لما كان الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين معنياً فى الأساس، ومنذ نشأته، بالتنمية الاقتصادية فى مصر ، وحل المشكلات المتراكمة التى أدت إلى عجزٍ متزايد فى الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات ، أصدر الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين دراسة وافية عن التنمية الاقتصادية فى مصر ، متضمنة برنامجاً لتشجيع الاستثمار ، وكيفية التغلب على باقى المصاعب والمعوقات.
اعتمدنا فى هذه الدراسة التى تمت بمشاركة خبراء متخصصين فى مجالاتهم، على الإحصاءات الرسمية، وتجارب الدول التى مرت بظروف كالتى تمر بها مصر ، مثل الهند - الصين - ماليزيا، وتمكنت من الخروج منها، وتحقيق التنمية المنشودة.
وهنا - ومن قبيل الإنصاف - يجب أن أشير إلى المجهودات الكبيرة التى بذلتها القيادة السياسية بمعاونة الحكومة، والخطوات الإيجابية التى تم اتخاذها بهدف الإصلاح الاقتصادى، والتى لاشك أنها ستؤتى ثمارها المرجوة قريباً، رغم آثارها الآنية الصعبة على محدودى الدخل ، تلك الآثار التى يروج لها فقط ودون غيرها ، و بمعزل عن المشهد كاملاً ، ضعاف النفوس، وقوى الشر فى الداخل والخارج. ولأن النية الصادقة ، والعمل مخلص ، فقد خابت ظنونهم ، وحاق المكر السيء بأهله ، وبدأت النجاحات تتكشف، وبدأنا فى رصد النتائج الإيجابية لإجراءات الإصلاح الاقتصادى.
المتابع للمشهد الاقتصادى يستطيع بمنتهى البساطة أن يرصد مؤشرات تدل على النجاح المستمر والتحرك نحو الهدف المنشود لاستعادة مصر مكانتها ليس فقط بين الدول العربية ولكن على مستوى العالم وسوف اتعرض بطرح مبسط لهذه الارقام الدالة على هذا التوجه.
■ انخفاض معدلات البطالة إلى نحو 11٫9% فى الربع الأخير من العام المالى 2016 - 2017.
■ زيادة احتياطى النقد الأجنبى ليصل إلى 36 مليار دولار .
■ ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى إلى نحو 5% فى الربع الأخير من العام المالى 2016-2017.
■ ارتفعت الصادرات المصرية خلال الفترة (يناير-أبريل 2017) بنسبة 14% لتسجل 7.44 مليار دولار مقابل 6.5 ملياراً فى الفترة المناظرة من 2016.
■ انخفضت الواردات خلال تلك الفترة بنسبة 30% لتصل إلى 15.9 مليار دولار مقابل 22.7 ملياراً خلال نفس الفترة من 2016.
ما تقدم ، وغيره ، كان نتاجاً لما اتخذه الرئيس وحكومته من قرارات اقتصادية مهمة ، كانت لها آثارها الإيجابية وحققت قدراً مما يصبو إليه رجال الاستثمار والصناعة فى مصر ، (ومنها، ترشيد الإنفاق الحكومى، وتشجيع المنتج المحلى، وخفض الاعتماد على الاستيراد العشوائى، وترشيد استخدام الطاقة، وتدبير الموارد المالية لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين فضلاً عن الزيارات المتكررة لدول العالم بهدف جذب الاستثمارات، وكان آخرها الصين وفيتنام).
كما تحققت العديد من الإنجازات فى الآونة الأخيرة ، نعرض منها على سبيل المثال لا الحصر:
■ استعاد الشارع المصرى الاستقرار والأمن ، وتقوم الحكومة بتنفيذ برنامج جاد للإصلاح الاقتصادى ، فضلاً عن اتخاذ خطوات ملموسة لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، وهو الأمر الذى حفز القطاع الخاص خلال الفترة الأخيرة على توجيه استثماراته إلى مصر.
■ تقوم الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة معوقات عمل القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وتضمن ذلك إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار ، وقانون الاستثمار الجديد، وتطوير منظومة خدمات الاستثمار للتيسير على المستثمرين ، كما تحرص الحكومة على تعديل قوانين المنافسة والاحتكار لتعزيز التنافسية، والعمل على تشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر .
■ تولى الحكومة أهمية كبيرة لمساهمة القطاع الخاص فى عملية التنمية، من خلال المشاركة فى تنفيذ المشروعات القومية الكبرى، وعلى رأسها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، والذى يعد من المشروعات القومية الكبرى، حيث يهدف إلى تعظيـم الاستفادة مـن الإمكانيات الهائلـة لقنـاة السـويس مـن خلال إنشـاء مركـز لوجيسـتى عالمى، وتدعيـم وتقويـة شـبكة الطـرق الرابطـة بـإقليـم قنـاة السـويس وباقـى أقاليـم الجمهوريـة خاصـة العابـرة لهـذا المحور.
