x

مدير معهد بحوث القطن: «شياطين التجارة» وراء أزمة القطن المصرى (حوار)

الإثنين 25-09-2017 22:47 | كتب: ريهام العراقي |
الدكتور عادل عبد العظيم في حوار للمصري اليوم الدكتور عادل عبد العظيم في حوار للمصري اليوم تصوير : محمد السعيد

اتهم الدكتور عادل عبدالعظيم، مدير معهد بحوث القطن، بعض التجار بإفساد منظومة القطن بسبب خلطهم الأصناف، ما تسبب فى خفض الإنتاجية وقلة المساحات المزروعة، مشيرا إلى أن القطن المصرى مر بمنعطفات خطيرة أصعبها فى عام 2014 عندما خرجت مصر من السوق العالمية.

وأكد عبدالعظيم، فى حواره لـ«المصرى اليوم» ارتفاع نسبة المساحات المزروعة من القطن المصرى هذا العام بنسبة 20%، بصفات جودة عالية، لافتا إلى أن الطلب العالمى يتزايد عليه من جديد، وأن قطن «بيما» الأمريكى ينافس طبقة محددة من القطن المصرى وليس الأعلى جودة.

وإلى الحوار:

■ ما ردك حول تقرير الجهاز المركزى والإحصاء حول انخفاض صادرات القطن المصرى فى الربع الثالث من عامى 2015-2016؟

- مصر خرجت من السوق العالمية فى عام 2014، وانخفضت المساحة المنزرعة من القطن بشكل كبير فى عام 2016، ووصلت المساحة المنزرعة 130 ألف فدان، وتعتبر أقل مساحة منزرعة من القطن منذ أيام محمد على، وهو ما ترتب عليه انخفاض الإنتاجية والصادرات، كذلك المنتجات السنوية من الأعلاف والزيوت النباتية.

إلا أن العام الحالى ارتفعت المساحات المنزرعة بنسبة 20% حتى نهاية الشهر الماضى، ووصلت الزيادة فى الصادرات 20% من القطن المصرى، وهناك أكثر من 20 دولة تطلب القطن المصرى، والمزارعون أكدوا أفضلية الإنتاجية هذا العام عن السنوات السابقة.

■ ما الأسباب التى أدت إلى تدهور محصول القطن؟

- القطن فى مصر مر بمنعطفات خطيرة كانت السبب الرئيسى فى انخفاض المساحات المنزرعة منه، ومن الممكن تقسيمها إلى عدة مراحل، المرحلة الأولى ما قبل 1994، والمرحلة الثانية تبدأ من عام 1994 وحتى 2014، أما المرحلة الثالثة بداية من عام 2015.

نبدأ من المرحلة الأولى وهى ما قبل عام 1994، كان القطن يزرع ويجُنى ويسوق ويحلج تحت الإشراف الكامل للدولة، وكان المزارع مطمئنا لأنه على علم من أن الدولة ستشترى منه القطن فى نهاية الموسم، فكان حريصا على زراعة مساحات كبيرة من القطن، وبناء عليه كنا نزرع مليون فدان على الأقل، ننتج منها 6 ملايين قنطار قطن يتصدر منهم 2.5 مليون قنطار ونصنع الباقى فى مغازلنا المحلية، ولم يكن هناك استيراد قطن نهائى من الخارج وجميع المغازل المحلية تعتمد على القطن المصرى بشكل كامل، وكان هناك خريطة صنفية تعدها وزارة الزراعة بالاشتراك مع بحوث القطن بخصوص زرع أصناف معينة خاصة بالتصدير، وأخرى مخصصة للمغازل المحلية.

الدكتور عادل عبد العظيم في حوار للمصري اليوم

المرحلة الثانية هى الفترة من 1994 وحتى 2014، حيث صدر قانون 210 لسنة 94 الخاص بتحرير تجارة القطن، والذى يتيح للقطاع الخاص والتجار الحرية الكاملة لشراء القطن من المنتج وتسويقه، وهنا حدثت مجموعة من الكوارث دمرت القطن المصرى، لأن القطن لم يعد تحت إشراف الدولة وحدث خلط بين أصناف قطن التصدير الذى يتميز وقطن المغازل المحلية الأقل جودة، بسبب رغبة التجار فى الكسب السريع وغير المشروع.

