«أتسمعني الآن؟» أو Can you hear me now?.. شعار رفعه ليس فقط طلبة الجامعة الأمريكية في بيروت AUB احتجاجًا على الانتقادات التي تعرضت لها إحدى الطالبات من أستاذها بسبب ارتدائها الحجاب، وإنما رفعه أيضًا عدد من مستخدمي موقعي «فيس بوك» و«تويتر» في واقعة لا يزال التحقيق فيها مستمرًا.
صاحبة الواقعة تدعى مريم الدجاني، طالبة بالجامعة الأمريكية في لبنان، قالت إنها تعرضت لـ«رد عنصري» من قبل الأستاذ سمير خلف، الذي كان يحاضر في علم الاجتماع، عندما طلبت منه أن يعيد جملته الأخيرة.
وتحكي «الدجاني»، في صفحتها الشخصية على «فيس بوك»، 19 سبتمبر الجاري: «أنا طالبة في الجامعة الأمريكية في بيروت منذ فصلين فقط، ومررت بالأمس بتجربة مسيئة جدًا إثر ملاحظات عنصرية ومسيئة تتعلق بالحجاب الذي أرتديه وجهها إلى أستاذ السوسيولوجيا، الدكتور سمير خلف».
وتقول: «أرتدي الحجاب كما هي حال آلاف الفتيات في جامعة الـAUB، هذه الجامعة التي تنادي بالتنوع وحرية التعبير، وها أنا اليوم أتعرض إلى هجوم كلامي من أستاذ جامعي من المفترض أن يكون أستاذ علم الاجتماع وقدوة لطلابه، كان الدكتور خلف يعطي محاضرته عندما استوقفته بكل أدب طالبة منه أن يعيد ما قاله في الأخير، ولكن صعقت عندما استشاط غيظًا وصرخ في وجهي قائلا: لا تستطعين أن تسمعيني لأن هذا الوشاح (غطاء الرأس) الغبي يغطي أذنيك. لذلك، إن نزعت هذا الحجاب ستتمكنين من سماعي بوضوح».
وتضيف الطالبة: «ردة فعل الدكتور خلف تكون مغايرة عندما يطلب منه الطلاب الآخرون تكرار ما قاله، وعندما أجبته بأن هذا رأيه الشخصي ولا يحق له التهجم على، فما كان منه إلا أن يقول لي إنه لا يتهجم على بل يتهجم علينا، أي كل المحجبات بالمجمل، ولم يكتف بذلك لا بل أخذ يسألني بعد نهاية الحصة عن المدرسة التي ارتادتها، ثم سألني عما إذا كانت أمي محجبة وكأنه لم ير فتاة محجبة من قبل».
وتابعت: «لكم ذهلت عندما اكتشفت أن هذا الأستاذ كان رئيس قسم علم الاجتماع لمدة 6 سنوات في هذه الجامعة، ما جعلني أسأل نفسي، سواء كنت أريد مواصلة دراستي في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا الذي يتسم بتقبل وفهم الغير، إن موقف هذا الأستاذ الجامعي القدير مقزز ومثير للاشمئزاز وغير مقبول، إن تصرفه بمثابة تحرش معنوي وهو بلا شك مخجل ويخالف كل قواعد السلوك في أي مؤسسة تعليمية، بما بالك إن كانت هذه المؤسسة جامعة الـAUB».
بعد رسالة مريم المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية، خرج رئيس الجامعة، د. فاضلو خوري، بيان في 20 سبتمبر قال فيه: «إن AUB تأخذ جميع الادعاءات المتعلقة بالتحرش والتمييز على محمل الجد، وكانت الإدارة قد تناولت الحادث قبل نشره على فيس بوك».
وأكدت الجامعة أن «المسألة الآن قيد التعامل بالتنسيق مع الطالب المعني، وبسرية، استنادًا إلى القوانين والإجراءات المرعيّة في الجامعة».
My message to the @AUB_Lebanon community about our commitment to foster tolerance and respect for diversity. https://t.co/ARQhUHQo54
— Dr. Fadlo Khuri (@DrFadloKhuri) September 20, 2017
يشار إلى أن سمير خلف، ولد في بيروت عام 1933، ويعمل أستاذًا لعلم الاجتماع ومدير مركز البحوث السلوكية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكتب عددًا من المقالات والكتب كان آخرها «من وقت إلى آخر»، وكرمته الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2014.
ويقول عنه الأديب إلياس خوري إن خلف اعتنق الأفكار الليبرالية التي اعتنقها مؤسسو الجامعة على غرار دانيال بلس في فترة انتشرت فيها الأفكار الليبرالية والراديكالية في العالم ولبنان وفي الجامعة الأمريكية. وقال: «حتى إن سمير خلف دعا الأستاذ صادق جلال العظم، الذي رفضت إدارة الجامعة آنذاك أفكاره وخصوصا كتابه (نقد الفكر الديني) وأقالته من منصبه، إلى الحضور إلى الجامعة والمشاركة في صف من صفوف الدكتور خلف تحديا لهذا القرار، ولإيمان خلف بأنه لا يجوز التخلي عن أستاذ ناجح ومميز بسبب أفكاره ومواقفه»، بينما أكد وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الأمريكية، الدكتور أحمد دلال، خلال حفل التكريم، أن البروفسور «خلف يعتبر مرجعًا أساسيًا في شؤون الشرق الأوسط الحضارية والفكرية، ومن الصعب تحديد أفضل جوانب نتاجه المتنوع وأفضل ما في كتبه ومقالاته».
ووجدت هذه الواقعة صدى كبيرا داخل الجامعة، حيث تظاهر طلاب الجامعة احتجاجًا ورفضًا للعنصرية، حاملين لافتات مدونا عليها: «لم التخلف»، و«حجابك أغلي من دمي»، وعلقت الطالبة مريم الدجاني: «بفضل تعاطف جميع الطلاب، الزملاء والزميلات الذي تمثل في المظاهرة وفي دعمهم لي معنويًا بالاتصالات الهاتفية والتواصل الاجتماعي استطعت أن أجعل صوتي مسموعًا، ومن خلاله عبر جميع الطلاب عن استنكارهم الشديد لسلوك الأستاذ، وعن تأكيدهم لنبذ التمييز ومطالبتهم باحترام الاختلاف، فنحن في صرح جامعي نتعلم فيه قبل كل شيء قبول الآخر والتعارف واحترام الاختلاف دون تمييز».
وأكدت «الدجاني»: «الأمر لم يعد مسألة شخصية، بل قضية عامة تمس جميع المحجبات وكل امرأة، بل كل شخص حر له الحق في أن يكون كما يريد وأن يرتدي ما يريد. فلكل إنسان الحق بأن يعبر عن نفسه وعن هويته دون أن يحقر أو يهان». وعلى وسائل التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، قال حساب محمود: «مريم فخر للإنسانية أيها الجاهل»، وذكرت زهرة: «درس في احترام التعددية والقبول بالآخر شابو لبنان حجابك الغبي يسد أذنيك.. عنصرية دوت بأعرق جامعات لبنان».