x

صحفى ألمانى يخترق العالم السرى لـ«مافيا تجارة الأعضاء» فى مصر

الجمعة 18-08-2017 18:55 | كتب: أماني عبد الغني |
مافيا تجارة الأعضاء مافيا تجارة الأعضاء تصوير : اخبار

تمكن صحفى ألمانى من اختراق مافيا تجارة الأعضاء فى مصر، ليكشف عن حقائق بشأن تلك المافيا، وكيف تتورط مستشفيات خاصة شهيرة فى تلك التجارة غير المشروعة، كاشفاً عن أن أغلب سماسرة الأعضاء والمتبرعين بها من اللاجئين السودانيين.

وأوضح التحقيق، الذى نشره موقع «بريس بورتال» الألمانى، كيف تحتجز عصابات تجارة الأعضاء بعض الأشخاص بالقوة، وتستولى على أعضائهم، دون دفع أى مبالغ مالية لهم، حتى إنه لم تمنع إصابة بعضهم بأمراض خطيرة مثل الأيدز من سرقة بعض أعضائهم وزرعها لآخرين.

وقال تيلو ميشكا، صاحب التحقيق، إنه استعان بكاميرات خفية، ثُبتت إحداها بالنظارة وأخرى بحقيبة كتفه وأخرى بالظهر، وحتى المصور- الذى كان يظهر معه أحياناً- كان يبدو أنه سائح أجنبى.

وأضاف أنه انطلق فى رحلته مع مترجم، وأن أول مَن كان يسأله هو سائق التاكسى، باعتباره «أكثر الناس معرفة بخبايا المدينة»، على حد تعبيره، وحين سأله عن تجارة الأعضاء بمصر، قال له إن البعض يعرض 5 آلاف يورو مقابل العضو، وأضاف: «الحياة صعبة، وبصراحة لو أن هناك مَن سيعرض علىَّ 5 آلاف يورو سأبيعها أنا أيضاً»، وأوضح التقرير أن بعض الأجانب لديهم الاستعداد لدفع مبالغ تصل إلى 90 ألف يورو من أجل زرع الكلى.

ويوضح «ميشكا»، فى التحقيق، أنه على الرغم من تجريم القانون المصرى تلك التجارة غير المشروعة، فإن تجارة الأعضاء، وتحديداً الكلى، تشهد ازدهاراً فى مصر، مادامت الشهادات والإقرارات اللازمة متوفرة، ما يعنى أن العمليات تتم بصورة قانونية على الورق فقط، بأن يقر الشخص كتابة بأنه قام طواعية ومجاناً بالتبرع بكليته.

وتابع معد التقرير أن الفقر من بين العوامل التى تؤدى إلى ازدهار تجارة الأعضاء، وأن الوسطاء الذين يُطلق عليهم «السماسرة» يستهدفون بصورة خاصة المصريين ذوى الاقتصاد الرقيق، أو اللاجئين، ويقومون بإغرائهم بالمال، فيما تقوم المعامل الطبية باختبار كفاءة الأعضاء.

وأكد أن هناك احتياجاً متزايدا إلى الأعضاء حول العالم، إذ سجلت ألمانيا وحدها، فى يناير الماضى، وجود ما يزيد على 10 آلاف مريض فى انتظار متبرعين مناسبين بالأعضاء.

وشرح مقطع فيديو نشره موقع «فيميو» تفاصيل أخرى عن التحقيق، الذى يقول إن السياح لا يأتون إلى مصر فقط لقضاء إجازاتهم، وإنما يسافرون من أجل السياحة العلاجية أيضاً، وإجراء عمليات التجميل، نظراً لتدنى تكلفتها فى مصر مقارنة بألمانيا.

وكشف الصحفى: «لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن مصر من البلدان الجاذبة لزراعة الأعضاء، وإنه من أجل تلبية احتياجات السوق الأوروبية من الأعضاء، ظهرت فى مصر سوق غير قانونية لهذه التجارة».

وخاض «ميشكا» تجربة الذهاب إلى أحد المستشفيات الشهيرة، التى تعلن عن عمليات زرع الأعضاء، وتَحَدّث باعتباره سائحا سويسريا يبحث عن معلومات من أجل والده المريض بالكلى، موضحاً أنه بعد 5 دقائق فقط كان يجلس فى مكتب مدير المستشفى، الذى قال له: «هناك مشكلتان، الأولى وجود متبرع قريب له حتى يتمكن من الحصول على العضو، والثانية عدم وجود أى صورة من صور التربح المادى»، فقال له «ميشكا»: «المشكلة فى المتبرع، ولكن نستطيع بطريقة ما حل تلك المشكلة.. أليس كذلك؟»، فرد مدير المستشفى بضحكة عالية قائلاً: «نعم.. لا توجد مشكلة»، وأعطاه كارتا شخصيا.

