يعد الشاعر سميح القاسم واحداً من أبرز وأهم الشعراء العرب والفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة، وهو مولود لعائلة درزية بمدينة الزرقاء يوم ١١ مايو ١٩٣٩ وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة وقام بالتدريس ثم تفرغ لنشاطه السياسى في الحزب الشيوعى الذي تركه وعمل مُحرراً أدبياً.
وقد سُجِن سميح القاسم أكثر من مرة كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنـزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه اشتغل مُعلماً وعاملاً في خليج حيفا وصحفياً وكان القاسم شاعرا غزير الإنتاج وتتناول قصائده وكتاباته الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما إن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي وقد كتب أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي.
فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية وكان القاسم قد أسهَمَ في تحرير «الغد» و«الاتحاد»، ثم رَئِيسَ تحرير جريدة «هذا العالم» عام 1966. ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في «الاتحاد» وآمينا عاما تحرير «الجديد» ثمَّ رئيس تحريرها وأسَّسَ منشورات «عربسك» في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ فيما بعد «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا وترأس الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين، وترأس اتحاد الكتاب العرب، وترأس تحرير الفصلية الثقافية «إضاءات» التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم، وبلغ عدد الكتب التي أصدرها أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة وقد حظي بتقدير كبير وحاز العديد من الجوائز ومنها غار الشعر «من إسبانيا وجائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبداللطيف اللعبي وعلى جائزة البابطين، وحصل مرّتين على «وسام القدس للثقافة» من الرئيس ياسر عرفات، وحصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر وجائزة «السلام» من واحة السلام، وجائزة «الشعر» الفلسطينية.
لقد عاش سميح القاسم في الداخل الفلسطينى حياته ولم يغادره إلا للمشاركة في المهرجانات والملتقيات الشعرية والأدبية في بلدان العالم، ورغم تعدد التصنيفات النقدية لشعره، ما بين «الشعر المقاوم» و«ما بعد الحداثى» فإن «شعرية الأرض» تظل هي الملمح الأساس والأكثر لصوقا وانسجاما مع إبداعه الشعرى، وكانت رهانه الأساسى على نصه الشعرى وما سيبقى من كتاباته في الشعر والقصة والرواية والمسرح وقضايا الفكر والثقافة، وتطل «شعرية الأرض» بقوة في شعر سميح القاسم.
لقد حفر سميح القاسم اسمه في لوحة شعر المقاومة الفلسطينى، واستطاع أن يكون له فيه إسهامه الخاص، والذى تبلور في أنه ربط من خلاله شعرية الداخل الفلسطينى بالخارج للأدب، وقد تنوعت أعمال سميح القاسم ما بينَ الشعر والنثر والمسرحية والرواية والبحث والترجمة ومن مجموعاته الشعرية مواكب الشمس وأغاني الدروب ودمي على كفِّي ودخان البراكين وسقوط الأقنعة ويكون أن يأتي طائر الرعد وقرآن الموت والياسمين والموت الكبير وإلهي إلهي لماذا قتلتني؟ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وأحبك كما يشتهي الموت والجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب وجهات الروح وبرسونا نون جراتا: شخص غير مرغوب فيه ولا أستأذن أحداً وسأخرج من صورتي ذات يوم، وقد توفى «زى النهارده» فى ١٩ أغسطس ٢٠١٤