إيجابيات الدورة الـ27 لمهرجان الإسكندرية السينمائى غابت وراء السلبيات التى حفلت بها، فى المؤتمر الصحفى الذى سبق حفل الافتتاح، أكد رئيس المهرجان أن هذه الدورة استثنائية، فهى لأول مهرجان سينمائى مصرى يقام بعد ثورة 25 يناير، وتصور الجميع أن المهرجان استفاد من أخطاء السنوات السابقة، وأن رياح التغيير عرفت طريقها إلى أسلوب إدارته وأن الحماس الزائد الذى تحدث به رئيس المهرجان عن كفاحه من أجل خروج دورة تليق باسم الإسكندرية وشهداء الثورة الذين تم إهداء الدورة إلى أرواحهم سوف ينعكس على شكل المهرجان وأسلوب إدارته، وهو الأمر الذى لم يدركه القائمون على المهرجان، حيث أعلنوا عن تعديل لائحته من أجل منح فيلم «حاوى» فرصة المشاركة بعد اعتذار العديد من الأفلام، بحجة مشاركتهم فى مهرجانى أبوظبى ودبى بعد مساهمة المهرجانين فى تمويل هذه الأفلام، كما تضمنت مسابقة أفلام الديجيتال فيلماً من إخراج ابن رئيس المهرجان، واستغل عصام الشماع المستشار الفنى للمهرجان فيلم «الفاجومى» الذى أخرجه وقدمه فى أوبريت الافتتاح «على اسم مصر» الذى كتبه الشماع وأخرجه عادل عبده باعتباره فيلم ثورة يناير.
لعب المهرجان على وتر السياسة وأجاد فى اختيار الشعارات التى يستند إليها، فأعلن عن اختيار تونس ضيف شرف دورة هذا العام باعتبارها صاحبة الشرارة الأولى فى ربيع الثورات العربية، وقبل ساعات من حفل الافتتاح اكتشفت إدارته أن تونس لم ترسل سوى فيلم واحد يتيم هو «النخيل الجريح» للمخرج عبداللطيف بن عمار، لتشارك به فى مسابقة دول البحر المتوسط ولم ترسل أفلاماً أخرى لتعرض فى إطار برنامج التكريم وبالتالى كان الحل السحرى الذى لجأ إليه المهرجان ولم يخرج أيضا عن إطار خلط السينما بالسياسة، فكانت تركيا هى الدولة «اللى عليها العين» وتتوافر فيها الشروط المطلوبة للتكريم، فهى تساند الدول العربية فى ثوراتها وغض المهرجان الطرف عن تكريمه للسينما التركية فى دورته الماضية، ورغم ذلك لم ينجح المهرجان فى إتمام حيلته بعد تجاهله دعوة أحد من صناعها.
ولأول مرة يقام المهرجان دون أن تعرض أفلامه تجارياً بدور عرض وسط المدينة واكتفى ببعض العروض بمركز الإبداع والمركز الثقافى الفرنسى، ووقع الاختيار على فيلم «كف القمر» للمخرج خالد يوسف لعرضه فى الافتتاح إلى جانب تمثيله لمصر فى المسابقة، وقبل الافتتاح بساعات رفض خالد يوسف عرضه بقاعة سيد درويش بحجة أنها غير مجهزة للعروض السينمائية وابتكر المهرجان حلاً من سلسلة الحلول الجاهزة لديه، وعلى الفور قرر إقامة الافتتاح فى قاعة سيد درويش، بينما يعرض الفيلم بسينما جرين بلازا.
اختار المهرجان تكريم يحيى الفخرانى وزهرة العلا وسمير سيف وبشير الديك وتحدد 5 مساء الجمعة الماضى موعد ندوة بشير الديك وقبل الندوة بساعات قليلة ترك الديك فندق المهرجان عائداً إلى القاهرة واعتذر عن حضور ندوة تكريمه والأغرب أن ممدوح الليثى الأب الروحى للمهرجان رفض حضور حفل الختام وغادر الإسكندرية عائداً إلى القاهرة احتجاجاً على أسلوب إدارة المهرجان.
قرر المهرجان الاحتفالبمئوية نجيب محفوظ وبمرور 25 عاماً على رحيل المخرج شادى عبدالسلام بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية بحيث تقام ندوة «شادى» 12 ظهر السبت الماضى. فيما تعقد ندوة محفوظ 7 مساء ورغم أهمية الندوتين إلا أن قلة الحضور تسببت فى إلغائهما، حيث رفض ممدوح الليثى رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما والمتحدث الوحيد فى الندوة الظهور بعد اكتشافه أن عدد الحضور لا يتجاوز 13 شخصاً، وفى ندوة «شادى» لم يتجاوز عدد الحضور 6 أشخاص لذلك كان قرار الإلغاء الأنسب والأسرع، كما تم إلغاء الحوار المفتوح لوزير الإعلام مع السينمائيين والصحفيين والذى كان مقررا له 11 صباح السبت الماضى.
مع انطلاق أعمال لجنة التحكيم اكتشفت رئيس لجنة التحكيم الإسبانية «هيلينا تابرنا» أن هناك أربعة أفلام تشارك فى المسابقة لم تصل بعد وحاولت إدارة المهرجان البحث عن حل فقررت عرض هذه الأفلام على أسطوانات مدمجة بدلاً من نسخ الـ35 ملى وهو مارفضته رئيس اللجنة ورفضت التوقيع على النتيجة رغم تهديد أحد أعضاء اللجنة بإقصائها من موقعها كرئيس للجنة.
أزمة أخرى عاشها المهرجان بسبب عدم الاستقرار على مكان حفل الختام، حيث أعلن رئيسه عن اختيار قاعة الفندق لإقامة الحفل، خاصة أنه سيكون بسيطاً وسيقتصر على توزيع الجوائز فقط وبعد ساعات من المداولة تقرر إعادة الحفل إلى أوبرا الإسكندرية بسبب إقامة حفل زفاف داخل قاعة الفندق.
ورغم أهمية مهرجان الإسكندرية كنافذة لسينما دول البحر المتوسط فإن نوايا القائمين عليه بحاجة إلى «فلتر» لتنقيتها وأن تكون خالصة لوجه السينما، وأن تكون شعاراته حقيقة يؤمن بها بدلاً من ترديدها فى «الفاضى والمليان».