x

«المصرى اليوم» تدخل زنازين «لاظوغلى» بعد سقوط «أمن الدولة»

الثلاثاء 08-03-2011 21:47 | كتب: عمر الهادي |
تصوير : اخبار


«الشعب يريد تفتيش الجهاز».. كان هذا هتاف المئات أمام مقر مباحث أمن الدولة فى لاظوغلى، مساء الأحد، رغم تفريقهم من قبل قوات الجيش المسؤولة عن تأمين المكان، إلا أنهم عادوا بعد نحو ساعة مصرين على دخول المقر الأكثر شهرة للجهاز الذى أرعب مصر طوال 30 عاماً من حكم مبارك.


كانت القوات المسلحة قد سمحت لعدد من المتظاهرين بتفقد المبنى فى النهار خلال تسليمه للنيابة العامة، لكن روايات الخارجين جاءت متباينة وأثارت قلق المتظاهرين الذين أرادوا التأكد من عدم وجود معتقلين أو عمليات تدمير وثائق تجرى بالداخل.


وعندما وافقت القوات المسلحة على دخول 12 شخصا إلى المبنى فى محاولة أخيرة لطمأنة المتظاهرين قبل حلول موعد حظر التجول، بدأ المتواجدون فى مفاوضات عصيبة لتحديد أعضاء الوفد، بحيث يمثلون الإخوان والسلفيين وائتلاف شباب الثورة والمستقلين والمعتقلين السابقين والصحافة، وكان الأصعب حديث من دخلوا هذا المقر من قبل ويعرفون دهاليزه، لتجرى حوارات مثل: «إنت قعدت قد إيه جوة؟ سنتين؟ أنا قعدت 4 سنين»، ليتدخل آخر حاسماً الجدل: «أنا عشت هنا 8 سنين».


اشترطت القوات المسلحة عدم تصوير أى شىء بالداخل بناء على تعليمات النيابة العامة، فسلم أعضاء الوفد ما بحوزتهم من هواتف وكاميرات، لتبدأ رحلة الدخول إلى مقر مباحث أمن الدولة فى «لاظوغلى» الذى يتكون من مبنيين أحدهما قامت النيابة العامة بتشميعه والتحفظ عليه لاحتوائه على وثائق مهمة، كما يحتوى على سجن مغلق من 3 أدوار تحت الأرض، المبنى الآخر يضم مكاتب إدارية وسجنين فوق وتحت الأرض، وهو الذى سمح للمتظاهرين بدخوله، كما قامت النيابة العامة بتشميع بوابة تربط بين مقر الجهاز المغلق ومبنى وزارة الداخلية المجاور الذى يتواجد به بعض موظفيها حتى الآن.


أول ما لفت أنظار الداخلين كانت أكوام الورق المفروم التى تملأ مقر الجهاز فى محاولة أخيرة لإخفاء ما يمكن أن يكشف أنشطته وممارساته، الوثائق التى تم تدميرها تنتشر فى جراج المبنى وعلى السلالم وفى المكاتب الإدارية وبدت أيضا من بوابة المبنى الذى شمعته النيابة العامة.


وحانت اللحظة المنتظرة عندما اقترب الوفد من دخول السجن «الملاكى» الذى أداره العادلى تحت الأرض بعيداً عن القانون وسلطة القضاء، نزلنا عبر سلم وممرات ملتوية إلى الأسفل طالما روى نزلاء لاظوغلى أنهم اجتازوها معصوبى الأعين مع فاصل من الضرب، الزنازين مجرد قبور خرسانية لا تزيد مساحتها على مترين غير مجهزة بأى شىء على الإطلاق، وعلمنا أنها كانت تحوى فقط «جردلين»، واحد به مياه للشرب، والآخر لقضاء الحاجة.


شواهد الألم على جدران زنازين «جوانتاناموا مصر»، كانت المشهد الأبرز، فعشرات الرسوم والكتابات تنتشر على الجدران لتسجل معاناة أصحابها فى ليالى الظلام والتعذيب، ويبدو أن العادلى وقيادات الجهاز لم يكلفوا أنفسهم إعادة طلاء الجدران فبقيت كتابات المعتقلين عليها منذ التسعينيات، وغلب الطابع الإسلامى على تلك الكتابات التى حفلت بآيات قرآنية وأقوال مأثورة عن الظلم وعاقبة الظالمين، كـ«دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة»، ورسائل كتبها المعتقلون لمن سيأتون بعدهم تدعوهم إلى الثبات والصبر لأن «الجنة غالية» وحيل بدائية تعينهم على احتمال الحياة فى الداخل كما فعل أحد المعتقلين الذى سجل التاريخ وأيام الأسبوع منذ دخوله على الحائط يوماً بيوم حتى لا يفقد إحساسه بالزمن فى زنزانة يستمر ليلها 24 ساعة.


ولم تخل جدران عنبر الحبس الانفرادى تحت الأرض من لوحات وأعمال فنية بسيطة تعبر عن أصحابها، كرسم يصور رجلا يصلى لله ويقول «يا رب» أو حتى دعابات وتحية من المعتقلين الإسلاميين ترحب بـ«الأسد الشبراوى» الذى يبدو أنهم كانوا ينتظرون وصوله.


فى نهاية الرحلة التى انصرف المتظاهرون بعد إبلاغهم بنتائجها عثر الوفد على مكتبة تخص أحد المعتقلين يبدو أنها نقلت من بيته للتحقيق معه بشأن «أفكاره» وتبعثرت محتوياتها على الأرض، وما كان لافتاً للنظر بين الأوراق هو شهادات تقدير تؤكد تفوق صاحب المكتبة فى عمله ودراسته، وبطاقة انتخابية حمراء، تكشف إيمانه بالديمقراطية والتغيير عبر صناديق الاقتراع، وربما كان هذا تحديداً ما دفع العادلى ورجاله إلى اعتبار الرجل مجرماً يستحق العقاب فى قانون «لاظوغلى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية