قال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن زيارته لموسكو حالياً تأتى بعد عدة أشهر من انعقاد اجتماع وزيرى الخارجية والدفاع بصيغة (2+2) بين مصر وروسيا فى القاهرة فى 29 مايو الماضى، وتؤكد عمق العلاقات بين مصر وروسيا، واهتمام الجانبين بالتواصل بوتيرة كثيفة لتحقيق المصالح المشتركة.
وأضاف الوزير خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره الروسى سيرجى لافروف، عقد فى العاصمة الروسية موسكو، الاثنين، أنه سلم خلال لقائه وزير الخارجية الروسى خطاباً من الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، متضمنا تمسك مصر بالاستمرار فى تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين والحفاظ على قنوات التشاور مفتوحة بينهما، وفى مقدمتها على المستوى الرئاسى بين السيسى وبوتين.
وتابع «شكرى» أن هذا التواصل يؤكد مرارا التطابق فى الرؤى بين البلدين إزاء عدد كبير من القضايا المرتبطة بالعلاقات الثنائية، وأيضا لمواجهة التحديات المشتركة التى تواجه البلدين على الصعيدين الإقليمى والدولى.
وقال وزير الخارجية: «المناقشات التى أجريتها مع لافروف تناولت مجمل أوجه العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وأهمية استعادة الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، والقضاء على التهديد الذى بات يمثله الإرهاب، وضرورة التصدى له من منظور شامل، ومواجهة الدول والأطراف الراعية له وتحقيق توقفها الكامل لمثل هذا الدعم».
وأضاف «شكرى» أن المشاورات أكدت وجود أرضية واسعة من التوافق فى وجهات النظر، وأهمية العمل للتعامل مع التحديات الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية التى تظل القضية المركزية فى المنطقة، والتى نسعى للتوصل إلى حل شامل وعادل لها على أساس حل الدولتين وبما ينهى الصراع.
وتابع الوزير أنه تناول الأوضاع فى سوريا وليبيا والعراق واليمن، وأهمية العمل المشترك لاستعادة الاستقرار وتحقيق المصالح المشتركة للبلدين.
وشدد «شكرى» على الأهمية التى توليها مصر لعلاقاتها الثنائية بروسيا الاتحادية وتدعيم هذه العلاقات سواء سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا بما يحقق مصلحة الشعبين، وقال إن هناك مجالات واسعة لاستثمارات فى المجالات الاقتصادية وتوسيع رقعة التبادل التجارى بين البلدين، ونعمل مع الوزارات الفنية والمعنية لتحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى أن الأرضية السياسية بين الدولتين تؤهل لأن يكون التعاون فى هذا المجال بشكل أوسع وتيرة وأكثر قوة.
وعن الرحلات الجوية، أكد «شكرى» عزم مصر إزالة أى شوائب اعترضت هذا المجال فى الوقت السابق، وقال:«نتطلع إلى قرار روسيا باستئناف رحلات الطيران للمقاصد المصرية»، مشيرا إلى أن هناك اتصالات على المستوى الفنى كثيفة وتأكيدات متتالية على أن مستوى التعاون فى هذا النطاق بلغ مراحل متقدمة جدا، ويحظى بدعم من الجانبين نأمل بأن يأتى ثماره فى وقت قريب.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، أن مصر وروسيا تعملان على دعم تشكيل الوفد الموحد للمعارضة السورية على أساس واقعى وفعال من أجل إطلاق المفاوضات بينها وبين الحكومة السورية.
وأضاف «لافروف» أنه تمت مناقشة الوضع فى سوريا، حيث يجرى إنشاء مناطق لتخفيف التصعيد بمشاركة فعالة من مصر، والتى ساعدت من خلال سلسلة اجتماعات فى القاهرة على الاتفاق على إنشاء منطقة لتخفيف التصعيد فى الغوطة الشرقية وحمص. وردا على سؤال حول تقييم روسيا للدور المصرى الحالى فى الأزمة السورية، ونية الجانب الروسى إرسال مبعوث سلام إلى منطقة الشرق الأوسط فيما يخص القضية الفلسطينية، قال وزير الخارجية الروسى: «نحن نقدر الدور المصرى الإيجابى للغاية فيما يخص التعاون الدولى من أجل حل الأزمات، ومصر تلعب دورا مهما جدا فيما يخص دعم فكرة إنشاء مناطق خفض التصعيد، الأمر الذى جاء نتيجة للاتفاق فى إطار عملية آستانا».