واستنتج معد التقرير أن عملية زراعة الأعضاء للسياح الغربيين تتم بمنتهى السهولة، مضيفًا: «رغم أن حديث مدير المستشفى كان غامضاً وغير واضح، لكنه كان يبشر بالكثير».

بعدها قال «ميشكا» إنه التقى بأحد اللاجئين السودانيين، الذى حدد له أحد السماسرة لقاء معه، وقال له إنه قام بالتبرع بكليته، بعدما تلقى وعداً بالحصول على 7 آلاف دولار مقابل البيع، واستمر لأكثر من 20 يوماً فى إجراء فحوصات للتأكد من سلامة جسده قبل الجراحة.

ويقول اللاجئ: «بعدها ذهبنا إلى الشرطة لاستصدار موافقات كتابية، وذهبنا إلى السفارة، ثم إحدى الوزارات، وحصلنا على موافقات كتابية أخرى، ثم ذهبنا إلى المستشفى فى الشيخ زايد لإجراء العملية».

ويضيف اللاجئ السودانى: «العملية أُجريت فى الثانية عشرة والنصف ليلاً، وأفقت من التخدير فى الثالثة صباحاً، وحدى، دون وجود أحد بجانبى، وإلى منتصف النهار لم يتواجد أى أحد عندى»، مشيراً إلى أنه لا يزال يشعر بآلام شديدة فى موضع الجرح، ولم يعد يستطيع حمل أشياء ثقيلة على عكس الحال قبل إجراء العملية، ولا يستطيع التحرك بصورة جيدة.

وعن الـ7 آلاف دولار التى وُعد بها، قال اللاجئ: «السمسار أخبرنى بأننى سأحصل على الأموال بعد العملية خشية أن تسرقها الممرضات أثناء العملية، فوافقت، وقلت له لا توجد مشكلة، فأنا أثق فى الله وفيك، ولم أحصل على قرش واحد، ولم أحصل سوى على ندبة كبيرة جراء الجراحة وألم سيصاحبنى طيلة حياتى».

وكشف التحقيق أن سماسرة الأعضاء أغلبهم من اللاجئين السودانيين أنفسهم، الذين يتقاضون 5 آلاف يورو مقابل كل «كلية» يتوسطون فى بيعها.

وعن طبيعة عمل الوسطاء، التقى «ميشكا» بأحد السماسرة فى ميدان العتبة، حيث تتلاقى الجالية السودانية فى أحد المقاهى التى تواعد فيها مع السمسار، وحين سأل عامل المقهى عن بيع الأعضاء، حكى له حكايات مرعبة، وأعطاه رقم تليفون مَن يعرف هذه الأمور عن ظهر قلب.

واستطرد «ميشكا»، فى التحقيق، أنه هو والمصور كانا يتعرضان للاستيقاف من الأمن، للتدقيق فى أوراقهما وتصاريح التصوير، وأحد مَن استوقفهما كان شرطياً طلب الدعم، لتصل سيارة أمن جيب سوداء، تحدث قائدها إليهما، وتركهما فى حيرة بشأن ما إذا كانت هناك جهات قد عرفت الغرض الذى جاءا لأجله أم لا.

وواصل: «التجارة منظمة بشكل احترافى، حتى إنه توجد لدى السماسرة شقق يُحضرون إليها السودانيين مباشرة، ويقومون بإصدار الجوازات ودفع تذاكر السفر لهم، والمصريون يهتمون بالمعامل والأمور الطبية، أما السودانيون فهم المتبرعون والسماسرة، والعمليات يتم إجراؤها فى مستشفى بالشيخ زايد، يمتلئ بالمتبرعين».

وقال لاجئ سودانى آخر، التقى به الصحفى الألمانى، إن مسلحين قاموا بحبسه فى شقة لمدة تتراوح بين الشهرين و3 أشهر، وخضع للمراقبة داخلها، وذهبوا به إلى معمل تحاليل، وعندما عادوا إلى الشقة قاموا بضربه والاعتداء عليه لأنه لم يمتثل لأوامرهم، والكارثة أن اللاجئ أظهر له أوراقاً تفيد بأنه مريض بالإيدز، وأن الشخص الذى قاموا بسرقة كليته من أجله لابد أنه انتقل إليه المرض.

وأوضح أن «المجرمين» كانوا يعلمون بحقيقة مرضه، وبسؤاله عن المستشفى الذى أُجريت به الجراحة، قال: «لا أتذكر بالضبط، لكن يمكن أن يكون المستشفى الفاطمى»، فيما اختتم التقرير بالإشارة إلى أن تجارة الأعضاء غير القانونية تحقق عالمياً إيرادات تُقدر بمليار يورو سنوياً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية