x

«المصرى اليوم» ترصد رعب الجاليات الأفريقية فى ليبيا.. والخوف منهم

الثلاثاء 08-03-2011 18:55 | كتب: أسامة خالد |
تصوير : أ.ب

لم يتخيل عبدالفتاح أن لونه الأسود سيكون نقمة عليه حتى فى ليبيا التى دعا رئيسها القذافى ملك ملوك أفريقيا إلى فتحها لأبناء قارته.. للأفارقة، لم يتخيل ابن مدينة مقديشيو الصومالية بعدما هرب وبصعوبة شديدة من مدينته التى طحنتها الحرب الأهلية أنه سيقع ثانية فى براثن الحرب ولكن فى بنى غازى هذه المرة.


عبدالفتاح مثله مثل آلاف الأفارقة فى ليبيا يعيش فى حالة ذعر ورعب، يكره لونه الأسمر الذى قد يعرضه للذبح مثلما حدث مع أربعة من الصوماليين ذبحوا فى طرقات طرابلس – على حد زعمه – لا لشىء سوى لأنهم من أصحاب البشرة السمراء، لم يستطع أهل طرابلس مواجهة الطاغية القذافى فانتقموا من كل ما هو أسود بعدما جلب لهم العار – يعتبر الليبيون أن ما فعله القذافى واستقدامه مرتزقة ضد أهل وناسه عاراً فى حقه وحق ليبيا كلها – ولم يستطيعوا بعد الانتقام منه، «فش الطرابلسية إذن غلهم فى الأفارقة السود».. هكذا قال عبدالفتاح.


فى ميناء جيليان التجارى يختبئ الآلاف من الأفارقة فى حماية من متطوعين يحمونهم من أى هجمات انتقامية لأهالى بنى غازى ضد كل من هم له بشرة سمراء بعدما نكل المرتزقة السود بأبناء المدينة وقتلوا منهم الكثيرين.


يقع معسكر الأجانب فى الميناء التجارى بحى جيليان على أطراف بنى غازى، كان من المفترض أن هذا الميناء سيكون نافذة تجارية لليبيا نحو العالم لنقل واستقبال البضائع من كل مكان لكنه وفى ظل هذه الأزمة أصبح بارقة الأمل الوحيدة لكل الأجانب والجنسيات فى ليبيا للهروب من جحيم الحرب والرعب من صوت الطلقات الذى لا ينقطع فى كل أنحاء بنى غازى، خاصة بالنسبة للأفارقة وأصحاب البشرة السمراء، الذين تحولوا إلى هدف للانتقام.


فى معسكر جيليان يعيش أكثر من 1500 أفريقى هم الباقون من أكثر من عشرة آلاف أفريقى تمت مساعدتهم على الخروج الآمن من ليبيا، ولم يبق الآن سوى هذا العدد الذى يزيد كل يوم بمقدار حوالى 400 فرد ــ حسب تأكيدات إدريس الشيبانى، مدير المعسكر.


فى ركن بعيد داخل المعسكر الذى يقع بالكامل على شاطئ البحر مباشرة كان أحمد يحلق شعره بعدما زاد طوله بصورة كبيرة، أحمد الذى يعمل فى شركة النظافة كعامل أتى من الصومال منذ أكثر من عامين بحلم أن تساعده ليبيا على السفر والهجرة إلى أوروبا، حيث يدرس هناك العلوم ويمارس رياضة العدو حكى أصدقائه أنه بطل فى العدو لمسافات طويلة ويبحث عن فرصة ليكون بطلاً أوليمبياً.


لكن أحمد الآن لا يفكر فى كل ذلك، كل ما يبحث عنه الأمان فقط بعدما تحولت نظرات الناس إليه من العطف والصداقة إلى الحذر والكراهية، ترك أحمد مكان سكنه، خوفاً على حياته بعدما تداول عدد من الصومالين فى بنى غازى اتصالات تحذر من الهجوم على كل من هو أفريقى فى ليبيا، انتقاماً لمجازر ارتكبها أفارقة مثلهم وجنوا هم ثمارها، هرب العداء الأفريقى إلى معسكر جيليان طلبا للحماية وخوفاً من القتل مثله مثل صديقه سليمان الصومالى أيضاً الذى طارده بعض السكان المحليين فى الشارع اعتقاداً منهم أنه من المرتزقة «نحن خفنا من الليبيين وهم أيضاً خافوا منا» هذا ما يقوله سليمان الذى يعمل فى غسيل السيارات، الذى رفض عرضاً من إدارة المعسكر بترحيله ونقله إلى مصر قائلاً: «وماذا افعل فى مصر لا أملك نقوداً ولا عمل عندى ولا أعرف أحداً هناك فلماذا أذهب، أريد أن أسافر إلى أوروبا، حيث يمكن أن اجد عملاً ونقوداً كثيرة»، يحكى سليمان عن سيدة جاءت إلى الأفارقة فى معسكر جيليان واجتمعت بهم مؤكدة أنها من الأمم المتحدة ووعدت الجميع بالسفر إلى أوروبا وأمريكا.


أما محمد عبدالفتاح من الصومال فقد اتصل بزملائه الصوماليين العاملين فى بنى غازى للاحتماء فى المعسكر بعد أسبوع كامل من الاختباء فى منازلهم دون أى فرصة للخروج حتى نفد منهم الطعام «كنت أعيش أنا وعشرة من زملائى الصوماليين فى سكن واحد وفرته لنا الشركة التركية التى كنا نعمل بها، سمعنا عن قتل وذبح الأفارقة فى الشوارع فلم نخرج اغلقنا باب السكن علينا لمدة أسبوع كامل دون أن نفتحه لأى سبب، كنا ننتظر هجوم الناس علينا وقتلنا لذا لم نخرج حتى سمعنا من أصدقائنا عن المعسكر فأتينا لنحتمى به ولنأكل بعدما نفد منا الاكل والنقود كذلك خاصة أننا لم نتقاض رواتبنا منذ 3 أشهر»، ويضيف: «سوف نبقى فى المعسكر ولن نخرج منه، لو خرجنا سنقتل إما نبقى هنا أو يرحلونا خارج البلاد إلى أوروبا».


بلغ عدد الأفارقة المتواجدين فى المعسكر 1500 أفريقى من جنسيات مختلفة، هذا غير أكثر من ألفين آخرين من العمالة الأجنبية فى ليبيا الهاربين والنازحين أيضاً من الحرب ونيرانها، استقبل المعسكر الخاص بالنازحين الأجانب أكثر من 25 ألف أجنبى غادروا ليببا لم يبق منهم الآن سوى حوالى من 3500 إلى 4000 والعدد يتغير ويزيد كل يوم حسب تأكيدات إدريس الشيبانى، مدير المعسكر، الذى ؤكد لنا أن الصدفة وحدها هى السبب وراء إقامة هذا المعسكر، حيث إن هذا الميناء الذى لم يكتمل بعد هو المكان الوحيد فى بنى غازى الذى يمكنه أن يستقبل سفناً كبرى، لذلك رست عليه كل السفن التى كانت تأتى لإجلاء الرعايا الأجانب من بنى غازى ومن كل ليبيا، أتى لنا هنا عمال أجانب من الكفرة 800 كيلو جنوب بنى غازى ومن كل مكان كلهم فارون، ويضيف «هذا الموقع كان مقراً للشركة التركية التى تعمل فى الميناء وقد فر كل موظفى الشركة فاخذناه وحولناه إلى معسكر للعمالة الأجنبية النازحة.


ويعترف الشيبانى بأن الأفارقة يسببون مشكلة أمنية ضخمة بالنسبة لهم قائلاً «هم طبعاً مشكلة، هناك حالة تحفز ضدهم وهم خائفون جدا وفى الأيام الثلاثة الأولى امتلأ المكان هنا عن آخره وكنا نبحث عن أماكن أخرى لإيواء النازحين من كل الجنسيات فجاء لنا بعض السكان يخبرونا بأنهم فتحوا مدرسة لاستيعاب النازحين، كان المعسكر وقتها يضم أعداداً كبيرة من الآسيويين والأفارقة فرأينا أن ننقل الأفارقة بعيدا بعد عدد من المشاحنات بينهم وبين الآسيويين، ونقلنا الأفارقة إلى مبنى المدرسة فى سيارات تحيطها الحراسة من جانب حتى لا يعتدى عليهم أحد ولكن المفاجأة أن نفس السكان جاءوا إلينا طالبين ترحيل الأفارقة من جوارهم، لأنهم لا يتحلمون رؤيتهم بعدما جرى لأبناء ليبيا على أيديهم أفارقة مثلهم ولأن الكثير من السكان خائفون، كانت مشكلة أين نضعهم وما هو المكان الآمن حتى وجدنا موقعا فى جامعة قار يونس كان مثالياً مبنى مختفياً عن الأنظار بين عدة مبان فتحناه وأسسناه ونقلنا الأفارقة هناك بإجراءات أمنية مكثفة أيضاً وعينا عليهم حراسة.


وحول الجنسيات الأخرى فى المعسكر قال إن معظم الموجودين الآن من بنجلاديش وقد طلب منا سفيرهم أن ننقلهم إلى الحدود المصرية ونسقنا مع المصريين وبالفعل يتم نقلهم، هذا غير الأتراك وقد كانوا من أوائل الجنسيات التى أرسلت لهم دولهم سفنا لنقلهم وهناك أيضاً الصينيون وهم منظمون للغاية فهم يبقون فى مواقعهم لحين وصول السفن الخاصة بهم ثم يأتون بصحبة مندوب من سفارتهم إلى مكان رسو سفنهم مباشرة، أما بالنسبة إلى العرب المغاربة والتوانسة والسوريين فإننا نتعامل معهم على أنهم ترانزيت لا يبقون لدينا كثيراً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية