لا تكتب رأيك على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» فأنت مُراقب من قبل «حُراس الدين والأخلاق». لا تعبر عن رأيك لأنه قد يقودك إلى السجن بتهمة «ازدراء الأديان» أو الإيقاف عن العمل لـ«إهانتك الإسلام». لا تنشري فيديوهات رقص بملابس قصيرة، لأنك ستُتهمي بـ«بمخالفة العادات والتقاليد». لا تقل أنك مثلي لأنك ستتعرض لشتائم «الرذيلة والفجور».. هل هكذا صار الحال على الفضاء الرقمي، وبات «فيس بوك» أداة مراقبة وليس مساحة شخصية للتعبير عن الرأي؟.
بدايةً من الكاتبة فاطمة ناعوت التي صدر بحقها حكم بالحبس 3 سنوات إلى ماهر المغربي، أستاذ الطب بجامعة الزقازق الموقوف عن العمل، مروراً بمنى البرنس، التي أُحيلت للتحقيق، ترصد «المصري اليوم» كيف انتقلت الآراء الفيسبوكية إلى خانة الرقابة المجتمعية.
قبل نحو أسبوع، أوقفت جامعة الزقازيق، الدكتور ماهر المغربي، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بكلية الطب، عن العمل لمدة 3 أشهر، ومنعه من دخول الجامعة، وإحالته للمجلس التأديبي، بسبب عبارات مسيئة للدين الإسلامي، قالت الجامعة إنه كتبها على صفحته بموقع «فيس بوك».
ورغم نفي «المغربي» للتهمة، وتأكيده إن صفحته تعرضت للاختراق، إلا أن رئيس الجامعة، خالد عبدالباري، أوقف صرف ربع راتبه.
وقال بيان لكلية الطب، إنها اتخذت الإجراءات القانونية ضد «المغربي» بسبب «المنشورات المسيئة للإسلام، التي أثارت استهجان أعضاء هيئة التدريس».
«المغربي» نفى كتابة المنشورات، وقال لـ«المصري اليوم»، إن صفحته تجاهلها منذ عام 2014، لعدم درايته بأمور الإنترنت، موضحاً أن الصفحة تعرضت للقرصنة خلال تلك الفترة، وفور علمه بما نشر عليها من عبارات مسيئة حاول أكثر من مرة التواصل مع أحد أصدقائه لإبلاغ المسؤولين عن الإنترنت، لكنه لم يتمكن من الوصول إليهم.
واقعة «المغربي» تكررت قبل ذلك مرات عدة، من بينها ما حدث مع منى البرنس، أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة السويس، إذ جرى وقفها عن العمل وإحالتها للتحقيق، بسبب مقطع فيديو نشرته على صفتحها الشخصية بموقع «فيس بوك»، ترقص فيه بعفوية، مرتدية ملابس قصيرة، بجانب نشرها صوراً بالمايوه.
جامعة السويس تحرّكت فور مشاهدة فيديو الرقص، والصور «الشاذة» على حد قول أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، وأحالتها إلى 3 مجالس تأديب.
واقعة «البرنس» أثارت ضجة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، رأى البعض ما فعلته «حرية شخصية لا دخل لأحد فيما تقوم به»، فيما اتهمها آخرون بـ«مخالفة العادات والتقاليد المصرية».
«البرنس» ردت على إحالتها للتحقيق، والهجوم عليها إعلامياً، بنشر فيديو رقص آخر، وكتبت: «ارقصوا وافرحوا»، معبرة عن عدم ندمها على فيديو الرقص السابق: «هفضل أرقص طول ما فيّ صحة، الرقص حياة وفرح وصحة، مافضلّناش غير الضحك والفرح، حلّوا عن سمانا».
في تقريرها ربع السنوي لعام 2017، قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن هناك غياباً للنصوص القانونية التي تحمي الحريات الأكاديمية، مشيرة إلى أن إدارات الجامعات تُمارس ضغوطاً كبيرة على حرية أعضاء هيئة التدريس في التعبير عن الرأي، مستشهدة بواقعة الدكتورة منى البرنس، ورأتها اعتداء على حرية التعبير التي كفلها الدستور.
بمجرد أن أعلنت الفتاة المصرية داليا الفغال، عن مثليتها، وارتباطها بإحدى الفتيات، انهال عليها مواطنون بالشتائم في تعليقات على صفحتها بموقع «فيس بوك»، متهمين إياها بـ«الفجور والرذيلة».
وقالت «داليا»، إن والدها هنأها على علاقتها، وكانت سعيدة جداً، كان كل شيء جميل بالنسبة لها، قبل أن تتلقى رئاسل تهديد وشتائم وكراهية من مواطنين على «فيس بوك»: «اتهموني أنني ملعونة، وغير محترمة، والله لن يسامحني، ووجوب الرجم».
فاجأت الفنانة المعتزلة حلا شيحا متابعيها على «فيس بوك» بنشر أول صورة لها بالنقاب، وكتبت: «اللهم اجعلنا ممن يقرأ القرآن ويتدبر معانيه. والله هو سبب لرحمة الله لنا والخشية والمغفرة والرحمة، اللهم اجعلنا من أهل القرآن. هذي أنا وأسأل الله الثبات».
عدد كبير من مستخدمي «فيس بوك» هاجموا «شيحا»، وتعرضت للاتهام بأنها «إخوانية». من ضمن الآراء المهاجمة لها: «طيب بطلتي سجاير ولا لأ. إنتي اتعملك غسيل مخ. والنقاب نوع من الهوس الديني».
فاطمة ناعوت.. بوست قادها للمحكمة
في ديسمبر 2014، أُحيلت الكاتبة، فاطمة ناعوت، إلى محكمة الجنايات، بعد تحقيقات النيابة العامة معها في اتهامات وجهت إليها بازدراء الإسلام والسخرية من شعيرة الأضحية، عقب بلاغ من أحد المحامين.
وجاء في قرار الإحالة أنها كتبت تدوينات على «فيس بوك»، تستهين فيها بشعيرة الأضحية والذبح تزامنا مع احتفال المسلمين بعيد الأضحي الماضي.
وصدر حكم ضدها بالحبس 3 سنوات، قبل أن تُخفف محكمة جنح مستأنف السيدة زينب، العقوبة إلى 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ.