من الصعب على من يعتاد الإنفاق ببذخ أن يقتصد، ومن الأصعب على من اعتاد المكسب السريع والوفير أن يرضى بجنيهات قليلة، لكن لم يكن الأمر صعباً على «محمد على - 46 عاماً» من الإسماعيلية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحلال والحرام. كان محمد تاجر مخدرات قبل أن يتوب إلى الله ويترك هذا الطريق، فبعد خروجه من السجن بعد قضاء عقوبة 10 سنوات، قرر محمد أن يتوب عن المال الحرام، وأن يبحث عن عمل يتيح له الإنفاق على زوجته وأولاده الثلاثة بالحلال.
كانت فرحة «محمد» التى لم تكتمل، عندما ساعده بعض ضباط الشرطة الذين يعرفون تاريخه على الحصول على كشك لبيع السجائر والحلوى فى حى الثلاثين بموقف الفردوس فى محافظة الإسماعيلية، لكن لسوء حظه تم نقل الكشك - بعد ثلاث سنوات من العمل فيه - من وسط السوق إلى جوار المقابر، ووسط أكوام من القمامة التى تحاصرها: «بعد ما رئيس المباحث ساعدنى فى الحصول على ترخيص الكشك عشت فى حالى 3 سنين عشان أبيع فيه وكان مكانه جنب المول فى سوق المنطقة، وفجأة جاءوا وشالونى من مكانى ببلدوزر تابع للمحافظة وحطونى فى خرابة جنب المقابر وسط الزبالة».
محمد الذى حوَّل الكشك إلى كرفان بتكلفة 5000 جنيه لبيع السجائر والحلوى والمرطبات، تحت ترخيص رقم 242 مأمورية الإسماعيلية، ويمتلك بطاقة ضريبية تحت رقم 426 - 1515 - 347 بجوار المقابر، رفض الوقوف فى المكان الجديد: «ذهبت للمحافظة وطلبت النقل فمضى لى المحافظ عبدالجليل الفخرانى بعدم الموافقة وده عشان ماعييش واسطة وأنا مريض بالصرع وكل ما أتمناه هو نظرة عطف من المسؤولين لوضع الكشك الذى أنفق منه على أسرة مكونة من 5 أفراد فى منطقة تصلح للتعامل التجارى، بدلاً من هذا المكان الذى لا يمر فيه زبائن وكل اللى موجود فيه هو المقابر والزبالة من كل جنب». محمد لا يريد أن يضيق الرزق أمامه حتى لا يفكر فى العودة إلى الطريق القديم: «أنا مش عارف ليه هم حطونى فى مكان مالوش أى صفة وكل ده بسبب رئيس الحى ومهندس الإشغالات اللى رفضوا الطلب اللى قدمته ومشعارف هم ليه عملوا كده هم يظهر عايزينى أرجع للحرام تانى»، كل ما يتمناه محمد هو مكان نظيف للكرفان حتى يرتزق منه، لأنه لا يريد أن يعود للحرام مرة أخرى.