مع مرور 100 يوم على انفصال شمال السودان عن جنوبه، باتت المنافسة حادة بين إيران وإسرائيل على التقارب مع الدولة الأم ووليدتها، فى ظل الغياب العربى.
وذكرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية أنه فى وقت تطغى عليه الاضطرابات الدبلوماسية، قد تستفيد إسرائيل من علاقاتها الدبلوماسية مع دولة جنوب السودان، التى أعلنت استقلالها فى 9 يوليو الماضى، فيما يتعلق بدعم اقتصادها وأمنها وكسر عزلتها الدبلوماسية.
وتشير الصحيفة إلى أنه بينما تقدر «جنوب السودان» وقوف إسرائيل إلى جانبها فى محنتها، إلا أنه فى واقع الأمر إسرائيل هى المنتفع الأول.
فإسرائيل التى سارعت بالاعتراف بجوبا بعد 24 ساعة من إعلانها عاصمة لدولة الجنوب، هى نفسها التى تحاول إكمال حلمها بالسيطرة على منابع النيل، وإحكام نفوذها على منطقة القرن الأفريقى، وبالتالى فإن الخرطوم فى مرمى نيرانها وضمن استراتيجيتها، بحسب ما أكده محللون سودانين.
وتوضح الصحيفة أن قادة جنوب السودان، وهو بلد ذو بنية تحتية وطنية ضعيفة واقتصاد رسمى شبه معدوم، يقدرون إلى حد كبير المعونات الاقتصادية والدعم المالى المصاحب للعلاقات الدبلوماسية الجديدة، إلا أنه فى الواقع ستكون إسرائيل هى المستفيد الأول من ذلك.
وتؤكد الصحيفة أن إسرائيل لن تستفيد على الصعيد الاقتصادى فحسب، حيث يرجح أن تمثل هذه العلاقة الجديدة دفعة قوية لها عالمياً.
ويرى أبناء جنوب السودان أن الجهود الإسرائيلية الدبلوماسية تنم عن حسن نية، فهم بحاجة إلى كل المساعدة التى يمكنهم الحصول عليها، فى الوقت الذى تنهمك فيه بلادهم فى عملية تأسيس طويلة، تتضمن إقامة السفارات، وتشكيل سياسة خارجية مستقلة، وبناء قدراتها الزراعية، لكن الشراكة الجديدة مع حكومة جنوب السودان تتيح لإسرائيل كذلك فرصة الحصول على موطئ قدم لها فى هذه المنطقة، التى من المعروف أنها تصدر بعضاً من عدم استقرارها إلى منطقة الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بحالة التقارب فى العلاقات التى تعيشها الخرطوم مع طهران، يرجع المحللون ذلك لتشابه الوضع الذى يعيشه الرئيس السودانى، عمر البشير، بسبب قرار الإدانة الصادر بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية، مع ما يعيشه الرئيس الإيرانى، محمود أحمدى نجاد، بسبب العداء بين بلاده والدول الغربية، خاصة أمريكا، حيث تجد الخرطوم تبحث عن حلفاء جدد، خاصة بعد انفصال الجنوب عنها، فيما تجاهد إيران لتوطيد علاقاتها مع شمال السودان.
وتحاول الخرطوم تعويض عجز الميزانية، إثر خروج عائدات النفط من خزانة الدخل القومى نتيجة انفصال الجنوب، من إيران، فضلا عن رغبتها فى موازنة الدور الإسرائيلى الفاعل فى جنوب السودان، بحسب ما يراه بعض المحللين الاقتصاديين.
يذكر أن طهران قدمت مساعدات للسودان فى المجال الاقتصادى ومنحته قرضاً يبلغ 70 مليون دولار، تفاقمت فوائده حتى وصلت إلى 400 مليون دولار ولا تزال الخرطوم تعكف على سداده.
وفيما يتعلق بالبعد العسكرى تعتبر الخرطوم طهران أكبر مصدر لإشباع رغبتها فى الحصول على الأسلحة فى خضم المواجهات مع قوات الحركة الشعبية فى جنوب كردفان وأبيى، فضلاً عن النيل الأزرق، بالإضافة إلى المواجهات المحتملة مع القوات الجنوبية بصفة عامة، بسبب القضايا العالقة بين الجانبين مثل الحدود والديون والنفط والعملة وغيرها.
وعلى الصعيد الإيرانى، فإن تصنيف طهران ضمن محور الشر، الذى تكافحه أمريكا، واشتعال الملف النووى الإيرانى ومحاولات الغرب استهدافه، جعل الكثير من الدول تتعاطف معها وتدعمها فى الحد الأدنى نظرياً.
وترجع رغبة إيران فى التقارب مع السودان إلى دوافع اقتصادية، حيث إنها تبحث عن أماكن جديدة لتسويق منتجاتها، مستغلة فى ذلك الحظر الاقتصادى الأمريكى المفروض على السودان منذ التسعينيات، والذى يجعل الكثير من الدول والشركات تحجم عن هذا التعاون خشية العقوبات الأمريكية.
كما تضع طهران الاقتصاد السودانى الواعد نصب عينيها، خاصة فى مجال إعادة الإعمار والمجالين الزراعى والصناعى أيضا، فضلا عن مجال النفط بالرغم من محدوديته حتى الآن، وهو ما قد يخلق فرصا هائلة للاستثمارات الإيرانية.
وفيما يتعلق بالبعد الثقافى، تتمثل الرغبة الإيرانية فى التعريف بها فى السودان بصفة خاصة، وفى أفريقيا بصفة عامة، وذلك فى إطار مشروعها الأممى لنشر المذهب الشيعى.