رحب مواطنون بمقترح الرئيس السبسى، بالسماح للمسلمة بالزواج من غير المسلم، معتبرين أن اختيار الزوج أو الزواج بغض النظر عن العرق أو الدين من الحريات الأساسية. ويجرى الزواج المدنى فى المحكمة بين أتباع ديانتين مختلفتين، مثل زواج مسلم من مسيحية أو زواج مسلمة من مسيحى، أى عبارة عن عقد قانونى بين شخصين مختلفين فى العقيدة الدينية.
وتعود تجربة تونس، أول البلدان العربية التى طبقّت الزواج المدنى، إلى عام 1956، حينما أقر الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، إصلاحات فى قانون الأحوال الشخصية، الذى نص على منع تعدد الزوجات، ومنع أى صيغة خارج الزواج المدنى. وباءت محاولات الإسلاميين بعد الربيع العربى، على رأسهم حركة النهضة، لإلغاء الزواج المدنى بالفشل.
ويستبعد الدستور التونسى الشريعة الإسلامية من الحكم، إذ تنص المادة الثانية على أن «تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون»، وتنص المادة 21 على أن «المواطنين والمواطنات متساوون فى الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون دون تمييز».
يقول بيتر إسحاق، مواطن تونسى، فى تغريدة على «تويتر»، إن الزواج المدنى يضمن حرية اختيار الزوج للزوجة والعكس، مضيفاً: «من حقى اختيار شريكة حياتى أياً كان دينها. شكراً تونس. شكراً لسعيها للتنوير». ويوضح أن كثيرا من قصص الحب تفشل فى العالم العربى، بسبب منع البلدان زواج المسلمة من غير المسلم، والأمر نفسه بالنسبة للمسيحية أو اليهودية، مشيراً إلى أن تونس تسير بقوة نحو الحداثة. وافقته فى الرأى، سها البرديسى، التى أعربت فى تغريدة لها، عن سعادتها بالمقترح، لأنه يضمن لكل فرد اختيار شريك حياته، دون وجود عوائق قانونية، موضحة أنها تعرف عشرات قصص الحب التى فشلت بسبب اختلاف الديانة.
منع المسلمة من الزواج بغير المسلم فى تونس، قبل مقترح السبسى، دفع النساء هناك إلى الهجرة للدول الغربية، للزواج من الأجانب، فوفق دراسة صادرة عن المعهد الوطنى للإحصاء فى تونس، فإن 71% من الفتيات يحلمن بالسفر إلى الخارج، للزواج من أجانب، بسبب فشلهن بالزواج منهم فى تونس.
وقالت الناشطة عايدة ثابت، رئيسة الجمعية التونسية للدفاع عن الأقليات، لـ«المصرى اليوم»، إن مقترح زواج المسلمة من غير المسلم كثيرا ما طالبت به المنظمات النسائية، لأنه حق أساسى، ويحفظ حقوق الأقليات. وأضافت «ثابت» أن منع زواج المسلمة من غير المسلم يُعتبر وصاية من الدولة على حقها فى الزواج، وإهانة لها، لذلك كان من الطبيعى إلغاء ذلك، موضحة أن بعض المواطنين كانوا يعتنقون ديانات أخرى لإتمام الزواج، وهو ما يمثل اعتداء على حرية المواطن، وتابعت: «تونس دولة مدنية، دستورها ينص على المساواة بين المواطنين والمواطنات».
ما يحدث فى تونس تحاول مجموعات وحركات حقوقية تطبيقه فى بلادها.. ففى مصر، طالبت حركة تسمى «الحق فى الحياة» الدولة، قبل سنوات، بإعداد قانون للزواج المدنى، فيما دعت رابطة «صرخة» الرئيس عبدالفتاح السيسى، بوضع قانون مدنى للأحوال الشخصية، وطالبت السفيرة ميرفت التلاوى، الأمين العام السابق للمجلس القومى للمرأة، أكثر من مرة بوقف إجراءات عقود الزواج والطلاق لدى المأذون الشرعى، واستبدالها بالمحكمة.
وفى مصر يعقد العشرات زواجاً مدنياً، لكن وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، حيث فى تلك الحالة تُمنع المسلمة من الزواج بمسيحى، وفق الدستور المصرى، المستفتى عليه فى يناير 2014، والذى ينص على أن «الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع»، وهو ما يُخالف ما يحدث فى تونس التى تستبعد الشريعة فى دستورها.
بالنسبة للأقباط، هناك مطالب عدة بالزواج المدنى، وعدم انتظار قبول طلبات طلاقهم، أو التصريح بالزواج، من قبل الكنيسة المصرية، التى تقبل الطلاق فى حالتين فقط: «الزنا وتغيير الدين».
فى لبنان، يتحايل المواطنون على القانون الذى يمنع الزواج المدنى، بالسفر إلى إحدى البلدان التى تسمح بذلك، ووفق تقارير صحفية، فإن قبرص هى المقصد الرئيسى لهم. ويستغل المواطنون ثغرة قانونية تتيح لهم الزواج المدنى فى لبنان، وهى أنه فى حال شطب المتزوجين لطائفتهما، يُسمح لهما بعقد قران مدنى.
فيما تقف الجزائر فى المنتصف، حيث يعتبر الزواج هناك مدنياً دينياً، فيجرى توقيع عقد مدنى يتوافق فيه الأزواج على شروط بينهم، ويُسجل قبل العقد الشرعى الذى يُعقد بحضور رجل دين.