شهد تاريخ مصرى حلقات من الصراع على الحكم بسيناريوهات مختلفة لكن رجلا واحدا كسر القاعدة ورفض عرش مصر رغم مشروعية توريثه باتفاق الشعب والباب العالى بل ووالاحتلال أيضا، وهذه الواقعة الاستثنائية سقطت تقريبا من ذاكرة المصريين ولم يكن هذا الرجل سوى الأمير كمال الدين حسين، ابن السلطان حسين كامل والأميرة عين الحياة ابنة الأميأحمد رفعت باشا وكان وكان والده يعزه كل الإعزاز ويحبه حتى إنه إذا لم يقسم بالقرآن فإنه يقسم إما بحياة أبيه إسماعيل باشا أو بحياة ابنه كمال الدين حسين.
وقد أراد أن يخلفه ابنه على العرش واتفق مع الإنجليز على ذلك، وكانت المفاجأة المدوية أن اعتذر كمال الدين حسين عن قبول العرش في رسالة أرسلها لوالده في ٨ أكتوبر ١٩١٧ أي قبل يوم واحد من وفاة السلطان حسين بل وسجل ذلك في وثيقة رسمية تعتبر إحدى عجائب تاريخ مصر الحديث فما سمعنا عن إنسان يرفض عرشا، وهذه الوثيقة لم تكن سوى رسالة أرسلها الأمير كمال لوالده في ٨ أكتوبر١٩١٧ أي قبل يوم واحد من وفاة السلطان حسين، ومما جاء فيها: «يا صاحب العظمة السلطانية ذكرتمونى عظمتكم بما اتفقتم عليه مع الحكومة البريطانية الحامية وقت ارتقاء عظمتكم عرش السلطنة المصريةمن تأجيل وضع نظام وراثة العرش السلطانى إلى ما بعد بحثه وقد تفضلتم عظمتكم فأعربت لى عن رغبتكم في أن تكون وراثة عرش السلطنة المصرية منحصرة في الأكبر من الأبناء ثم من بعده لأكبر أبنائه وهكذا على هذاالترتيب وإنى لأذكرعظمتكم هذه المنةالكبرى لمافى هذه الرغبةمن التشريف لى على أنى مع إخلاصى التام لشخصكم الكريم وحكمكم الجليل مقتنع كل الاقتناع بأن بقائى على حالتى الآن يمكننى من خدمة بلادى بأكثر مما يمكن أن أخدمها به في حالة أخرى، لذلك أرجو من حسن تعاطفكم أن تأذنوا لى أن أتنازل عن كل حق أو صفة أو دعوة كان من الممكن لى أن أتمسك به في إرث عرش السلطنة المصرية بصفتى ابنكم الوحيد وأنى لا أزال لعظمتكم السلطانية النجل المخلص والعبدالكثير الاحترام...».
وكان الأمير كمال الدين حسين متزوجا من الأميرة نعمت الله توفيق ابنة الخديوي توفيق ،ولم يرزق منها بأطفال ولكنها كانت متزوجة قبلاًمن النبيل عادل طوسن ورزقت منه بأبن أسمته جميل طوسون وكان الأميركمال الدين حسين مهتما بالرحلات عبر الصحراء والسفر لبلدان العالم، وجمع التحف ثم اتجه للطرق الصوفية الألبانية ودعمهم وبعد فترة هجر الحياة العامة واصبح بلا طموحات، وتخلى عن العرش لعمه فؤاد قبل ساعات من وفاة والده وهناك روايات أخرى تفسر سر تنازل الأميركمال الدين حسين ولي عهد مصر وابن السلطان حسين كامل عن عرش مصر تقول أن أسباباً رومانسية وقصة حب حقيقية لسيدة فرنسية تدعي( مدام فيال ديمنييه ) كانت وراء رفضه عرش مصر وقد دخل الأمير كمال الدين حسين مستشفي ( الأنجلو أمريكان) بالقاهرة في حالة صحية متدهورة وأصر الأطباء على بتر إحدي قدميه حيث كان مصابا بجلطة في قدمه، ولكن الأمير طلب تأجيل العملية إلى حين يكتب وصيته التي أوصي فيها بقصره لزوجته ( نعمة الله ).
وبعد إجراء العملية وقبل أن يتماثل للشفاء أصر على السفر إلى فرنسا رغم رفض الأطباء وسافرضاربا بكل النصائح الطبية عرض الحائط ،وتوفي هناك «زي النهارده» في 6 أغسطس 1932وكان الأميركمال الدين متزوجا من الأميرة ( نعمة الله )أصغر بنات الخديوي توفيق والتي توفيت في 1955 وبعد وفاة الأمير كمال الدين حسين ظلت الأميرة نعمة الله تقيم في قصرهما هو حاليا مبنى وزارة الخارجية القديمة بميدان التحرير بالقاهرة وعاشت حياة زهد وتقشف اثناء اقامتها في القصر ثم قررت الانتقال لمبنى صغير مجاور للقصر واهدت قصرها إلى وزارة الخارجية المصرية في عام 1930 ليكون مقراً رسمياً جديداً لها.