لم يكن حسين أحمد شميط، الطالب المتفوق من قرية حاجر الضبعية غرب مدينة الأقصر، يعلم أن دراسته فى كلية الهندسة بجامعة أسيوط فى مطلع الثمانينيات ستدفعه إلى الاندماج فى الجماعة الإسلامية التى كانت منتشرة بالجامعة، ليتم تصعيده بها، حتى يجد نفسه مطلوباً لدى الأجهزة الأمنية، بتهمة مشاركته فى محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق زكى بدر، وقضية حرق نوادى الفيديو الشهيرة بمدينة أسيوط عام 1990، ليقرر بعدها الرحيل عن البلاد فترة امتدت إلى 21 عاما، بدأها بالسفر إلى أفغانستان، التى انتقل منها بعد عامين إلى السودان، التى قضى بها 4 أعوام، تم خلالها إدراج اسمه كأحد المشاركين فى محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا عام 1995، والتى تمت مكافأته بعدها من قبل الجماعة الإسلامية، ليكون المسؤول الأول عنها فى أفغانستان فى منتصف عام 1996.
«المصرى اليوم» التقت «شميط» فى منزله فى البر الغربى بمدينة الأقصر وأجرت معه هذا الحوار:
■ كيف كانت بداية علاقتك بفكر الجماعة الإسلامية؟
- بدأت العلاقة قبل حادث اغتيال السادات من خلال مسجد الرحمن بمدينة أرمنت الملاصقة للقرية وتأثرت بمجموعة من المنتمين لفكر الجماعة، وهم الشيخ رفاعى طه، والشيخ السيد الدندراوى وغيرهما، وكنا نعقد محاضرات دورية بالمسجد، إلى أن جاء حادث اغتيال السادات، فتفرقت مجموعة القرية بعد هروب البعض من الملاحقات الأمنية، والقبض على البعض الآخر.. ومع التحاقى بكلية الهندسة فى جامعة أسيوط، وبالتحديد فى السنة الإعدادية بالكلية عام 1984، وكان بها الجيل الأول من المتهمين فى اغتيال السادات الذين أفرج عنهم بعد 3 سنوات من الحادث، فى نفس فترة التحاقى بالجامعة، انخرطت معهم بصورة كبيرة.
■ كيف بدأ تصعيدك لتصبح كادرا من كوادر الجماعة؟
- لم تبدأ الأمور فى يوم وليلة وإنما كانت بالتدريج، كما كان يحدث فى أى مكان وفى أى تنظيم سياسى أو إسلامى من خلال الاختبار والأنشطة التى تحكم على مستوى الفرد، ثم تأتى بعدها التكليفات، وقد تم تصعيدى تدريجيا، ومع سيطرة الإخوة على اتحاد طلاب الجامعة، فى عام 1985، حصل الأخ عبدالعظيم رفعت السيد، على منصب أمين الاتحاد وحصل على منصب النائب الأخ أحمد رشدى، وحصلت أنا على منصب مقرر اللجنة الثقافية بالجامعة وكنت وقتها طالبا فى السنة الأولى بقسم الكهرباء، أى بعد عام واحد من التحاقى بالجامعة، وصرت كادرا فى الجامعة التى كان أميرها الشيخ محمد فايد، والتى كانت تتبع لأمير أسيوط الشيخ أحمد عبده سليم، وكانت وقتها الإمارة العامة للشيخ عمر عبدالرحمن، المحبوس حاليا فى الولايات المتحدة الأمريكية.
■ ما مدى العلاقة بين الأمن وبينكم فى تلك الفترة ومتى بدأت الملاحقات الأمنية تطاردك؟
- الأمن وقتها أحس بالخطورة من انتشار الدعوة فى الصعيد، وفى أسيوط والمنيا تحديدا، فبدأ الأمن يطاردنى مع السنة الثالثة لى فى الجامعة، فى عام 1986، وكنت وقتها فى السنة الثانية بقسم الكهرباء، عندما تولى وزارة الداخلية زكى بدر خلفا لأحمد رشدى، بعد أحداث الأمن المركزى فى فبراير عام 1986، وللأسف، كان مصيرنا دائما مع وزارة الداخلية، لأن النظام السابق كان يتعامل معنا أمنيا وليس سياسيا، ولا يحتضن أحدا من أبنائه، وكان زكى بدر قبلها محافظا لأسيوط، ومع توليه الوزارة بدأت الأمور تنقلب رأسا على عقب، وبدأت معه مرحلة صعبة جدا، فبدأ زكى بدر يتحدث عن الضرب فى سويداء القلب، وهى المرحلة التى بدأها بقتل شعبان راشد عام 86، لمجرد قيامه بلصق إعلان على الحائط، حينما جاءه أحد المخبرين وأمره بأن يترك الإعلان أو أن يطلق الرصاص على رأسه، وبالفعل أطلق عليه الرصاص وتوفى فى الحال، وواصل زكى بدر تنفيذ وعده بالضرب فى سويداء القلب مع أبناء الجماعة، مع حملة كبيرة من الاعتقالات واقتحام المساجد، وكان أول نصيب لى من الاعتقال عام 1987 حينما اقتحمت قوات الأمن مسجد الرحمة بأسيوط، بالقنابل المسيلة للدموع، واعتقلت لمدة أربعة شهور، وبعد أن أفرجوا عنى اعتقلت مرة أخرى فى عام 88، لمدة 5 شهور، وكان الاعتقال الأخير لى قبل أن أترك مصر فى عام 1989، استمر حوالى 4 شهور، وفى كل مرة كنت أتعرض للتعذيب.
