يعد محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة بحق، وتولى حكمها من عام ١٨٠٥ إلى ١٨٤٨ أي على مدى ٤٣ عاما بعد أن بايعه أعيان البلاد وعلماؤها، وعلى رأسهم عمر مكرم على أثر ثورة الشعب على خورشيد باشا.
واستطاع محمد على أن ينهض بمصر عسكريًا وتعليميًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا، ما جعل من مصر دولة ذات ثقل في تلك الفترة، وهو مولود في مدينة قولة، شمال اليونان في عام ١٧٦٩لأسرة ألبانية كان أبوه«إبراهيم أغا»رئيس الحرس المنوط بخفارةالطريق ببلده، وكان لوالده سبعة عشر ولدًا لم يعش منهم سواه وقد مات عنه أبوه وهو صغير السن، ثم لم تلبث أمه أن ماتت فصار يتيم الأبوين، وهو في الرابعة عشر من عمره فكفله عمه «طوسون»، الذي مات أيضًا، فكفله حاكم قولة وصديق والده«الشوربجى» الذي أدرجه في سلك الجندية،فأبدى شجاعة وحسن نظر فقربه الحاكم وزوجه من امرأة غنية وجميلة تدعى«أمينة هانم»كانت بمثابة طالع السعد عليه وأنجبت له إبراهيم وطوسون وإسماعيل، ومن الإناث أنجبت له ابنتين.
وحين قررت الدولة العثمانية إرسال جيش إلى مصر لانتزاعها من أيدى الفرنسيين كان هو نائب رئيس الكتيبة الألبانية، التي كان قوامها ثلاثمائة جندى، وكان رئيس الكتيبة هو ابن حاكم قولة الذي لم يكد يصل مصر حتى قرر أن يعود إلى بلده، فأصبح هو قائد الكتيبة، وبعد فشل الحملة الفرنسية على مصر، وانسحابها عام ١٨٠١، تحت ضغط الهجوم الإنجليزى على الموانئ المصرية، ومع الزحف العثمانى على بلاد الشام، فضلا عن تنازع المماليك على السلطة في مصر بعد ذلك لم يمض وقت طويل حتى انسحب الإنجليزمن مصر، وتزايد الصراع بين العثمانيين والمماليك، وتم تعيين والى عثمانى جديد هوأحمد خورشيد باشا الذي لم ينجح في وضع حد للفوضى العارمة، وتم خلعه فاختار زعماء الشعب بقيادة عمر مكرم- نقيب الأشراف- محمد على ليجلس محله واستجاب السلطان العثمانى وعزل خورشيد باشا من ولاية مصر.
وتولى محمد على في ١٧ مايو سنة ١٨٠٥، ثم تخلص محمد على من نقيب الأشراف عمر مكرم، ثم تخلص من خطر المماليك في بمذبحة القلعة في سنة ١٨١١، وقد استطاع محمد على أن يجعل من مصر دولة عصرية، واستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية بخبراء أوروبيين إلى أن توفى في قصر رأس التين بالإسكندرية «زي النهارده» في ٢ أغسطس ١٨٤٩، الموافق ١٣ رمضان سنة ١٢٦٥هـ.