x

محمد أمين التراب والذهب! محمد أمين الإثنين 28-08-2017 20:39


لا يتحوَّل التراب إلى ذهب إلا فى عمليات النصب والاحتيال والتلات ورقات.. ولا يتحوَّل الفقيردير إلى ملياردير إلا فى زمن الفانوس السحرى.. تحكّه يطلع لك عفريت.. يقولك شبيك لبيك عاوز إيه؟.. أحلامك أوامر.. واحد يقوله عاوز دهب وياقوت ومرجان.. وآخر يقولك عاوز الستر.. وثالث يقولك عاوز أروح لأمى.. الثراء السريع تعرفه فى السينما فقط.. لا وجود له إلا عند الذين يعرفون ويفكرون ويبدعون.. السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة!.

القضية المطروحة الآن أمام جهات التحقيق تثير علامات استفهام كثيرة.. كيف يذهب رجل أعمال بوزن حسن راتب إلى نائب الجن والعفاريت؛ ليطلب تحويل الفلوس إلى ذهب؟.. هل يؤمن بأن الثروة تهبط من السماء بلا عمل ولا كدٍّ ولا اجتهاد؟.. هل رأى فيمن حوله مَنْ أصبح كذلك من عمل شريف؟.. هل اتهام علاء حسانين بالنصب والاحتيال يمكن إثباته؟.. أليس هذا النائب هو مَنْ تسبَّب فى حبس النائب الوطنى حمدى الفخرانى؟..كيف يمكن الاطمئنان له؟.. ما حاجة راتب لمزيد من الثروة؟.. هل سيأخذها معه للقبر؟!.

لو كان التراب يتحوَّل إلى ذهب ما عاش الدجَّالون فقراء.. ولو كان التراب يتحوَّل إلى ذهب ما عاش النصابون يتكففون الناس.. لكن فى الواقع هناك مَنْ يحوِّلون التراب إلى ذهب بأفكارهم.. تقال على سبيل المجاز لمن يذهب إلى الصحراء القاحلة، ويحوِّلها إلى جنة الله على الأرض.. هناك موهوبون مؤهَّلون.. هذا هو المعنى وليس على طريقة أشتاتاً أشتوت.. الذين اخترعوا ميكروسوفت والفيس بوك والواتس آب.. هؤلاء أصبحوا مليارديرات فعلاً.. لكن بالعلم والفكر والابتكارات.. وليس بالنصب والاحتيال والدجل والشعوذة!.

الفارق كبير جداً بين صُنَّاع الذهب والاختراعات الذهب.. وبين مَنْ يحتالون بحجة أنهم سيجعلون من الفسيخ شربات، أو من التراب ذهباً.. هؤلاء نصَّابون برخصة.. قد يفلتون مرة.. لكنهم لا يفلتون طوال الوقت. وفى المأثور الشعبى هناك من كانوا يبحثون عن الزئبق الأحمر.. يذهبون إلى المناطق الأثرية والمعابد. يتخيلون أنهم سيحصلون على الذهب.. المفاجأة أنهم يتم ضبطهم باعتبارهم لصوص آثار.. فلا عادوا بالذهب ولا عاشوا شرفاء.. يعرفون فى النهاية أن الثروة لا تهبط من السماء!.

المفترض أن رجال الأعمال يقدِّمون القدوة للشباب.. المفترض أن يحلوا ضيوفاً على مراكز الشباب والجامعات يشرحون لهم أن مَنْ جَدَّ وَجَد.. وأن مَنْ يعرق ويتعب ويزرع سوف يحصد.. المفترض أن الدرس الأول فى حياته أنه لا شىء بغير التعب.. مفترض أنه كان شقياناً.. المفترض أن يقول للشباب إنه لم يَنَمْ ولم يسترح ولم يجلس على مقهى.. المفترض أن يقدم مبادرة للمستقبل.. كيف تصنع أول مليون جنيه؟.. كيف تستغل موهبتك.. لا أن يذهب إلى رجل يتعامل مع الجن والعفاريت، ثم يقول إنه نصاب ومحتال!.

الخروج إلى الصحراء هو الذى يجعل التراب ذهباً.. سواء بإنشاء المصانع أو باستزراع الأراضى.. فى كل الأحوال هناك عزيمة.. وبعدها هناك إرادة وعرق.. وقبل كل هذا هناك فكرة برَّاقة.. هذا هو الذى نقدِّمه للشباب.. غير هذا هناك طرق شيطانية تصنع ثروة سريعة.. منها تجارة الممنوعات.. ومنها الجاسوسية على وطنك.. ومنها تجارة الآثار والسلاح.. هل مهمتنا أن نعلِّم الشباب كيف يكون ثرياً بدون معلم فى ظرف أربع وعشرين ساعة؟.. كان حسن راتب نفع نفسه.. وكان علاء حسانين نايم فى بيته دون مرمطة فى الأقسام والنيابات كعب داير!.

لا يصنع الثروة نصابون أبداً.. ولا يحوِّل التراب إلى ذهب دجَّالون ومحتالون.. النصابون لم ينفعوا أنفسهم فكيف ينفعون غيرهم؟.. لا تضيِّعوا وقتكم فى البحث عن الذهب.. اتعبوا وسيأتيكم الذهب.. صحيح لن تكونوا فى ثراء حسن راتب، لكن ستنامون مستورين!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية