اختلفت القوى السياسية وناشطو المجتمع المدنى حول التصويت لصالح التعديلات الدستورية أو رفضها فى استفتاء السبت المقبل، فيما أجمعوا على ضرورة مشاركة الجميع من المعترضين أو المؤيدين فى الاستفتاء. وقدم كل فريق عددا من المبررات، تراوحت بين ضرورة إنكار المصالح الخاصة فى الوقت الحالى والنظر إلى مصلحة البلد بأكمله لأن الجدول الزمنى الذى أعلنه الجيش يحتم على المصريين الإسراع بالاختيار، فى مقابل دعوات لاستكمال طريق الثورة وسن دستور جديد بدلا من «ترقيع» دستور 1971 - حسب وصفهم - يستمد شرعيته من الثورة، واستنكر بعضهم خطاب التخويف من مصير الرفض، وأن الدستور القديم يكرس سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية وهو ما يتنافى مع مبادئ ثورة يناير.
فى هذا الإطار قال «خالد على»، المحامى، مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إن مؤيدى التعديلات يبررون موقفهم بزعم «الاستقرار»، مشيرا إلى أن الاستقرار يحدث عندما تكون هناك إرادة حقيقية لتحقيق العدالة الاجتماعية، مطالبا بحوار مجتمعى من كل الفئات والطبقات حول التعديلات الدستورية.
وطالب «خالد» فى الندوة التى نظمتها كنيسة الإيمان الإنجيلية بشبرا مساء أمس الأول الثلاثاء، بحوار مجتمعى من كل الفئات والطبقات حول التعديلات الدستورية، مشيرا إلى أن رفض المادة الثانية من الدستور ليس رفضا للشريعة الإسلامية أو كرها فى دين، لكنه رفض للدولة الدينية.
وأبدى «خالد» تحفظه على نص تعديل المادة 75 فى كونها لا تسمح لمرشح الرئاسة بازدواجية جنسيته، معتبرا ذلك يخالف مبدأى الحرية الشخصية وتكافؤ الفرص والمساواة.
من جانبه، قال الدكتور عصام عبدالله، أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس، إن المواد المطروحة للتعديلات طالب بها الرئيس السابق «مبارك» وهذا كفيل برفضها. مؤكدا أن «الثورة نجحت وأسقطت النظام السابق برموزه وسياساته ودستوره، وبالتالى يجب العمل على سن دستور جديد فى ظل الشرعية الثورية، فالكلمة يجب أن تكون للشعب».
وفى سياق الرافضين التعديلات، أعلن تحالف المنظمات النسوية رفضه التعديلات الدستورية المقترحة لما تمثله من محاولة لإحياء دستور 1971 الذى سقط بسقوط النظام لتحل الشرعية الثورية محل الشرعية الدستورية.
وذكر بيان صحفى أصدرته 15 جمعية نسائية أمس أن التعديلات المقترحة تعد التفافا على مطالب الثورة، وتُدخل البلاد فى مرحلة من عدم الاستقرار السياسى. ولفت البيان إلى أن هذه التعديلات لا تضمن انتقالا سلسا للسلطة المدنية بقدر تكريسها للسلطة المطلقة لرئيس الجمهورية القادم، بما يؤدى إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسى. فيما طالب «ائتلاف شباب الثورة» المواطنين بالذهاب إلى صناديق الاقتراع والتصويت برفض التعديلات، تأكيدا على تحقيق جميع مطالب الثورة. وأشار الائتلاف فى بيان صحفى أمس إلى أهمية إطلاق إعلان دستورى مؤقت بدلا من ترقيع الدستور الحالى.
وبررت جورجيت قللينى العضو السابق لمجلس الشعب رفضها التعديلات الدستورية بالقول: «سن دستور جديد يتلاءم مع ما حققته مصر بعد الثورة»، مستنكرة الطريقة المتعجلة التى وافق بها الحزب الوطنى وجماعة الإخوان المسلمين على التعديلات.
وأشارت قللينى فى ندوة أقامتها كنيسة السيدة العذراء بالزيتون مساء أمس الأول، إلى أن مثل هذا الاستعجال يهدر حقوق شباب الثورة والاغلبية الصامتة التى لم تتمكن من تنظيم نفسها فى كيانات سياسية وتنظيمية تعمل فى الشارع.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور عمرو حمزاوى، كبير الباحثين بمعهد كارنيجى للسلام الدولى، إن آلية التعديل الدستورى تحمل مجموعة من الأخطاء، كونها تمثل التفافا على مطالب الثورة، وأبدى «حمزاوى» تحفظه على خطاب التخويف الموجه لمن يقول «لا» للتعديلات، موضحاً أن الخطاب يتشابه مع خطاب النظام السابق فى أيامه الأخيرة الذى كان يجبر المواطن على الذهاب فى اتجاه معين تحت ادعاءات زائفة بحدوث الفوضى.
وتساءل حمزاوى، فى ندوة «الأحزاب الجديدة فى مصر وتحديات المرحلة الانتقالية»، التى عقدت بالجامعة الأمريكية مساء أمس الأول، عن كيفية إسقاط نظام بعد الثورة ما لم يسقط الدستور الذى كان يخدم ذلك النظام.
كما اعترض حمزاوى على آلية الاستفتاء؛ وهى أن المواطن سيصوت على المواد فى صورة تجميعية، ولا يوجد حق الاختيار للمواطن بأن يوافق على بعض المواد أو يرفض البعض الآخر، مؤكداً أنه حتى الآن لم نقرأ النصوص النهائية للتعديلات الدستورية.
وفى الجهة المقابلة، قال الدكتور عصام العريان، المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين، إن الدستور لم يسقط بعد الثورة ولكنه معلق بقرار من الجيش الذى أصبح شريكا فى الثورة - على حد قوله - مضيفاً أنه لا يوجد من يتحدث باسم الثورة ولكننا بصدد جدول زمنى معين يحتم علينا «إنكار الذات والمصلحة الخاصة» والنظر إلى البلد بأكمله. وأكد العريان فى ندوة الجامعة الأمريكية أن جماعة الإخوان لا تريد نظاما يتضمن حزباً يحصل على «أغلبية مطلقة»، مشيراً إلى رغبة «الإخوان» فى تبنى خريطة سياسية قوية يقوم فيها الإخوان بدور سياسى قوى. ومن جانبه، قال أبوالعلا ماضى، مؤسس حزب «الوسط»، إن الحزب يوافق على التعديلات رغم وجود بعض التقصير، ولكننا نشعر بالسعادة لأن نتائج الاستفتاء «ليست معروفة مسبقاً».