هو أول رئيس لحزب يساري «التجمع» يأتي بانتخابات حقيقية في مصر، خلفاً لخالد محي الدين، أحد ضباط ثورة يوليو. انشغاله بالعمل السياسي، لم يبُعده عن التاريخ، إذ كتب مؤلفات عن أحداث تاريخية عدة بينها ثورة 1919. مُعارض أبدي للإسلاميين، ومُهادن لنظامي حسني مبارك وعبد الفتاح السيسي.
رَحل رفعت السعيد، اليساري البارز، عن الحياة، مساء الخميس، عن عمر يناهز 85 عاماً، سنوات عدة تبدلت فيها مواقفه تجاه الأنظمة السياسية، لكنه بقى معارضاً أبدياً للإسلاميين، على رأسهم تنظيم الإخوان، الذي يصفه في أحاديثه ومؤلفاته بـ«الإرهابي»، ووصفه مؤسسه بـ«الإرهابي المتأسلم» في كتابه الذي يُحلل فيه شخصيته «حسن البنا.. متى وكيف ولماذا؟».
«السعيد» اسم بارز في الحركة الشيوعية في سبعينات القرن الماضي، اُعتقال في نهاية الأربعينات، وكان عمره وقتها لا يتجاوز الـ16 عاماً، صار «أصغر معتقل سياسي»، حينما كان مُعجباً ومؤيداُ لحركة «حدتو»، استمرّ نشاطه السياسي في عهد جمال عبدالناصر، ثم بدا معارضاً للرئيس الراحل أنور السادات، بسبب مواقفه الاقتصادية، واعتقل عام 1978، بعد كتابة مقال ينتقد فيه زوجته جيهان السادات بعنوان «يا زوجات رؤساء الجمهورية اتحدن». وصف معارضته للسادات بالأكثر جذرية، بسبب سياسة الانفتاح، واتفاقية كامب ديفيد المعروفة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وأيّد انتفاضة الخبز في يناير 1977.
من معارضة السادات إلى اتهامات بمهادنة نظام حسني مبارك، صارت صورة «السعيد» في عيون كثير من اليساريين، خاصة بعد تعيينه في مجلس الشورى. في عهده أيضاً انشق عدد من أعضاء الحزب، وأسسوا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، متهمين إيه بمشاركته في تحويل الحزب من مُعارض إلى مُهادن لمبارك، على رأسهم عبدالغفار شكر.
رَحل نظام مبارك بثورة شعبية شارك فيها الملايين في 25 يناير 2011، أيّد «السعيد» الثورة، وهادن قيادات المجلس العسكري، واجتمع بهم أكثر من مرة عقب تنحي مبارك، حسبما قال، لكنه انتقد أداءهم في مرات عدة، إلى أن صعد الإخوان المسلمين للحكم.
موقفه من الجماعة لم يتغير، منذ ظهوره على الساحة السياسية، دائم الانتقاد لمواقفهم وأفكارهم، هم في نظره مجموعة من الإرهابيين، وضع أفكارهم تحت المجهر في ثلاثية «ضد التأسلم»، تطرق إلى تاريخ الجماعة، وأدبياتها، وحلل شخصية مؤسسها، علاقتها بالمجتمع المصري.
كان رئيس «التجمع» سابقاً، واحدا من الداعين لإسقاط محمد مرسي، وحث الشعب على التمرد ضد الجماعة، وكان رأيه أن تداول السلطة سينتهي مع استمرار الجماعة في الحكم. سقط الإخوان، وبارك تدخل الجيش بقيادة عبدالفتاح السيسي، آنذاك، وطالب بمساندته: «أُحب السيسي، لأنه أنقذ رقبتي في 30 يونيو».
دعّم فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وانتقد محمد البرادعي لتخليه عن منصبه نائباً لرئيس الجمهورية، نادماً على تأييده في جبهة الإنقاذ إبان عهد الإخوان، أيّد ترشح السيسي، ومع قرب انتهاء ولايته الأولى، كان لايزال يراه الأنسب لفترة ثانية: «العدو بتاعنا مش عايز السيسي رئيساً، كل من يحاول منافسته أحمق».
لدى «السعيد» مؤلفات عدة منها: «تاريخ الحركة الاشتراكية في مصر، الصحافة اليسارية في مصر، تأملا في الناصرية، مجرد ذكريات، عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية، والتيارات السياسية في مصر.. رؤية نقدية»