■ وقامت الحكومة أيضاً ، بجهد كبير لتطوير ورفع كفاءة شبكة الطرق القومية، بالإضافة إلى تنويع مصادر توليد الطاقة ، لتشمل التوسع فى الطاقة المتجددة، إلى جانب إنشاء محطات جديدة للطاقة التقليدية .
■ بالإضافة إلى مشروع المثلث الذهبى الذى يهدف إلى إنشاء مراكز للصناعات التعدينية ومناطق سياحية عالمية، وتوفير نصف مليون فرصة عمل، بحيث يُصبح هذا المثلث منطقة عالمية جاذبة للاستثمارات ، وذلك على مساحة تقترب من 9 آلاف كم2 ، وقد أصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً ببدء تفعيل الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى ، ومقرها سفاجا .
■ تسعى مصر إلى تنمية اكتشافات الغاز العملاقة ومضاعفة إنتاج الغاز الطبيعى تدريجياً بحلول منتصف عام 2019.
■ هذا فضلاً عن مشروع ( المليون ونصف المليون فدان ) ، والذى يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية لمصر وإقامة مجتمعات عمرانية جديــدة متكاملة بهدف منع التكدس السكانى بالمناطق القديمة من الوجه البحرى وصعيد مصــــر وتوزيـــع السكان، وتوفير فرص عمل آمنة ومستقرة، وتشجيع فرص الاستثمار وفرص التنمية بالمحافظات الجديدة .
■ إلى جانب مشروع إنشاء المليون وحدة سكنية ، والذى يهدف إلى توفيـر وحدات إسكان اجتماعى للمواطنين ذوى الدخول المنخفضة فى جميع المحافظات .
■ هذا فضلاً عن تنمية الساحل الشمالى الغربى من خلال مدينة العلمين الجديدة .
■ ولا ننسى مشروع إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، الذى يهـدف إلى إنشـاء مدينـة إداريـة واقتصاديـة جديـدة فى إقليـم القاهـرة الكـبرى، تتضمـن منطقـة سـكنية، ومنطقـة تجاريـة ومناطـق خدميـة أخـرى.
■ كذلك المحطة النووية بالضبعة، التى تسـتهدف تنويـع مزيـج الطاقـة الحالى ، والـذى يعتمـد علـى نسـبة تصـل إلى 96٪ مـن الغـاز الطبيعـى والمنتجات البترولية، بحيـث يـؤدى إلى خفـض الاعتماد على هـذه المصادر والتحـول إلى الطاقـة المتجددة مـن المصادر النوويـة، ويتضمـن المشروع إنشـاء 4 مفاعلات نوويـة مـن الجيـل الثالـث المطور الـذى يتميـز بارتفاع معدلات الأمان وبسـاطة التصميـم وانخفاض التكاليـف والعمـر الافتراضى الكبيـر الـذى يصـل إلى أكثر مـن 60 عـاماً.
■ إلى جانب المركز اللوجيستى العالمى بدمياط على مساحة 3٫3 مليون م2 شمال شرق ميناء دمياط كمنطقة اقتصادية ذات طابع خاص يتم ضمها إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتقوم هيئة ميناء دمياط بإنشاء شركة استثمارية تخدِّم على المركز اللوجيستى.
■ كما تم البدء الفورى فى استكمال الدراسات التنفيذية لمشروع تنمية غرب مصر ، وتم الانتهاء من التقسيم الإدارى للمحافظات ، وصدر قرار جمهورى بتشكيل لجنة عليا لدراسة المشروعات المتعثرة ، وتم توجيه الحكومة للاستعانة بالشباب فى استراتيجية 2030 .
وحتى نستكمل المسيرة، يجب أن نؤكد أن هناك ستة عناصر يحرص المستثمر على توافرها، قبل اتخاذه قراراً بالاستثمار وهى:
■ الاستقرار السياسى والاقتصادى ومن ثم الاجتماعى.
■ حجم السوق (السوق المحلى والدول المرتبطة بالاتفاقات).
■ فرص الاستثمار .
■ تكلفة إنشاء المشروع ، وتكلفة تشغيله .
■ سهولة أداء الأعمال (مناخ الاستثمار - البيروقراطية ... الخ).
■ حوافز الاستثمار .
تتمتع مصر بنجاح تام فى البنود 3،2،1 وسنسعى جميعاً (حكومةً ومستثمرين) فى تحسين وضع مصر ، وتقييمها فى البنود 6،5،4 .
إن لدى مصر مستقبلاً اقتصادياً واعداً ، خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، كما يبلغ حجم السوق المصرى 1٫2 مليار مستهلك بسبب الاتفاقيات المبرمة مع العديد من الدول العربية والأفريقية والأوروبية.
وكل ما سبق يتطلب تحقيق مجموعة من الإجراءات العاجلة التى تمكنا من استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادى :
أولاً : القضاء على البيروقراطية : حيث أن كثرة الموافقات، وتعدد الجهات، تؤدى إلى ضياع وقت المستثمر ، وتسبب الرشوة والفساد. والمطلوب لتحقيق ذلك مجموعة من الإجراءات تتمثل فى :
■ تطبيق نظام (الشباك الواحد) كما يجب أن يكون ، دون تحريف ، أو حلول وسط ، أسوة بالدول التى سبقتنا ، وذلك تيسيراً للإجراءات ومنعاً للفساد.
■ إلغاء خطاب الضمان الذى يقدمه المستثمر، لإثبات الجدية.
■ تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المستثمرين (الشفافية والإعلان المسبق).
ثانياً : ثبات التشريعات ومن أجل الوصول لهذه الغاية لابد من إصدار القوانين واللوائح والأنظمة ، لتستمر خمس سنوات على الأقل (خطة خمسية) تتغير بتغير الوزير أو المسئول.
ثالثاً : احترام العقود والاتفاقات بين الحكومة وهيئاتها ، والمستثمر، فى جميع أركانها.
رابعاً: ضرورة وضع الصناعة المصرية على قدم المساواة مع منافسيها، لزيادة القدرة التنافسية ، وذلك من خلال رفع الأعباء المحملة على العملية الإنتاجية، التى لا يتحملها الإنتاج فى البلاد الأخرى.
خامساً : القضاء على التهريب الكلى والجزئى ، بسد منافذ التهريب ، وتغليظ العقوبات ، بحيث تكون مانعة ورادعة .
سادساً : حماية الصناعة الوطنية ، بالاستخدام الكامل لما شرعته لنا القواعد الدولية من فرض رسوم حماية وإغراق واستخدام قواعد منظمة التجارة العالمية، التى لا تحظر زيادة الرسوم الجمركية ، عندما تتعرض الصناعة لمنافسة غير متكافئة ، وكذلك الارتفاع بسقف المواصفات القياسية عند الاستيراد .
سابعاً : إنشاء مناطق حرة متكاملة : وذلك بالمفهوم العلمى ، تكون كبيرة المساحة ، والإمكانات (مشروع تنمية قناة السويس - سيناء - العلمين أو مطروح).
ثامناً : تكثيف الجهود نحو تنمية حقيقية لصعيد مصر ، نظراً للأهمية الأمنية والاستراتيجية لهذه المناطق ، فضلاً عن الأهمية الاقتصادية . وذلك بتفعيل الـ200مليون جنيه المخصصة لبعض أعمال تنمية المناطق الصناعية بالصعيد.
تاسعاً : تشجيع إقامة المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر .
عاشراً : التوسع فى الأسواق الواعدة ( أفريقيا - آسيا - أمريكا اللاتينية) من خلال اتفاقيات تبادل تجارى ، واتفاقيات جمركية ، تمكن البضائع المصرية من النفاذ إلى تلك الأسواق ، أسوة ببلاد نجحت فى ذلك ، مثل تركيا ، الاتحاد الأوروبى ، وغيرهم . ولدى الاتحاد دراسة عن وضع كل بلد ، والمطلوب من الحكومة السعى للوصول إليها .
وأود التأكيد على أن الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين لا ينسى حجم العطاء الذى قدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، لانتشال مصر والخروج بها من قبضة الضياع التى كانت تحاك بها، و لرفع قدراتها الاقتصادية، ومن ثم السياسية .
إن الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين ، يثمن جهد الحكومة، ويجدد الثقة فيها ، ويدعوها لمواصلة العطاء ، باستكمال الإجراءات الإصلاحية .
مؤكدين على أننا فى الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، نقف خلف الرئيس وحكومته، داعمين ومساندين ليس بالعاطفة فقط ، وإنما بالمشاركة، لتحقيق أهداف مصر، وما تصبو إليه .
وإننا ندعو جميع المصريين إلى بث روح التفاؤل والثقة فى الاقتصاد المصرى ، والعمل بروح الفريق الواحد، وإيثار الوطن عما سواه، والتحلى بالصبر حتى تؤتى الجهود ثمارها المرجوة منها قريباً.
محمد فريد
رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين