شركة «روس أوبورون إكسبورت) تدير نحو ٨٥٪ من صادرات الأسلحة الروسية، الشركة أعلنت أن العالم يشهد قفزة فى الطلب على الطائرات الحربية، وأن حصة الطائرات الحربية عموماً تخطت ٥٠٪ من صادرات الشركة، والتى لم تتعد فى الماضى ٤٥٪، الطلب على السلاح عموماً يتزايد فى السنوات الأخيرة، الهند أكبر مستورد على الإطلاق، ويبلغ عدد سكانها مليار وثلاثمائة مليون نسمة، تليها المملكة العربية السعودية ويبلغ عدد سكانها ٢٥ مليون نسمة، الولايات المتحدة ثم روسيا أكبر المُصدّرين بنسبة ٦٠٪ من التجارة العالمية، الصين تعمل بقوة على تطوير منتجاتها الحربية، أصبحت ثالث المصدرين والمستوردين على السواء.
معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام قال إن تجارة السلاح تتزايد عاماً بعد آخر، كانت بحجم ٤٠١ مليار عام ٢٠١٣، ارتفعت ١٤٪ خلال السنوات الأخيرة، الإنفاق العسكرى عموماً ارتفع من ١.١٤٪ تريليون دولار فى عام ٢٠٠١، إلى ١.٧٦ تريليون عام ٢٠١٥، بارتفاع نسبته ٥٠٪، ارتفع فى الشرق الأوسط من ١٣٠ مليار دولار إلى ٤٥٠ ملياراً فى الفترة من عام ٢٠٠٨ إلى عام ٢٠١٥، المملكة السعودية أنفقت على السلاح ١٣.٧ عام ٢٠١٥ من ناتجها المحلى الإجمالى، أحداث الشرق الأوسط بدءاً من الحرب فى سوريا والمواجهات فى ليبيا والعراق والعدوان على اليمن استحوذت على ٢٥٪ من تجارة السلاح، بينما تصدرت آسيا ومنطقة المحيط الهادى بنسبة ٤٦٪، وتبقى أوروبا أقل استيراداً، وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا الأكثر مبيعاً.
يحدث ذلك على الرغم من أن ١٠٪ على الأقل من سكان العالم «نحو ٧٠٠ مليون نسمة» يعيشون تحت خط الفقر، أى ما دون ١.٢٥ دولار أمريكى يومياً، الغريب أن قفزة عالمية حدثت فى هذا الاتجاه، انخفضت معها نسبة الفقراء بعد أن كانت قد بلغت ٢٢٪ وذلك نتيجة تقدم الصين فى هذا الاتجاه وبعض الدول الآسيوية الأخرى، إلا أن العالم العربى وبسبب الاضطرابات السياسية، لايزال متأخراً إلى حد كبير، مما رفع النسبة من ٤٪ إلى ٧.٥٪ خلال السنوات الأخيرة، بينما ارتفعت فى مصر تحديداً إلى أكثر من ٣٠٪، أى ثلث عدد السكان تقريباً، خاصة بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة المتعلقة بتخفيض قيمة الجنيه، وزيادة الأسعار ورفع الدعم جزئياً عن السلع الأساسية والمحروقات، مما ارتفعت معه معدلات التضخم والبطالة، إلى غير ذلك من آثار سلبية.
لا يمكن تجاهل الربط بين الفقر وتزايد الإنفاق على التسلح، أو بين الفقر والاضطرابات السياسية، بعض الأنظمة السياسية المتخلفة ترى أن الفقر إحدى ركائز استمرارها، إشغال العامة بالهم اليومى، لذا فهى تنفق على التسلح رغم حاجة المواطن إلى كل دولار يُنْفَق فى هذا الصدد، التنمية تأتى فى مرتبة متأخرة بعد بيع الأصول والجبايات بأنواعها والتبرعات دون تنمية حقيقية للموارد، ثم يأتى استيراد السلاح ليقضى على البقية الباقية من أى أمل فى النهوض والتقدم، فى غياب منظومة ديمقراطية حقيقية أو مشاركة مجتمعية واضحة تضع برنامجاً للأولويات.
قد يكون تراجع نسبة الفقراء فى العالم إنجازاً كبيراً، إلا أن ٧٠٠ مليون جائع ليس بالعدد القليل، كما أن إنفاق ما يقرب من تريليونى دولار على التسلح سنوياً ليس بالرقم القليل أيضاً، ذلك أن إنفاق هذا الرقم ثلاث سنوات متتالية على الفقراء يمكن أن يقضى على هذه الآفة، التى تعد سبباً رئيسياً فى معظم أزمات العالم، ومن بينها الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات والبغاء والسرقة والتشرد والتسول، إلى غير ذلك من كثير، تتحمل بسببه الموازنات العامة للدول أرقاماً طائلة أيضاً، إما بسبب خسائر يومية، وإما فى إطار برامج المواجهة.
هل يمكن اعتبار العقل البشرى قاصراً فيما يتعلق بمواجهة أزماته، أى لم يبلغ سن الرشد بعد، أم أن كل ما يجرى مقصود ومدروس بعناية، بدءاً من خطط شيطانية أصبحت معلنة تتحدث عن ضرورة خفض عدد سكان العالم بمقدار مليار نسمة على الأقل، ومنظومات تسلح لا تقل شيطنة لا يعنيها الآثار المترتبة على بيع السلاح ما دامت تحقق مكاسب هائلة، ومنظومات أخرى ديكتاتورية لا تستطيع الحياة أو الاستمرار إلا فى مثل هذه البيئة المضطربة، بل وخلق حالة من الفوبيا لدى الشعوب؟!
أعتقد أن كل هذه العوامل مجتمعة أصبحنا نعيشها بنِسَب متفاوتة من أقصى الكُرة الأرضية إلى أقصاها، قد ترتفع النسبة أو تنخفض من بقعة إلى أخرى فيما يتعلق بأحد العوامل، والعكس صحيح، إلا أن المؤكد هو أن حجم هذا التسليح يعود بالعالم ككل إلى الخلف، كما أن ارتفاع نسبة الفقر فى العالم العربى مع تزايد حجم التسليح فيه أيضاً، يشير إلى أن المنطقة تتجه إلى حالة أكثر فوضوية ودموية، وهو الأمر الذى كان يجب أن تتنبه له الشعوب، بالإصرار على المشاركة فى صنع القرار، بدلاً من تلك الاتكالية التى جعلتهم على شفا جرف هارٍ دون ذنب اقترفوه، اللهم إلا الثقة فى أولى الأمر.