حين قلنا هنا، الثلاثاء، تحت عنوان «شرف الاستقالة» إنه لم يتبق لكم لدى الشعب المصرى سوى هذا «الشرف»، كنا ننطلق من مفهوم الاستقالة فى العالم المتحضر.. هذا المفهوم الذى يلزم المسؤول بتقديم استقالته إما اعتراضاً أو اعتذاراً.. اعتراضاً على شىء حدث.. أو اعتذاراً عما حدث.. والمفارقة أن الاثنين - الاعتراض والاعتذار - توفرا فى «أحداث ماسبيرو».. والمفارقة أيضاً أن حكومة «شرف» لا استقالت اعتراضاً ولا اعتذاراً..!
فقط.. فعلها الدكتور حازم الببلاوى، وزير المالية، لأنه استشعر المسؤولية أمام ضميره والتاريخ.. قدم الرجل استقالته بقرار فردى، ربما لأنه يؤمن مثلنا جميعاً بأن إيقاع الحكومة لا يواكب إيقاع «الثورة».. إيقاع ميدان التحرير حضارى متقدم وحالم بواقعية، وهو ما ينبغى أن يسود الأداء العام فى الدولة.. لم يعد فى طاقة مصر احتمال الحكم المطلق والعناد مع الشارع.. ولم يعد الإيقاع البطئ فى الفهم والتحرك صالحاً لإدارة المرحلة الانتقالية، إذا كان القابضون على الأمور يريدونها حقاً انتقالية وليست «ارتجالية»..!
كان على حكومة «شرف» كلها أن تنحاز لـ«شرف الاستقالة» وليس الببلاوى وحده.. وسواء تم تكليف بعضها فى الحكومة الجديدة أم لا، فإن الاعتراض كان واجباً والاعتذار كان مقدساً.. فالحكومة التى لا تعترض على إراقة دماء الأبرياء ولا تعتذر عن خطيئة «الدم الحرام» لا تستحق سوى أن نمنحها حكماً نهائياً بـ«الإقالة»..!