نجحت الثورة المصرية فى تحقيق جميع مطالبها الأساسية، ومرة أخرى يثبت المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قدرته على الالتحام بنبض الشارع، والاستجابة للمطالب المشروعة للجماهير، ولم تكن تلك الجماهير وهى تطالب د. أحمد شفيق بالاستقالة، تعترض على شخصه، بقدر ما كانت تعترض على نظام جاء منه، دون أن ينفى ذلك الدور الوطنى الذى قام به «شفيق» خلال سنوات خدمته لهذا الوطن، من مقاتل كفء، إلى قائد للقوات الجوية، ثم وزير ناجح للطيران، حقق خلال وجوده بهذه الوزارة إنجازات ملموسة انعكست على واجهة مصر ومطاراتها، فى إطار من الحسم والحزم والالتزام والاحترام، والابتعاد عن شبهات طاردت أغلب رموز النظام السابق.
الأرجح أن «شفيق» جاء لرئاسة الوزراء فى التوقيت الصعب، ولم تتح له الفرصة للأداء بالكفاءة المعهودة عنه، ولم يجد المناخ المناسب للعمل، وتحمل وحده فاتورة أخطاء، لم يكن شريكاً أساسياً فيها، لكن كل ذلك لا ينفى حقيقة مهمة، أن إرادة الشعب فوق كل شىء.
واليوم ونحن جميعاً نستقبل نبأ تكليف د. عصام شرف بتشكيل الحكومة، ندرك مع اقتناعنا بمؤهلات الرجل العلمية وخبراته التنفيذية وسماته الشخصية، وسمعته الطيبة، التى تسبقه فى كل مكان، أنه أيضاً جاء فى توقيت صعب، يعانى فيه اقتصادنا من عوائق كثيرة جداً، وسط تزايد للمظاهرات الفئوية، وتراجع فى الاستثمارات الخارجية والداخلية، وتوقف فى عجلة الإنتاج، وغلق مصانع، وتعطل البورصة، وتراجع الإيرادات العامة، كل ذلك لابد أن يضع على أكتافنا جميعاً مسؤولية جديدة، بتوفير المناخ الملائم للعمل، حتى يحقق «شرف» وحكومته الطموحات المرجوة منهم، لنبنى فى اتجاهات موازية بناء دستورياً وسياسياً جديداً تتولاه القوات المسلحة، وفقهاء الدستور والمجتمع الذى سيذهب للاستفتاء، ولنترك «شرف» يتفرغ لإعادة عجلة اقتصادنا وخدماتنا للدوران، لنبدأ جميعاً العمل من هذه اللحظة، ولنتخلص من عبء الماضى وفاتورته الباهظة من أجل أن نلحق بالمستقبل.
«المصرى اليوم» تحيى الفريق أحمد شفيق على دوره الذى أنجزه فى حدود ما كان متاحاً، وتتمنى للدكتور عصام شرف نجاحاً كبيراً يتخطى ما هو مأمول، وتناشد كل مصرى أن يبدأ العمل الآن وليس غداً.