المرحلة الثالثة بداية من عام 2015، وهى المرحلة التى أصدرت وزارة الزراعة القانون رقم 4 لسنة 2015 لمواجهة التاجر وسحب قطن «الإكثار» من تحت يده، وهو القطن الذى نحصل منه على البذرة، وتنتج التقاوى حتى نزرعها العام القادم، ويشغل «الإكثار» مساحات بسيطة تمثل 20% من مساحة القطن المنزرعة، وهو تحت الولاية الكاملة لأجهزة الدولة متمثلة فى وزارة الزراعة، ومعهد بحوث القطن، الإدارة المركزية لإنتاج التقاوى، وصندوق تحسين الأقطان.

■ ولكن مازال المزارع يعانى من احتكار لمحصول القطن.. ما تعليقكم؟

- القطن ليس محصول حبوب مثل القمح أو الذرة أو الأرز، من الممكن تخزينه لفترة لحين ارتفاع السعر وحدوث توازن بين السعر والطلب، أو الاستفادة به فى استهلاك بيته، وإنما القطن يمثل «هم تقيل» عند المزارع يريد التخلص منه فى أسرع وقت، ولذلك يبيعه للتاجر المستعد للشراء فى الحال، خاصة أن تكلفة زراعة وجنى محصول القطن مرتفعة والمزارع رجل بسيط لا يمتلك نفقات لتدبير تكاليف المحاصيل القادمة، لذلك يقع فريسة سهلة للتاجر.

■ هل تتهم التاجر بإفساد منظومة القطن؟

- بالطبع التاجر أفسد منظومة القطن، وخلط بين القطن الأعلى جودة وأعلى سعرا والقطن الأقل جودة والأقل سعرا، واستغل تقارب اللون بينهما، بهدف الكسب السريع وغير المشروع، ففارق السعر بين قطن التصدير والمحلى يصل إلى 700 جنيه فى القنطار الواحد، ولكن عامل الغزل والعميل الأجنبى وحدهما يستطيعان التفرقة بين قطن التصدير والمحلى، من خلال جهاز «hvi» الذى يحدد صفات الجودة بمجرد دخول عينة شعر بداخله، ويحدد صفات القطن بصورة دقيقة للغاية، من خلال طول التيلة والمتانة والنعومة، وعند كشفه التلاعب فى العينة المطلوبة يرفض العميل الأجنبى استكمال عملية البيع، وترجع شحنة القطن بعد ما تم شحنها، وهو ما يشكل تكلفة باهظة إضافة إلى تشويه سمعة القطن المصرى فى الخارج.

■ كيف يمكن أن تعود الثقة مرة أخرى بين الدولة والمزارع؟

- الدولة حددت سعر ضمان القطن 2100 جنيه للصعيد و2300 للوجه البحرى قبل بداية الموسم، من أجل تشجيع المزارع على الزراعة وطمأنة قلبه على محصوله، بجانب الندوات الإرشادية، حتى ترجع الثقة مرة أخرى للمزارعين، خاصة بعدما فقدها بسبب خلط الأصناف، الأمر الذى تسبب فى قلة الإنتاجية وحدوث تشوه للمحصول، مما نتج عنه حدوث أزمة نفسية عند المزارع وامتنع عن زراعة القطن.

الدكتور عادل عبد العظيم في حوار للمصري اليوم

■ ما تعليقكم حول شكوى المزارع من قلة إنتاجية وجودة المحصول وهو ما ظهر بشكل واضح فى الحقول؟

- وزارة الزراعة تضع كل عام خريطة صنفية لتوزيع الأصناف على محافظات الوجه القبلى والبحرى، ولكن أثناء ثورة 2011 لم يلتزم المزارع بالخريطة المتفق عليها، واستغل الغياب الأمنى فحدث تراكم للخلط بين الأصناف، فخلط صنف جيزة 90 من الصعيد مع صنف جيزة 88 فى الوجه البحرى، وزرع داخل مساحته فأخذت مساحة جيزة 88 على أنها قطن «كيثارة»، فأصبح هناك كوكتيل ما بين 88 وجيزة 90، وكانت النتيجة عدم تجانس فى المحصول، وظهر النبات بشكل سيئ داخل الحقول وانخفضت إنتاجيته، ودمر القطن وفى النهاية توجه الاتهامات إلى وزارة الزراعة التى ليس لها أى علاقة بذلك بل كانت حريصة طوال الوقت على إدخال سلالات جديدة.

■ كيف تواجهون هذه المشكلة؟

- نضطر إلى إزالة المحصول بالكامل غير المتفق عليه فى الخريطة الصنفية، رغم أنها تكلفنا نفقات باهظة ومجهودا كبيرا إلا أنها ضرورية لمنع خلط الأصناف والحفاظ على السلالات.

■ ماذا عن التشريعات المنظمة لزراعة القطن فى مصر؟

- تجريم وتغليظ عقوبة عمل الدواليب الأهلية وهى المحالج الخاصة، وقانون 4 لسنة 2015 كلف وزارة الزراعة الجهة الوحيدة المعنية بشراء أقطان الإكثار، وبناء عليه لن يستطيع أى تاجر الاقتراب منه والقطن المتاح أمامه القطن التجارى فقط.

■ لماذا لم يتم إصدار لائحة تنفيذية للقانون لمعاقبة المخالفين؟

- للأسف عندما صدر القانون لم يصدر له لائحة تنفيذية، ومن المفترض أن يصدر مجلس النواب لائحة تنفيذية له خلال الشهر القادم، وستطبق العقوبة على التاجر الذى يشترى قطن الإكثار، كذلك المزارع الذى تسلم البذرة من وزارة الزراعة ولم يوردها بعد انتهاء الموسم.

■ ماذا عن إنتاج تقاوى إكثار الأقطان؟

- فى عام 2015 زرعنا 20 ألف فدان إكثار، ووصلت المساحة العام الماضى إلى 30 ألف فدان وجمعنا 50% من إجمالى المساحة بمجهود صعب، حتى استطعنا تسلم القطن من المزارع قبل أن يشتريه التاجر، لأنه لا يوجد لائحة تنفيذية بعد، والعام الحالى زرعنا 63 ألف فدان، معنى ذلك أن هناك زيادة فى المساحات ببذرة منتقاة، ومن الممكن العام القادم أن نزرع 500 ألف فدان، وهو ما يؤكد أن المنظومة تسير فى الاتجاه السليم.

■ ماذا عن تفعيل بطاقة تداول أقطان الإكثار بين المحافظات؟

- تم عمل بطاقة تداول أقطان الإكثار لحائزى ومنتجى أقطان الإكثار، على أن تشمل تاريخ الزراعة والجنى والمساحة المنزرعة وكمية الإنتاج والصنف المزروع والكمية التى تم توريدها، والجهة التى تسلمته، وعمل عقود ثلاثية مباشرة مع المنتجين من خلال جمعياتهم.

■ تعتمد معظم شركات الغزل على استيراد القطن وهو ما يشكل تكلفة باهظة.. كيف يمكن حلها؟

- أهم مشكلة نواجهها داخل شركات الغزل الميكنة، لأنها غير مؤهلة لغزل القطن بأصنافه الجديدة، قديما قبل عام 1994 كانت شركات الغزل تعمل على القطن المصرى بأصنافه جيزة 85 و89، وكان من المفترض تطوير الميكنات حتى تتواكب مع الأصناف الجديدة وتتنافس مع الصناعة العالمية، فالقطن يغزل على مكن غزل حسب صفات جودة القطن، فلا أستطيع إدخال خيوط غزل على مكن غير قابل للتعامل معها، لأنه بذلك ينتج خيوط غزل بمواصفات أخرى، ولأنه لم يتم استحداث أو تعديل الميكنة فأصبحت عاجزة عن التعامل مع الأصناف الجديدة، لأنها بدائية وتجاوز عمرها الخمسين عاما، وليس لوزارة الزراعة علاقة بتطوير الميكنات وإنما هو دور وزارة التجارة والصناعة المعنية بإصلاح وتطوير المغازل المحلية لغزل القطن المحلى.

