مازالت التحقيقات تتواصل بشأن ما شاب اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعى من شبهات لتدنى الأسعار، ولكونها تشكل إهداراً للثروة البترولية، فضلا عما أحاط بتلك الاتفاقيات من فساد وتربح.
غير أن التحقيقات لم تتطرق إلى الخسائر التى تتكبدها الدولة نتيجة استيراد مازوت، ليكون بديلا عن الغاز فى سد احتياجات السوق المحلية.
وتوضح بيانات الهيئة العامة للبترول خلال العام المالى 2004/2005، أن مبيعات الهيئة من المازوت بلغت نحو 3.8 مليون طن، حيث كانت الهيئة مصدراً خالصاً للمازوت فى ذلك الوقت، لكنه بالمقارنة مع العام 2009/2010، تحولت الهيئة إلى مستورد لكمية تبلغ نحو ملايين ونصف المليون طن من المازوت، ليضاف إلى إنتاجها البالغ نحو 4 مليون طن، لسد نقص الغاز الطبيعى اللازم لتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية بالسوق المحلية، كنتيجة طبيعية لعمليات تصدير الغاز سواء عن طريق خطوط الأنابيب أو محطات الإسالة. وتكشف معادلة حسابية بسيطة بالعودة إلى خبراء مختصين. أن رطل المازوت يعادل 18300 (مليون وحدة حرارية بريطانية) وهى الوحدة المستخدمة لقياس الغاز الطبيعى، وطن المازوت يعادل 2404 أرطال، وبالتالى فإن طن المازوت يساوى 40.333.200 (مليون وحدة حرارية بريطانية).
وطبقا لمتوسط أسعار 2009-2010، فإن سعر المازوت بلغ نحو 440 دولاراً للطن، شامل النقل وما يسمى بعلاوة ندرة المنتج، وبالتالى، فإن تكلفة المليون وحدة حرارية بريطانية من المازوت تساوى 10.91 دولار، يضاف إليها 5% جمرك فضلا عن 25 سنتاً مقابل نقل وتداول داخل مصر، ليصل سعره النهائى إلى 11.6 دولار للمليون وحدة حرارية، يتم توفيرها للسوق المحلية، مقابل تصدير الغاز، والذى لا يتعدى متوسط أسعار تصديره سواء خطوط أو إسالة (بحسب مجمل التعاقدات المصرية) 4 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية.
وبالنظر إلى آخر سعر سجله طن المازوت قبل أيام وتحديدا فى 3 مارس 2011، سنجد أنه بلغ 560 دولاراً للطن، أى أن سعر المليون وحدة حرارية بريطانية من المازوت بلغ الشهر الجارى 14.58 دولار، بنفس الحسبة السابقة.
وبالتالى فإن الدولة تتحمل حاليا خسارة مباشرة فعلية لتصدير الغاز الطبيعى بواقع 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، على أساس أسعار المازوت الحالية.
وفى ضوء هذه الأرقام، ربما تكون المطالبة بإيقاف ضخ الغاز الطبيعى للأردن وسوريا وإسرائيل، أصبح ضرورة اقتصادية، حتى فى حال تحمل الدولة تعويضات وقف التصدير، نظرا لأن تكلفة الاستمرار فى التصدير تبلغ أكثر من 12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
ولا يتجاوز سعر التصدير لأى من الأردن وإسرائيل وسوريا 3 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، وإنما بلغ دولارا واحدا فى التعاقد الأول للأردن.
وبخلاف التكلفة الفعلية التى تتكبدها الدولة نتيجة استيراد المازوت، فإن تكلفة الفرصة البديلة لتصديره، والتى كانت ستدر نحو 2.2 مليار دولار سنويا، أى ما يعادل 13.2 مليار جنيه، فى حال تصدير الـ 4 ملايين طن مازوت التى تنتجها الهيئة العامة للبترول بالأسعار العالمية الحالية البالغة 560 دولاراً للطن، وهو ما يعادل 69% من قيمة مبيعات الغاز الطبيعى بالسوق المحلية والتصدير والبالغ 19.2 مليار جنيه، بحسب بيانات الهيئة العامة للبترول للعام المالى الماضى.
ووفقا لبيانات الهيئة العامة للبترول عن العام المالى الماضى، فإن الدولة تتحمل 821 جنيهاً دعماً لكل طن مازوت البالغ تكلفته 1821 جنيهاً ويباع بالسوق المحلية بـ 1000 جنيه للطن، بنسبة دعم تبلغ 45% من سعره الحقيقى. وبالتالى فإن هذا الوضع يتطلب، حسب الخبراء ضرورة إعادة النظر فى سياسات التصدير.