كشف المستشار فكرى خروب، رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، أن قوانين الغدر ومحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء صالحة للتطبيق فورا ودون أى تعديلات، لأنها جاءت خالية تماما من أى بند ينص على انفراد المحاكم الخاصة التى أنشأتها تلك القوانين بنظر الجرائم المنصوص عليها فى القوانين الثلاثة دون غيرها من المحاكم.
أضاف رئيس محكمة الجنايات أنه وفقا للعقوبات المنصوص عليها فى قانون الغدر، تكون محاكمة المتهمين فى الجرائم الواردة بالقانون أمام محاكم الجنح، بينما يحاكم رئيس الجمهورية والوزراء طبقا للقانونين الصادرين عام 1956، و1958 أمام الجنايات، ويتم تحريك الدعوى بمعرفة النيابة العامة بعد تحقيق الوقائع المنسوبة للمتهمين.
وفسر المستشار خروب أن هذا يعنى أن القوانين الثلاثة لم تسلب المحاكم العادية اختصاصها الأصيل بنظر جميع المنازعات المدنية والجنائية، باعتبارها صاحبة الولاية العامة فى هذا الخصوص إعمالا لأحكام الدستور وقانون السلطة القضائية، ويصبح هنا الاختصاص مشتركا بين المحاكم العادية والمحاكم الخاصة.
■ سألت المستشار خروب: هل يعنى هذا أن بإمكان النائب العام الآن أن يحرك الدعوى الجنائية ضد كل من يمكن خضوعه لهذه القوانين؟
- نعم.. وكذلك لكل المهتمين أو الحريصين على محاسبة المفسدين فى الفترة الماضية، أن يتقدموا ببلاغات للنائب العام الآن، والنائب العام من اختصاصه أن يتولى التحقيق فى هذه البلاغات ويحرك الدعوى الجنائية ضد الذين قدمت بشأنهم بلاغات، وتم التأكد من جديتها.. وقانون الغدر على سبيل المثال ينص على أنه: فى تطبيق أحكام هذا القانون يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما وزيرا أو غيره وكل من كان عضوا فى أحد مجلسى البرلمان أو أحد المجالس البلدية أو القروية، كل هؤلاء إذا ارتكبوا الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون توقع عليهم العقوبة المنصوص عليها، وهى العزل السياسى والعزل من الوظائف العامة وسقوط العضوية فى البرلمان والحرمان من تولى الوظائف العامة، كما يمكن أن يحكم عليهم بالحبس، وعقوبة الحبس هذه مخصصة للجنحة وليس الجناية، إذن من يختص بنظر هذه الدعوى هو محكمة الجنح، ومحاكم الجنح عندنا منتشرة على نطاق واسع من الجمهورية، ويمكن تحريك الدعوى بعد أن تتحقق الوقائع المنسوبة للوزراء والنواب وأعضاء المجالس المحلية والسياسيين الذين أفسدوا الحياة السياسية.
وأضاف رئيس محكمة الجنايات: قانون الغدر كافٍ ورادع جدا، وينص أيضا على أنه مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية أو التأديبية توقع على المتهم الجزاءات الآتية: الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأى مجلس من المجالس لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من الانتماء إلى أى حزب سياسى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم، والحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المؤسسات التى تخضع لإشراف السلطات العامة ومن أى وظيفة بهذه الهيئات لمدة أقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم، هذه كلها تعتبر تدابير، بالإضافة لعقوبة الحبس التى هى حتى 3 سنين.
■ هل الأمر ينطبق أيضا على قانونى محاكمة رئيس الجمهورية ومحاكمة الوزراء؟
- نعم.. يمكن تفعيل قانون محاكمة رئيس الجمهورية رقم 247 لسنة 56، وقانون محاكمة الوزراء رقم 79 لسنة 58، لأنهما جاءا أيضا خاليين من أى نص باختصاص المحكمة الخاصة التى ينص عليها هذين القانونين بأنها تنفرد دون غيرها بالاختصاص ولائيا بنظر الجرائم التى يرتكبها المحالون إلى المحكمة، لذلك فإن محاكمة كل هؤلاء عما يقع منهم من جرائم تختص بها أصلا المحاكم العادية «الجنح والجنايات»، بحسبانها صاحبة الولاية العامة، أما المحكمة الخاصة التى نصت عليها هذه القوانين فإنها تشاركها فى اختصاصها دون أن تسلبها إياه، هكذا تكون المحاكم العادية جاهزة ومختصة بنظر هذه الجرائم والنيابة تستطيع تحريك الدعوى العمومية فيها، وتعيد تحقيقها، ومن حق كل صاحب مصلحة أو مضرور من هذه الجرائم أن يتقدم ببلاغ إلى النائب العام، الذى يبادر إلى تحقيقها، ويتم التصرف فى التحقيق حسبما يتضح له بعد نهاية التحقيق.
■ لماذا لم يتم تفعيل هذه القوانين إذن حتى الآن؟
- أجاب: ربما يكون فات على مستشارى الحكومة والمجلس العسكرى المبدأ الذى أرسته محكمة النقض الذى يفيد بأنه طالما لم يفرد القانون الخاص الاختصاص للمحكمة الخاصة دون غيرها فإن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها فى الفصل فى جميع المنازعات.. وربما أيضا هناك تلكؤ متعمد بقصد إضاعة وإطالة الوقت لأهداف سياسية.
■ وما هى المحكمة التى ستكون مختصة بنظر الجرائم محل هذه القوانين؟
- لما كان قانونا محاكمة رئيس الجمهورية ومحاكمة الوزراء جعلا عقوبة الجناية (بدءاً من السجن حتى الإعدام) للجرائم التى يرتكبها رئيس الجمهورية والوزراء أثناء تأدية وظائفهم، فإن محاكم الجنايات تكون هى المختصة، بنظر هذه الجرائم، أما قانون الغدر فقد جعل عقوبة الحبس هى المقررة للجرائم الواردة فيه، ومن ثم تكون محاكم الجنح هى المختصة بنظر تلك القضايا.. ومحاكم الجنح والجنايات منتشرة فى مصر وبتطبيق الاختصاص المكانى، أى التحقيق فى البلاغات والقضايا والإحالة للمحاكمات حسب الاختصاص المكانى، أى محل إقامة أو عمل المتهم، فإن النيابات والمحاكم المنتشرة فى كل محافظات مصر ستنجز هذه القضايا فى أسرع وقت ممكن وبعدالة تامة.
■ هل تفكر أنت شخصيا فى تقديم بلاغات بهذا الشأن؟
- نعم أنا الآن بصدد إعداد بلاغ للنائب العام ضد من أعتقد أنه أفسد أو ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها فى قانون الغدر، فضلا عن بلاغ آخر أجهزه مع الخبير الاقتصادى عبدالخالق فاروق عن الجرائم الاقتصادية التى تشكل خيانة عظمى، ضد رئيس الجمهورية السابق والوزراء الذين اشتركوا معه فى ارتكاب جريمة الخيانة العظمى لتحقيقها واتخاذ ما يراه مناسبا، والذين قامت دلائل كافية على ارتكابهم جريمة الخيانة العظمى لمحاكمتهم طبقا لقانون محاكمة رئيس الجمهورية رقم 247 لسنة 56 وقانون محاكمة الوزراء، وقانون محاكمة رئيس الجمهورية يحاكم على جريمة الخيانة العظمى، وجريمة عدم الولاء للنظام الجمهورى، والخيانة العظمى التى هى فيها مساس بأمن الدولة الداخلى أو الخارجى، وفيها عدم الولاء للنظام الجمهورى وتعطيل أحكام الدستور، وهو ضد رئيس الجمهورية السابق ومن شاركه من وزراء أو سياسيين على ارتكابه جريمة الخيانة العظمى وعدم الولاء للنظام الجمهورى، وتعطيل أحكام الدستور، وبالنسبة للوزراء عن جرائم الخيانة العظمى ومخالفة الأحكام الأساسية للدستور واستغلال النفوذ والمخالفة العمدية للقوانين والعمل على التأثير فى القضاة أو التأثير فى إجراءات الانتخاب أو الاستفتاء بقصد التأثير فى نتيجة أى منهما، فضلا عن الجرائم المنصوص عليها فى قانون محاكمة الوزراء، وارتكبوا جرائم الفساد السياسى المنصوص عليها فى قانون الغدر، ولن أتظر تعديلا أو ما يقال عن تفعيل قانون الغدر، فلاتزال نصوصه نافذة ولم تلغ بأى تشريع لاحق.
واختتم رئيس محكمة جنايات الإسكندرية: الرئيس السابق حسنى مبارك زالت عنه صفة رئيس الجمهورية الآن، وزالت صفة الوزراء عن الوزراء الذين كانوا فى حكومته، وهم هنا يخضعون للمحاكم العادية، لأن المحكمة الخاصة المنصوص عليها فى القانونين اللذين يختصان بمحاكمتهم حينما يكونون متمتعين بالصفة أو عاملين فى نفس موقع الوزير أو فى نفس موقع رئيس الجمهورية، أما وقد زالت صفاتهم وأصبحوا مواطنين عاديين، فلا يحق لهم أن يتمسكوا بهذه المحكمة الخاصة، بل بالعكس المحكمة العادية وهى قضاء طبيعى بها ضمانات أكثر لهم، وأصبحوا خاضعين شأنهم شأن سائر المواطنين للمحاكم الطبيعية وفق اختصاصها العام، طالما ارتكبوا هذه الجرائم أثناء تأدية وظائفهم كوزراء وكرئيس جمهورية.