x

«زياد بكير».. شهيد «جمعة الغضب» عثرت عليه أسرته بعد 42 يوماً فى مشرحة زينهم

الأربعاء 16-03-2011 16:46 | كتب: سامي عبد الراضي |
تصوير : اخبار


ظل الأمل يراود أسرة الشاب زياد أحمد بكير طويلا.. بقيت أسرته 42 يوما كاملا وهى تطرق باب المستشفيات وأقسام الشرطة والمشرحة.. 42 يوما وأطفاله الثلاثة لا يتوقفون عن سؤال والدتهم: «ماما.. بابا راجع امتى؟.. هو فين يا ماما؟..».. السؤال يمتد إلى جدهم: «هو حضرتك عرفت بابا قاعد فين؟»، كانوا يقولونها لجدهم حينما يعود منهكا من رحلة بحث يومية لم تتوقف منذ «جمعة الغضب» 28 يناير التى حصدت أرواح شهداء وسالت دماؤهم فى أماكن متفرقة وتلقت صدورهم العارية رصاصاً حياً ومطاطياً واستقبلت أعينهم واستنشقت أنوفهم معه قنابل مسيلة للدموع.


اليوم الـ43 كان معلناً لنهاية البحث.. ومعلنا لبدء «فقدان الأمل» وتأكدت الأسرة أن زياد «المفقود» بات شهيدا.. «الأمل» الذى كانت تبحث عنه الزوجة والأبناء الصغار: حبيبة «11 سنة»، وأدهم «9 سنوات» وأحمد «6 سنوات» ها هو يتبدد.. «الأمنية» التى كان ينتظرها الأب والأم بالعثور على «زياد» فى مستشفى أو فى معتقل باتت «حسرة».. «لهفة» الشقيقين سيف الدين وميريت تحولت إلى حزن وانكسار وطعنة فى قلبيهما.. لكن كلمة «شهيد» كانت أكبر من كلمات «الأمنية واللهفة والحزن».. كلمة شهيد وضعت «بردا وسلاما» على قلوب الأسرة.. لكنها خلفت سؤالا لدى الأطفال الثلاثة: «من الذى غيب عنا أبانا؟.. من أطلق عليه الرصاص؟.. من نقله إلى المشرحة؟.. لماذا سالت دماؤه هكذا؟».. ربما يجدون إجابة من خلال متابعة لصحيفة أو برنامج «توك شو» أن شباب مصر «الورد اللى فتحّ فى جناين مصر» دفع حياته ثمنا للحرية.. ربما تكون تلك الإجابة معلومة الآن لديهم.. لكنها ستكون واضحة قوية بعد سنوات.. ستكون وساما على صدورهم.


«زياد» شاب مصرى 37 سنة.. هو كبير مصممى الجرافيك فى دار الأوبرا المصرية - الكلام على لسان والده - خرج يوم جمعة الغضب عقب صلاة الجمعة.. قبلها بأيام.. حضر ومعه زوجته وأطفاله الثلاثة إلى منزل الأسرة.. ربما كان قلبه «حاسس» وأراد أن يطمئن على مستقبل أولاده إلى جوار والديه.. كانت الاتصالات «مقطوعة».. ولم تتمكن الأسرة من التواصل مع زياد.. وتابعوا من خلال الفضائيات ما يحدث.. وارتعشت القلوب ووقف الجميع ينتظر اتصالا من «زياد» على هاتف المنزل ولم يحدث.. كان الوضع منفلتا فى ذلك اليوم واليوم الذى تلاه.. لا أمن ولا أمان وانسحبت الشرطة وأصبحت القاهرة «مولد كبير».. بدأت رحلة البحث فى المستشفيات والأقسام - التى لم تحترق والتى كان بها ضباط - والنتيجة «صفر».. لكن الأمل كان موجوداً.. الرحلة تكررت فى جميع المستشفيات والأقسام والمشرحة وفى المعتقلات.. والنتيجة كما هى.


فى اليوم الـ43 جاء اتصال من زوجة الشهيد طارق عبداللطيف: «أنا زوجة الشهيد طارق.. ووجدته فى مشرحة زينهم تحت اسم مختلف وأنصحكم بالذهاب إلى المشرحة.. توجهنا إلى هناك.. لم نستطع التعرف على الجثة.. تاهت المعالم.. لكن هذا جسد ابنى.. هو فى نفس الجسم.. لكننى منَّيت النفس ألا يكون هو.. وأجرينا تحليل DNA وكانت النتيجة (صادمة).. وتأكدت أن ابنى دفع حياته ثمنا للحرية.. صدره العارى استقبل رصاصة غدر وهو يقول وزملاؤه: سلمية.. سلمية».


عصر الأحد الماضى احتشد الآف داخل مسجد عمر مكرم للصلاة على الشهيد وردد المصلون الذين اكتظت بهم المنطقة المحيطة بالمسجد هتافات لتحية الشهيد وطالبوا بالقصاص من القتلة ومن عاونهم. وردد البعض الآخر هتافات مطالبة بالقصاص من الرئيس السابق ودوت الأصوات الثائرة والهتافات الغاضبة من داخل المسجد.. وهى تهتف: «دمهم مش هيروح هدر».. بينما كان أبناء زياد الثلاثة يقفون فى ذهول ودموعهم فى أعينهم يتابعون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية