نشرت جريدة «المقطم»- التي كانت موالية للاحتلال الإنجليزى لمصر- نص التماس تقدم به زعيم الثورة العرابية، الذي صرح به لأحد المراسلين البريطانيين عندما أجرى معه حوارا في منفاه في جزيرة سيلان.
وقد بدأ عرابى الحديث بإسباغ الثناء على إنجلترا وإصلاحاتها في مصر، وأن هذه الإصلاحات كانت عين ما طالب به وقال: «إننى أبغى أن أموت في بلادى بين أهلى وخلانى وأشتهى أن أرى مصر والذين أحبهم قبل دنو أجلى،فإذا أذنت لى إنجلترا في الذهاب إلى مصر فإننى أذهب كصديق لا عدو مقاوم، وأقسم بشرفى أننى لا أتصدى للسياسة بوجه من الوجوه، هذا ما أسأله من أمتكم العظيمة التي عاملتنى بالرفق والشفقة».
لقد كانت مثل هذه الأحاديث لعرابى من منفاه كفيلة بهز صورته الوطنية الخالدة في وجدان المصريين آنذاك حتى إن الشاب الوطنى الصاعد آنذاك، الزعيم مصطفى كامل، قد ناصبه عداء صريحا بعد عودته، ولعلنا هنا نستحضر مطلع قصيدة أمير الشعراء، أحمد شوقى، الذي قال في عرابى إثر عودته من المنفى: «صغار في الذهاب وفى الإياب.. أهذا كل شأنك يا عرابى؟».
لقد عاد عرابى من المنفى ومعه شجيرات مانجو فكان بذلك أول من أدخل المانجو إلى مصر. هذا هو أحمد عرابى المولود في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية في أول أبريل من عام ١٨٤١ وتوفى في مصر «زي النهارده» فى ٢١ سبتمبر ١٩١١ عن ٧١ عاما واسمه كاملا أحمد الحسينى عرابى، وهو قائد الثورة العرابية ضد الخديو توفيق.
وطالب عرابى بترقية الضباط المصريين وعزل رياض باشا وزيادة عدد الجيش المصرى، كان ذلك في يوم ٩ سبتمبر ١٨٨١ وقد رضخ توفيق وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وجاءت وزارة شريف باشا وتأزمت الأمور،وتقدم شريف باشا وتشكلت حكومة محمود سامى البارودى، وشغل عرابى فيها منصب «وزير الجهادية»- الدفاع- وقوبلت وزارة البارودى بالارتياح غير أنها تعثرت واستقال البارودى استقالته.
ثم وقعت مذبحة الإسكندرية في ١٨٨٢ وفى ٧ يوليو كانت الحكومة المصرية قد نصبت بعض المدافع على قلعة الإسكندرية،فاعتبرت بريطانيا هذا عملا عدائيا ضدها وضرب الإنجليز الإسكندرية يوم ١٢ يوليو ١٨٨٢ وتحصن «عرابى» عند كفر الدوار إلى أن حدثت موقعة التل الكبير في ١٣ سبتمبر ١٨٨٢حيث فاجأ الإنجليز القوات المصرية التي كانت نائمة وألقى القبض على أحمد عرابى قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكرى حسب اعترافه وكان ذلك بداية الاحتلال البريطانى لمصر الذي دام ٧٢ عاماً.