■ ما أكثر الدول المنافسة لنا فى تصدير القطن؟

- الولايات المتحدة الأمريكية والهند والصين وجزء بسيط من السودان، بدأت فى زراعة القطن طويل التيلة مع الحفاظ على القطن قصير التيلة، فى الوقت الذى عجزنا فيه عن الحفاظ على القطن طويل التيلة لأننا نمتلك شياطين فى منظومة التجارة، وتعد الهند من أكبر الدول التى تستورد القطن المصرى.

■ هل ترى أن قطن «بيما» الأمريكى الأكثر منافسة للقطن المصرى؟

- تعد الولايات المتحدة من الدول التى تدعم المزارعين، فهى تزرع القطن طويل التيلة ولكن قطن «بيما» ينافس نوعا معينا من القطن المصرى وليس الأعلى جودة، وتعتمد على الدعاية لجذب أكبر عدد من المستهلكين لشراء قطنها، فهى تبيعه داخل «بالات»، وتعلن على سبيل المثال منح «بالة» هدية لمن يشترى 3 «بالات»، والبالة الواحدة تزن 7 قناطير من القطن، لذلك فهناك وسائل دعم كثيرة لمنافسة القطن المصرى.

■ ماذا عن الممارسات الجيدة فى زراعة القطن لزيادة الإنتاجية؟

- لا نريد أن ترتفع المساحة المرتفعة من القطن مرة واحدة، فمن الممكن أن نزرع مليون فدان ولكن لا أستطيع تسويقها، لأن هناك حلقة ثانية لمنظومة القطن وهى التسويق، مصر ليست الدولة الوحيدة التى تزرع القطن، فمن الممكن أن ترتفع الإنتاجية ولكن السعر منخفض، وبذلك لن نحقق ربح السوق العالمية، لأن القطن مثل البترول والذهب سلعة عالمية، وإنتاجنا لا يتعدى 1% من الإنتاج العالمى، ونحن لا نحدد السعر وإنما نخضع للأسعار العالمية حسب المعروض على مستوى العالم، ولكن من الممكن استغلال المساحات الأخرى فى زراعة القطن الذى يصلح للمحالج المحلية.

■ ما خطة وزارة الزراعة لإصلاح منظومة القطن؟

- خطة وزارة الزراعة ترتكز على أربعة محاور رئيسية، المحور الأول استنباط أصناف جديدة، للحفاظ على الأصناف القديمة جيزة 86 و88، والأصناف الجديدة جيزة 92 و93 و94 و95 و96، ووضعت الوزارة خريطة صنفية لهذه الأصناف لتوزيعها على المحافظات، زرعنا جيزة 92 و93 فى محافظة دمياط، بجانب الصنف القديم جيزة 87، وبالنسبة للصنف 94 زرعناه فى ثلاث محافظات الشرقية والدقهلية وكفر الشيخ ومساحته هذا العام 110 آلاف فدان رغم أنه صنف جديد، والصنف 96 تمت زراعته فى المناطق الساحلية حيث زرعناه فى شمال الدلتا فى محافظة كفر الشيخ وهو صنف تصديرى من الطراز الفريد، وصنف جيزة 95 زرعناه فى محافظة بنى سويف وجزء من محافظة الفيوم هذا العام، والعام المقبل سوف نتوسع فى زراعة القطن داخل محافظات الصعيد، والمحور الثانى التوسع فى إنتاج التقاوى المنتقاة للأصناف المختلفة.

المحور الثالث تطوير محالج القطن الزهر، لمنع خلط بذرة الإكثار مع الزهر، ووزارة الزراعة تمتلك محلجى قطن، أحدهما فى «سخا» بمحافظة كفر الشيخ والآخر فى «سدس» بمحافظة بنى سويف بتكلفة 25 مليونا، مع بداية الموسم القادم سيتم حلج قطن الإكثار داخل محالج وزارة الزراعة للسيطرة الكاملة على البذور.

المحور الرابع الحملة القومية للقطن، من خلال الحقول الإرشادية داخل مزارع القطن، وعددها 166 حقلا قمنا بتوزيعها على محافظات الوجه البحرى والصعيد، هدفها إرشاد المزارع بكل صنف وتحذيره من خطورة خلط الأصناف.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية