في أيام معدودة، تمكنت أغنية واحدة من جذب انتباه ملايين السائحين إلى تلك الجزيرة الصغيرة الفقيرة الغنية بالمناطق الطبيعية والمياه الصافية والمناخ المعتدل.
وبصدفة قدرية لانتشال هذه البلدة من الأزمة الاقتصادية، تمكنت أغنية «ديسباسيتو» من رفع إيرادات قطاع السياحة في الجزيرة «بورتوريكو»، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد ضرب إعصار «ماريا» الجزيرة محدثا خسائر فادحة.
وتتحدث السلطات عن إمكانية إنهيار أحد السدود مهددا الجزيرة كلها بالغرق، فيما رآه البعض أنها سنة الطبيعة ورأى أخرون أنه حسد أصاب الجزيرة بعد انتشار أخبار الازدهار بها بسبب أغنية لما تكلفهم شيئا.
مكاسب ديسباسيتو
وحسب موقع «دويتش فيله» نقلا عن موقع «هوتيلز»، الذي يوفر خدمة حجز غرف الفنادق حول العالم عبر الإنترنت، فإن عمليات البحث عن السفر إلى جزيرة بورتوريكو، حققت قفزة هائلة خلال الأشهر اللذين أعقبت صدور النسخة المعدلة من الأغنية، إذ وصلت نسبة الزيادة إلى 45% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، فقد حققت الأغنية الرسمية على اليوتيوب ما يقارب الـ4 مليارات مشاهدة، علاوة عن النسخ المعدلة لها، واجتاحت العالم متجاوزة حدود اللغات لتصبح بذلك الأكثر مشاهدة على الانترنت والأكثر بثا على الإنترنت في التاريخ.
حققت الأغنية الإسبانية Despacito للمغنيين لويس فونسي، ودادي يانكي نجاحا سريعا، إلا أن الفرقة أخذت طريقها إلى العالمية بشكل فعلي عندما أعيد توزيع الأغنية في نسخة إنكليزية بمشاركة المغني الأمريكي جاستن بيبر في أبريل 2017.
وأفادت المواقع الإلكترونية الأخرى الشيء ذاته، إذ قالت متحدثة باسم موقع «تريب أدفايزر» الأمريكي للسياحة وحجز الفنادق في تصريح للنسخة الأمريكية من «هاف بوست» إن عدد مشاهدات صفحة بورتريكو على الموقع ارتفع بنسبة 24% بين 17 أبريل و17 يونيو من نفس العام.
كما ارتفع عدد مشاهدات الجزيرة (مكان تصوير فيديو كليب الأغنية) بنسبة 10% على موقع «إكسبيديا» الأمريكي للسفر والسياحة.
وعانت بورتوريكو في نفس هذا الوقت من العام الماضي من وباء زيكا، الذي بلغ ذروته في الانتشار خلال أغسطس، ما أثار مخاوف السياح من التوجه إليها.
ووفقا لتحليل صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فإن الاهتمام بزيارة الجزيرة غير مرتبط بالضرورة برواج الأغنية إذ لم يتغير معدل إشغال الفنادق في بورتوريكو، في الفترة من فبراير وحتى مايو من 2017 بحسب الصحيفة، التي نقل عنها موقع «روسيا اليوم».
خسائر ماريا
لكن في ساعات قليلة تمكن الإعصار ماريا من تدمير جميع المكاسب التي حصد تها الجزيرة في الأشهر الأخيرة، فقد تسبب إعصار ماريا في دمار كامل لشبكات الكهرباء في جزيرة بورتوريكو، ليغرق 3.5 ملوين شخص في الظلام، بحسب مسؤولين في إدارة الطوارئ.
وقتل 15 شخصا على الأقل في بورتوريكو جراء مرور الإعصار.
وتجتاح «فيضانات كارثية» كانت تجتاح أجزاء من الجزيرة حاليا، حيث يسعى مسؤولو الطوارئ في بويرتوريكو، السبت، لإجلاء عشرات الآلاف من السكان من واد أسفل سد في شمال غرب الجزيرة مهدد بالانهيار جراء الفيضانات الناجمة عن الإعصار ماريا.
يبلغ عدد جزيرة بورتوريكو والجزر الأصغر التابعة لها قرابة 3.5 ملايين شخص، وتزيد مساحتها على تسعة آلاف كيلومتر مربع، وبين القرنين الـ15 والـ19 خضعت بورتوريكو للحكم الإسباني، وعقب انتهاء الحرب الإسبانية الأمريكية، أصبحت الجزيرة تابعة للولايات المتحدة منذ عام 1898.
يحمل سكان بورتوريكو، والتي يعني اسمها بالإسبانية الميناء الثري، الجنسية الأمريكية إلا أنهم لا يصوتون في الانتخابات الرئاسية، كما أن ممثلهم في الكونجرس لا يملك صوتا داخل مجلس النواب.
وظلت الجزيرة حتى عام 1952 تحت ولاية الكونجرس بالكامل إلى أن تم إقرار دستور للجزيرة وتم انتخاب أول حاكم لها في يوليو من ذلك العام.
في استفتاء جرى في يونيو الماضي أعرب أكثر من 97% من سكان الجزيرة عن رغبتهم في التحول إلى الولاية الأمريكية رقم 51، يبلغ متوسط دخل الفرد في بورتوريكو أكثر من 38 ألف دولار في العام، وتحتل بذلك المرتبة رقم 47 عالميا، تزدهر صناعة العقاقير الطبية والإلكترونيات في بورتوريكو وتنمو فيها بوفرة محاصيل قصب السكر والقهوة.