بالنظر إلى واقع قطاع الاتصالات ومستجداته الأخيرة بدخول المصرية للاتصالات كمشغل لخدمات المحمول، وارتفاع تكاليف الإنفاق وانكماش الإيردات، يتمثل أكبر سؤال فى مدى قدرة الشركات على تحقيق مستهدفاتها الاستثمارية خلال الفترة المقبلة. الحكومة ممثلة فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تستهدف زيادة أعداد مشتركى الهاتف المحمول إلى 105.33 مليون مشترك بنهاية يونيو 2018، ترتفع إلى 109.12 مليون مشترك بنهاية العام المالى 19/2020، ضمن خطة متوسطة المدى للقطاع. إلا أن الشركات على الجانب الآخر تشهد تغيرات كبيرة على مستوى أوضاعها الداخلية، تأثراً بنقاط الضعف التى تعانى منها سواء على مستوى الإيرادات خلال السنوات الأخيرة، أو تأثراً بالتداعيات الاقتصادية الأخيرة.
محللو بنوك الاستثمار يتوقعون أن تبدأ الشركات وحتى 2020 فى تنفيذ خطط طويلة المدى تركز على توسيع قاعدتها الاستثمارية لتعظيم إيراداتها وتعويض الانكماش الذى شهدته على مدار الـ3 سنوات الأخيرة، وذلك عبر التركيز على خدمات نقل البيانات والحفاظ على العملاء الحاليين وعدم تقليص الحصص السوقية الراهنة، بالإضافة إلى عدم المجازفة فى التوسع خارج الأنشطة الراهنة.
وأشاروا إلى أن الشركات ستعانى نسبيا من استمرار انكماش إيراداتها حتى منتصف 2018، خاصة فى ظل استبعاد سيناريو رفع أسعار الخدمات المقدمة مع دخول المصرية للاتصالات والاستمرار فى حلقة المنافسة.
واقع الشركات
قال أحمد عادل، محلل قطاع الاتصالات ببنك استثمار بلتون، إن المصرية للاتصالات أكثر الشركات التى ستواجه ضغوطًا نتيجة رفع أسعار الفائدة من بين مشغلى الاتصالات، حيث تعتمد على التسهيلات الائتمانية سواء قصيرة أو طويلة الأجل لتمويل رسوم رخصة المحمول وترددات الجيل الرابع بالإضافة لدخولها كمشغل رابع لخدمات الجيل الرابع للمحمول، مما أدى لوصول صافى ديون الشركة إلى 1.99 مليار جنيه فى مارس 2017، ليبلغ صافى الدين 0.1 مرة نسبة إلى حقوق المساهمين، مقارنة بصافى سيولة نقدية بنحو 2.59 مليار جنيه فى يونيو 2016.
أضاف أن حصة المصرية للاتصالات فى فودافون البالغة 45%، يُعد من ضمن نقاط القوة الراهنة لها على صعيد دعم ربحيتها، ولكن فى ظل ارتفاع المصروفات التمويلية قد تلجأ إدارة الشركة للنظر فى التخارج من هذه الحصة فى مراحل مبكرة، لتمويل رسوم رخصة المحمول وتأسيس الشبكة فى الأجلين المتوسط والطويل، وتلبية احتياجات الشركة المالية التى تقدر بـ7 مليار جنيه فى الأجل المتوسط إلى الطويل حتى عام 2021 لصالح أقساط رسوم رخصة الجيل الرابع وتأسيس الشبكة.
وعلى صعيد شركة فودافون، أشار عادل إلى أن امتلاك الشركة لأكبر حصة فى قطاع الأعمال والمؤسسات يدعم ربحيتها، ويُعد من أكثر المقومات التى قد تلجأ الشركة للتركيز عليها لتعظيم إيراداتها فى ظل ارتفاع تكاليف الإنفاق، ويضمن لها الحفاظ على هوامش ربحية أعلى مقارنة بباقى الشركات مشيرا إلى أنه فى ظل السياسة المتوقعة لشركة المصرية للاتصالات لتتوجه نحو قطاع المؤسسات والاستحواذ على حصة منه، سترتفع المنافسة على فوادفون. وأشار إلى أن شركة أورنج مؤهلة بشكل كبير للمنافسة من الناحية التقنية والفنية، إلا أنها فى حاجة لطرح نسبة من أسهمها للاكتتاب العام كسبيل لتوفير التمويل اللازم لها لاستكمال توسعاتها الاستثمارية، وتسديد الديون التى تقف عائقًا أمام تحقيقها لصافى أرباح خلال الـ3 سنوات الأخيرة موضحاً أن الأداء التشغيلى للشركة جيد باستثناء تكلفة الديون.
وأوضح محلل قطاع الاتصالات ببنك استثمار بلتون، أن شركة اتصالات مصر تُعد من أكثر الشركات التى تأثرت سلبًا بقرار التعويم، وذلك فى ظل تحويل أرباحها للدرهم وبالتبعية تراجع ربحيتها فى ظل احتساب فرق العملة، مضيفاً أن زيادة المنافسة سيضع مزيدا من الضغط على إيرادات الشركة فى ظل صعوبة اجتذاب عملاء جدد والمنافسة على الاحتفاظ بالحصة السوقية من العملاء الحاليين.
وفى سياق متصل قال أنه فى ظل الانخفاض المتوقع فى ربحية الشركات بالتزامن مع ارتفاع تكاليف الإنفاق والتداعيات السلبية التى تواجهها الشركات، من المتوقع عدم مجازفتها للتوسع خارج أنشطتها الراهنة والتركيز على استراتيجية الحفاظ على العملاء وعدم تقليص الحصص السوقية الراهنة.
أوضح أن الشركات قادرة على تخيفض تكاليفها من خلال تبنى سياسة تكاملية بين الشبكات فى مجالات البنية التحتية ذات التكاليف المرتفعة، وذلك على غرار معظم الأسواق المشابهة، موضحاً أن الفكرة تتمثل فى إنشاء شركة واحدة بحصص مختلفة، تتمكن من خلالها الشركات استخدام أبراج موحدة وتطوير هذه الأبراج بشكل مشترك مما يخفض من تكاليف الإنشاءات، ويضمن عدم الاحتكار بالسوق، وتأثير الوضع المالى على حصص الشركات وربحيتها.
وتوقع استعادة السوق لتوازنه، على المستوى التشغيلى، والمتمثل فى عودة الاستهلاك لمعدلاته المرتفعة، بنهاية العام المقبل 2018، بالتزامن مع جودة الخدمات المتوقع أن تقدمها الشركات مع بدء إطلاق خدمات الجيل الرابع للمحمول بنهاية 2017، والتى من شأنها أن تُعيد الجاذبية للقطاع، وعلى الصعيد المالى توقع تحقيق التوازن على مستوى هوامش الربحية وإيرادات الشركات مع نهاية 2019.
خدمات نقل البيانات
وقال عمر ماهر، محلل قطاع الاتصالات ببنك استثمار «هيرميس»، أن توسع الشركات بخدمات نقل البيانات والإنترنت، سيعتمد على محورين أساسيين، يتمثل الأول فى ضخ مزيد من الاستثمارات فى تجهيز البنية التحتية بهدف توسيع التغطية وتقديم خدمات سريعة وبجودة ذات كفاءة، فى حين يتمثل الثانى فى السياسة التسويقية للشركات ومنافستها فى الأسعار.
وأكد على أن تفكير الشركات فى التوسع فى مجالات وأنشطة أخرى على المدى المتوسط، يُعد من أكثر السيناريوهات المستبعدة فى ظل الكثير من العقبات التى تقف أمامها سواء على صعيد التمويل أو المنافسة المحتدمة بظهور مشغل رابع لخدمات المحمول، يتمتع بالاستحواذ على حصة كبيرة من خدمات نقل البيانات والإنترنت.
وفى ذات السياق؛ أوضح محلل قطاع الاتصالات بهيرميس، أن تفكير التوسع بأنماط استثمارية جديدة، قد يقتصر على شركة فودافون التى تمتلك أكبر حصة سوقية من قطاع المؤسسات، والتى قد تدعمها لاطلاق تطبيقات جديدة أو الاستحواذ على شركات وتأسيس مراكز بيانات، ليظل النمط الأساسى لباقى الشركات التى يشكل الأفراد أكبر نسبة منها هو التركيز على خدمات الإنترنت.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيد من الحملات التسويقية والدعائية كاتجاه رئيسى للشركات للحفاظ على قاعدة عملائها الحاليين وزيادة نسبة استهلاكهم لخدمات نقل البيانات، موضحاً أن استراتيجية الشركات بالوقت الحالى تتمثل فى الحفاظ على الحصة السوقية لها وعدم اقتناص المصرية للاتصالات لجزء منها.
أضاف أنه فى ظل الحملات الترويجية للشركات، من المتوقع أن ترتفع حصة خدمات نقل البيانات والإنترنت سواء الثابت أو المحمول من إجمالى إيرادات الشركات من 20%: 30% حاليا إلى ما يتراوح بين 40%: 50% على المدى الطويل.
مضيفاً أن تلك النسب تؤكد مستقبل هذا النشاط وقدرته على تعظيم الاستثمارات التى تضخها الشركات فيه بصورة كبيرة مقارنة بأى أنشطة أخرى.
وأكد طاهر سيف، محلل قطاع الاتصالات ببنك استثمار «برايم»، على ضرورة توفير الشركات السيولة اللازمة لتطوير بنيتها الأساسية، من أجل الحفاظ على مستويات الجودة وضمان الحفاظ على الحصة السوقية لكل شركة فى عدد المشتركين، خاصة مع دخول المصرية للاتصالات كمشغل خدمات الجيل الرابع للمحمول، والتى من المتوقع أن تستحوذ على حصة سوقية قدرها 2% خلال 2017.