يصدر سنويا.

■ زراعة 300 ألف فدان خلال 5 سنوات بمحافظات سوهاج وأسيوط وبنى سويف والمنيا والفيوم والإسماعيلية وبورسعيد والشرقية والمنوفية والقليوبية وبعض مراكز محافظة البحيرة والإسكندرية.

■ زراعة تجارب بحثية بمحافظات الوجه البحرى والقبلى فى مساحة 50 فدانا.

■ تحديث حلاجات القطن، إضافة جهاز تنظيف للقطن الزهر والشعر، وحدة غربلة، مكبس بخارى.

وتضمن التقرير تحديد الجهات التى ستمول خارطة الطريق وهى وزارة المالية والتخطيط والزراعة.

وحدد التقرير الجهات المسؤولة عن التنفيذ وهى وزارة الزراعة ومعهد بحوث القطن والهيئة العربية للتصنيع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية