كيلومتران يفصلان أهرامات الجيزة الثلاثة عن المتحف المصرى الكبير، الذى من المتوقع أن يكون أكبر متحف للآثار فى العالم، ومن المقرر أن ينفرد بعرض كنوز «الفرعون الصغير» الملك «توت عنخ آمون» كاملة لأول مرة، ليجذب أنظار العالم التى تتجه نحو المتحف، المقام على مساحة 117 فدانا ويستوعب 5 ملايين زائر، ومن المرتقب افتتاحه جزئيا منتصف العام المقبل، وسط تحفظات فى الأوساط الأثرية والثقافية. «المصرى اليوم» قضت يوما كاملا داخل المتحف المصرى الكبير، لترصد ما تم إنجازه فى هذا المشروع القومى الضخم، آلاف العاملين يعملون بلا كلل أو ملل تحت وطأة الشمس الحارقة، ورغم تعثر المتحف قليلا نظرا للأحداث السياسية التى مرت بها البلاد، لكنه عاد مجددا فى 2014 لينتظر العالم أجمع افتتاحه جزئيا العام المقبل. بوابة طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى، ستكون بوابة الدخول للمتحف التى ستقود الزائر إلى ساحة كبيرة، تتوسطها مسلة، تكون نقطة التقاء الزائرين- ستعد أيضا مكانا مجهزا لاستضافة احتفالات ومناسبات، وفى بهو المدخل، يتواجد تمثال الملك رمسيس الثانى، الذى كان موجودا فى الماضى أمام محطة سكك حديد مصر، فى استقبال الزائر، ليتجه بعدها إلى «الدرج العظيم»، الذى سيحتوى على 90 قطعة أثرية ضخمة تقود إلى قاعات العرض المتحفى الموجودة فى المستوى الأعلى للمتحف ليجد الزائر نفسه فى نفس مستوى الأهرامات وفى رؤية مباشرة لها.
مبانى المتحف تقع على مساحة ١٠٠ ألف متر مربع، من ضمنها ٤٥ ألف متر للعرض المتحفى، وتشمل المساحة المتبقية مكتبة متخصصة فى علم المصريات، ومركزا للمؤتمرات، ومركز أبحاث، ومعامل للترميم، وسينما ثلاثية الأبعاد، وأماكن مخصصة لخدمة الزائرين مثل المطاعم، ومحال بيع المستنسخات والهدايا، ومواقف انتظار السيارات.
الدكتور أسامة أبوالخير، مدير عام شؤون الترميم بالمتحف المصرى الكبير، بمقر مركز ومعامل الصيانة والترميم بالمتحف، وصف المشروع بأنه «أصبح مشروعا قوميا كبيرا، بمجرد استقرار الأمن فى البلاد بعد ثورة 25 يناير».
ويوضح أبوالخير أن المتحف الكبير يعد أكبر متحف أثرى موجود فى العالم، لافتا إلى أنه من الناحية الأثرية يعد متحفا يجمع ما بين عصر ما قبل الأسرات إلى العصر اليوناني-الرومانى، وهى حقبة زمنية كبيرة جدا فى تاريخ مصر ستكون موجودة بداخله، غير أنه سيكون نواة تستطيع الدولة استغلالها فى النهوض بالاقتصاد وتحقيق دخل كبير منه لأنه قطعا سيساهم فى عملية تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، والأهم أنه سيساهم فى استيعاب عدد كبير من العمالة المصرية المدربة، التى تستطيع أن تخدم مجال السياحة، مؤكدا: «هذه كانت الفكرة الأساسية من إنشاء المتحف».المزيد
رغم الاهتمام الحكومى الكبير والتشديد على أهمية الإسراع فى تنفيذ خطوات مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة الأثرية للانتهاء منها وفقا للجدول الزمنى المقرر وتطويرها بما يتناسب مع مكانتها الأثرية العالمية باعتبارها من أهم مواقع التراث العالمى، إلا أن منطقة الأهرامات لاتزال تشهد إهمالا ملحوظا وسلوكا غير لائق من شأنه إثارة الذعر والريبة فى نفس زائر المنطقة سواء المصرى أو الأجنبى. منذ أن تطأ قدماك خطواتها الأولى لدخول الأهرامات، يحاصرك أصحاب الكاريتات والجمال والخيل لإقناعك بأن تصطحبهم، ولكن محاصرتهم وأسلوبهم يثيران الرعب فى نفس الزائرين.
هويدا حلمى، 25 سنة، تقول: «التفافهم حولى وصديقاتى أثار الرعب فى نفوسنا، وأنا حتى لو كنت ناوية أركب خيلا أو جملا لن أركبه من عندهم لأن طريقتهم مخيفة جدا، وتشعرنى بأننى فى مكان غير آمن». وتضيف هويدا، التى جاءت بصحبة 3 من صديقاتها: «هذه هى المرة الثانية التى أزور فيها الأهرامات، حيث كانت المرة الأولى قبل ثورة يناير، ووقتها كان النظام مختلفا وكانت الأهرامات أكثر ازدحاما، وكان الخيالة متواجدين خارج المنطقة الأثرية لاصطحاب الزائرين ولكن طريقتهم لم تكن مخيفة بهذه الطريقة».
وتابعت: «لابد أن يعى هؤلاء الخيالة وأصحاب الكاريتات أنهم يجعلون الزائر ينفر من ركوب الخيل أو الكاريتة من عندهم بطريقتهم هذه، ولابد أن يفهموا أن من يريد الركوب هو الذى سيأتى للبحث عنهم».المزيد
اعتبر الدكتور طارق سيد توفيق، المشرف العام على المتحف المصرى الكبير، أن اختيار موقع المتحف فى عام 2002 كان اختيارا عبقريا، موضحا أن فكرة بناء المتحف قامت على أن تكون قاعات العرض بإطلالة مباشرة على الأهرامات بنفس الارتفاع، وهذا سيكون له تأثير قوى جدا على الزائر، خاصة الأجنبى.
وقال توفيق، فى حوار لـ«المصرى اليوم»: إنه خلال 3 سنوات تم نقل ما يزيد على 30 ألف أثر بأمان إلى المتحف المصرى الكبير بأيد مصرية خالصة، بتكلفة تقل ما يزيد عن 60% من التكلفة العالمية وهذا يعد إنجازا يفخر به كل مصرى.
وفيما يلى نص الحوار:
■ متى تسلمت مهامك فى هذا المشروع الضخم، وكم كانت نسبة الإنجاز فيه؟
- توليت مهام عملى كمشرف عام على المتحف المصرى الكبير فى أغسطس 2014، وكانت هناك جهود طيبة قد تمت من قبل، ولكن عند استلامى للمشروع كان ما تم إنجازه منه لا يتعدى 25%، ولكن- بحمد الله- استطعنا وضع المشروع على الطريق الصحيح لينطلق بسرعة أكبر وإثبات جديته على المستوى المحلى أو العالمى، وفى 2016 أيضا دخل دعم من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التى أضافت للمشروع خاصة فى ترشيد الإنفاق من الناحية الهندسية.
■ كم عدد المشاركين فى تنفيذ المشروع؟
- العدد يتباين على حسب الأعمال التى يتم إنجازها، فإذا تحدثنا عن العمالة المشتركة فى المشروع، وفى الإنشاءات نفسها، فيتراوح العدد ما بين 3 إلى 6 آلاف عامل يوميا، أما فيما يخص نقل الآثار والترميم والجانب الأثرى والإدارة يكون العدد حوالى 370 شخصا منهم 100 مرمم، 100 متخصص فى الآثار و170 ما بين إدارى وأمن.
■ إذا عدنا بالذاكرة للماضى قليلا كيف تم اختيار هذا الموقع؟ المزيد
قال الدكتور محمد إسماعيل، المشرف على اللجان الدائمة والبعثات الأجنبية ومنسق مشروع تطوير الهرم، إن وضع منطقة الأهرامات بات سيئاً جداً، مؤكدا أن انتقادات زوار المنطقة منطقية وحقيقية جداً، وأن الباعة الجائلين وأصحاب الكاريتات والجمال يمارسون أعمال بلطجة ويثيرون الرعب فى أنفس المواطنين وزوار المنطقة فى محاولة لأن يحققوا مكاسب لأنفسهم عن طريق إقناع أى زبون بالركوب معهم، وتوقع أن يقضى مشروع التطوير الجارى حالياً على كل هذه الانتقادات والسلبيات الموجودة، على حد قوله. وأشار إسماعيل، خلال تصريحاته لـ«المصرى اليوم»، إلى أن أزمة الباعة الجائلين وأصحاب الكاريتات لا تخص وزارة الآثار، مؤكدا: «لسنا مسؤولين عنها تماما ولا يجب أن نلام عليها، والمسؤول عن هؤلاء الأشخاص هو محافظة الجيزة وشرطة السياحة والآثار».
وأضاف: «نحن أنفسنا كأثريين نعانى من تجاوز الباعة الجائلين وأصحاب الكاريتات، حيث من الممكن أن يجد مفتش الآثار أحد أصحاب الكاريتات يتعدى على أعماله بالمنطقة، وأملنا الوحيد متعلق بالانتهاء من مشروع تطوير منطقة الأهرامات التى من شأنها القضاء على جميع هذه المشاكل».المزيد