التقى سامح شكرى، وزير الخارجية، ونظيره الإثيوبى ورقيناه جيبيو، على هامش اجتماعات الجمعية، بعد ساعات من كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى تطرق خلالها الى قضية سد النهضة، ووجه جيبيو الدعوة لـ«شكرى» لزيارة بلاده خلال الأسابيع المقبلة.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة، إنه لم يتم الاتفاق بين القاهرة وأديس أبابا، على موعد معين للزيارة.
وأوضح المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن لقاء شكرى والوزير الإثيوبى، تناول المحادثات الفنية الخاصة بسد النهضة، وأعرب شكرى عن قلق مصر البالغ من الجمود الذى يعترى عمل اللجنة الفنية الثلاثية نتيجة عدم حسم بعض الجوانب الخاصة بالتقرير الاستهلالى للمكتب الاستشارى، بما يؤدى إلى تعطيل البدء فى إعداد الدراسات الخاصة بالآثار المحتملة لسد النهضة على دولتى المصب، مؤكدًا ضرورة عقد اجتماع عاجل للجنة الفنية الثلاثية على المستوى الوزارى لحسم تلك النقاط وإطلاق الدراسات فى أسرع وقت التزامًا بالإطار الزمنى المحدد من قِبل اتفاق إعلان المبادئ.
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الإثيوبى على التزام بلاده الكامل باتفاق المبادئ الثلاثى، معتبرًا أن الاتفاق يمثل خارطة الطريق للتعاون بين الدول الثلاث، كما أكد تفهمه الكامل لدواعى القلق المصرى فى هذا الشأن.
وقال خبراء مياه، إن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضمنت الموقف المصرى من سد النهضة الإثيوبى، لتوضيح الصورة أمام الرأى العام العالمى، استعداداً للتصعيد أمام إثيوبيا، خصوصاً مع وضوح عدم جدوى التفاوض معها حول قواعد ملء الخزان وإدارة السد بعد التشغيل، لافتين إلى أن الكلمة أوضحت التزام مصر بقواعد القانون الدولى واستخدام الأنهار المشتركة.
وأكد الدكتور عباس شراقى، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية جامعة القاهرة، أن كلمة الرئيس حول مفاوضات سد النهضة تستهدف لفت انتباه العالم للمشروع والتزام مصر بالأعراف الدولية وبخيار التفاوض إلى أقصى حد، وبالمبادئ الدولية، وأنه لا يجب تشغيل السد فى أى مرحلة إلا بعد الاتفاق مع مصر والسودان، مشدداً على أن كلمة الرئيس تعد رسالة بضرورة احترام إثيوبيا للمفاوضات، وتطبيق البند الخامس من اتفاق المبادئ الذى وقعه قادة الدول الثلاث.
وقال «شراقى»، لـ«المصرى اليوم»، إن القاهرة استنفدت كل الطرق، وصبرت على الموقف الإثيوبى، مشيراً إلى أن التصعيد الدولى وشيك وسيتم إطلاقه رسمياً مع الافتتاح الجزئى للسد الإثيوبى، حيث سيبدأ الصدام السياسى المباشر مع أديس أبابا، وسيتم الاستناد إلى ما ذكره الرئيس من التزام مصر باحترام المبادئ الدولية.
وأشار إلى أن الاجتماع الأخير للجنة الفنية للسد فى مدينة عطبرة السودانية، دليل على أن مواصلة الاجتماعات الخاصة بالسد أصبحت غير مجدية، وأن الحل ليس فى المفاوضات الحالية ولكنه فى تطبيق البند الخامس من اتفاق المبادئ الذى ينص على ضرورة وجود اتفاق ثلاثى على قوعد ملء خزان السد والتعاون فى الملء الأول وإدارة السد نفسه.
ولفت شراقى، إلى أن ذلك يتم من خلال اعتماد آلية وتفعيلها من خلال تشكيل لجنة فنية دائمة مقر عملها السد، والغرض من تشكيلها التنسيق بين الدول الثلاث فى تشغيله بما فيه مصلحة الدول الثلاث، رغم أن إثيوبيا لن تنفذ ذلك بسهولة، موضحاً أن كلمة الرئيس فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول السد هى تأكيد على التزام مصر بمبادئ القانون الدولى وقواعد التفاوض، وللمطالبة بتحمل المسؤولية وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ويعود ذلك لإحساس الرئيس بأن مصر قد تحتاج الرأى العام العالمى قريباً إذا ما أخلت إثيوبيا بالاتفاقات وكأنه يشهد العالم على الالتزام المصرى طوال السنوات الماضية.
وقال الدكتور خالد أبوزيد، الأمين العام للشراكة المائية المصرية، إن كلمة الرئيس حول رؤية مصر لإدارة ملف سد النهضة، هى رسالة لزعماء العالم بضرورة وضع النقاط فوق الحروف استعداداً للمرحلة المقبلة التى يجب أن تشهد الاتفاق حول الآثار المترتبة على السد.
وأضاف أبوزيد، لـ«المصرى اليوم»، أن المرحلة التالية يجب أن يتم فيها اعتماد سبل التعاون المشترك بين الدول الثلاث للتقليل من الآثار السلبية للمشروع وإنشاء آلية ثلاثية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، لتشغيل السد والسدود الأخرى بين الدول الثلاث للتقليل من أى آثار سلبية لها.
وتابع، أن ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسى يوضح هذه الأهداف أمام المجتمع الدولى حتى تلتزم كل دولة بتعهداتها تجاه الاتفاق الثلاثى أمام العالم وأمام شعوبه، مشيراً إلى أن الكلمة هى رسالة للتأكيد على الموقف المصرى المتسق مع المعايير والمبادئ الدولية لاستخدامات الأنهار المشتركة، وإيصال رسالة واضحة وصريحة بأن مصر لا تقف ضد التنمية وأن رسالة القاهرة للعالم بأن أى سد يجب ألا يتسبب فى الإضرار بالمصالح المائية لمصر باعتبارها دولة مصب، وأن النيل هو المصدر الأساسى لمواردها، وهو ما يتسق مع المبادئ والقواعد الدولية المعنية بالأنهار المشتركة.
وأشار الخبير الدولى فى المياه، إلى أن الكلمة هى توجه سليم لتعريف العالم بالموقف الرسمى لمصر من سد النهضة، خصوصًا فى ظل بعض التصريحات من بعض الدول التى تتغنى بأن مصر ضد التنمية فى أعالى النيل وضد التعاون وأنها تستأثر بمياه النيل وحدها وهو كلام عار تماماً عن الصحة، موضحاً أن كلمة الرئيس رسالة للتأكيد على أن مصر سارت فى طريق المفاوضات، وفقا للأعراف والمبادئ الدولية.