وتابع «لافروف»: «مصر تلعب دورا فعالاً بخصوص الأزمة الليبية، ولا يجوز عزل أى من السياسيين البارزين أو القوى السياسية والعشائرية من العملية الرامية إلى إعادة بناء الدولة الليبية».
وحول القضية الفلسطينية، نوه «لافروف» بوجود مواقف موحدة من ضرورة كسر الجمود فى التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن روسيا ومصر تدعمان ضرورة استئناف المفاوضات، وأنه من المهم عدم السماح بأى خطوات أحادية الجانب.
وفيما يخص مشروع المحطة النووية المصرية بالضبعة، قال «لافروف»: «فى ديسمبر الماضى، تم التوقيع على العقد الأساسى فى هذا المشروع، ويوجد الآن ثلاثة عقود أخرى بشأن المراحل المتقدمة، وقريبة من استكمال العملية؛ الأمر الذى سيمكننا من الشروع فى عملية البناء».
وحول المشاريع العملاقة بين البلدين، أعرب «لافروف» عن أمله فى أن تتم مناقشة هذه المشاريع أثناء الاجتماع المقبل للجنة الحكومية المشتركة فى سبتمبر المقبل لبحث مشروع إنشاء المنطقة الصناعية فى قناة السويس، وأنه بعد أسابيع ستبدأ المشاورات الفنية التى ستؤدى إلى إطلاق المفاوضات الحقيقية فيما يخص إنشاء منطقة التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوراسى الاقتصادى.
وقال المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية، إن لقاء شكرى مع لافروف تناول بشكل مستفيض مختلف القضايا والتطورات الإقليمية فى المنطقة، وسبل تعزيز التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب فى شقيه الأمنى والفكرى، فضلاً عن التنسيق داخل مجلس الأمن ومختلف المحافل الدولية.
وأضاف: «أشار وزير خارجية روسيا إلى أن ديناميكية الوضع فى الشرق الأوسط تتطلب التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين»، منوها بأن مصر وروسيا تنطلقان من نفس الأهداف والرغبة فى تسوية النزاعات فى الشرق الأوسط، وأن بلاده حريصة على الاستماع إلى وجهة النظر المصرية إزاء التطورات المتسارعة فى المنطقة.
وتابع «أبوزيد» أنه تم التأكيد خلال اللقاء على محورية الدور المصرى فى استعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا، وإنهاء حالة الانقسام وترسيخ المصالحة الوطنية بين الفرقاء الليبيين.
وأكد الوزيران، بحسب المتحدث باسم الوزارة، أهمية الاستمرار فى التواصل والتنسيق لدفع جهود الحل السلمى من خلال اتفاق الصخيرات، والتنسيق سويا مع الشركاء الدوليين من أجل إعادة بناء وتعزيز المؤسسات الوطنية للدولة الليبية، فضلاً عن مكافحة جماعات التطرف والإرهاب.
وأشار إلى أن الوزيرين بحثا كذلك التطورات الراهنة على صعيد الأزمة فى سوريا، وأهمية استمرار التعاون والتنسيق المصرى الروسى فى هذا الملف.
وأكد وزير الخارجية ضرورة العمل بالتنسيق مع الشركاء الدوليين من أجل تثبيت اتفاقات خفض التوتر والعنف، والعمل على توسيعها لتشمل كل الأراضى السورية، فضلاً عن ضرورة استئناف المفاوضات السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة فى جنيف، من أجل التوصل إلى الحل السلمى المنشود، وبما يحافظ على مستقبل سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها.
وتناول وزير الخارجية خلال اللقاء ترشيح الوزيرة مشيرة خطاب لمنصب مدير عام منظمة «اليونسكو»، خلال الانتخابات المقررة فى أكتوبر المقبل، وأعرب عن تطلع مصر لتأييد روسيا لهذا الترشح، واستعرض المسيرة السياسية والدبلوماسية الحافلة للمرشحة المصرية وأدائها الرفيع خلال جلسات الاستماع التى عقدت بالمجلس التنفيذى للمنظمة فى إبريل الماضى.