■ متى قررت الخروج من البلاد، وما هى الدوافع التى قررت على إثرها مغادرة مصر؟
- بعد محاولة اغتيال زكى بدر فى ديسمبر عام 1989، كنت مطلوبا من قبل النظام، على الرغم من عدم حملى السلاح مطلقا، وتم اتهامى فى قضية حرق نوادى الفيديو فى أسيوط، فى مطلع عام 1990، فكان علىّ أن أختفى تماما، وألا أفكر فى الذهاب للجامعة حتى ولو لأداء الامتحانات، وكنت وقتها فى السنة النهائية بالكلية، فقررت أن أغادر البلاد دون أن أتم دراستى.
■ كيف تم تنظيم وتخطيط عملية هروبك من مصر بعيدا عن أعين الأمن؟
- لا يمكننى الكشف عن كيفية عمليات الهروب الآن.. نؤجلها للقاءات قادمة، إلا أنه حقيقة كانت عملية هروبى وعدد من الإخوة عملية صعبة جدا فى تلك الفترة، وغادرت مصر فى شهر أبريل عام 1990 والذى كان موافقا لشهر رمضان 1410 هجرية، ونزلت بالمملكة العربية السعودية قاصدا أفغانستان، حيث كانت وقتها مرحلة الجهاد الأفغانى، وكانت الأمور بالسعودية مهيئة لإرسال المجاهدين، وحقيقة لم أخرج فى البداية قاصدا الجهاد، وإنما هربا من جبروت الظلم والملاحقة الأمنية، ولاستثمار فرصة تواجدى بالسعودية أديت فريضة العمرة، وانتظرت موسم الحج لأداء فريضة الحج، فقضيت أربعة شهور بالمملكة، ثم بعد ذلك انتقلت إلى مدينة بيشاور الباكستانية فى شهر أغسطس من نفس العام تمهيدا لدخولى إلى أفغانستان.
■ كيف تم استقبالك فى أفغانستان وما هى المهمة التى كلفت بها؟
- مثل أى مجاهد عربى يدخل إلى بيشاور تم تسليمى أدوات الجهاد، مع حقيبة بها ملابس وبعض الأدوات، وكانت بالمدينة «بيوتات» للمجاهدين المصريين أو الجزائريين، وهى عبارة عن بيوت ضخمة مكونة من ثلاثة أو أربعة طوابق، وظللنا بالمدينة لمدة أسابيع قليلة.
■ ما طبيعة دور وحجم الجماعة الإسلامية فى أفغانستان فى ذلك الوقت؟
- كان للجماعة الإسلامية فى أفغانستان شأن كبير فى ذلك الوقت، وكان الشيخ طلعت فؤاد قاسم المعروف بـ«أبوطلال القاسمى» والمولود فى محافظة قنا، أميرا للجماعة ومسؤولا عنها بأفغانستان فى تلك الفترة، وكان أبرز من معه من الجماعة، الشيخ رفاعى طه، والشيخ مصطفى حمزة.
■ هل كان هناك معسكر خاص للجماعة فى أفغانستان؟
- بعد أن دخلت إلى أفغانستان عبر الحدود الباكستانية - الأفغانية، نزلت بمعسكر خاص بالجماعة الإسلامية كان يسمى «معسكر الخلافة الإسلامية»، وهو بالفعل خاص بالمصريين فقط من المنتمين للجماعة، حيث قضيت فترة تدريبية لمدة 6 أشهر مع حوالى 20 مجاهدا من المستجدين فى أفغانستان من أتباع الجماعة، وكان يدير المعسكر فى ذلك الوقت الشيخ صهيب عادل، المولود فى محافظة المنيا، وكنيته أبوفهد.
■ هل كانت تطلق عليك أسماء حركية طيلة هذه الفترة؟
- نعم، كنيت بثلاث كنيات هى: أبومهدى، وفتحى وسيف، والكنية الأولى هى الأشهر.
■ ما هى المناطق والجبهات التى كلفت بالقتال بها؟
- بعد انتهاء فترة التدريب يتم إرسال المجاهدين إلى الجبهات لمحاربة الحكومة الشيوعية التى يدعمها الاتحاد السوفيتى والتى خلفها وراءه عقب انسحابه من أفغانستان، والتى كان يقودها محمد نجيب الله، ولقد حاربت فى تلك الفترة فى عدة جبهات أبرزها جلال آباد، وخوست، وكرديز، واستمر قتالنا للحكومة الشيوعية حتى سقطت فى أبريل عام 1992، وبعد دخول المجاهدين إلى كابول، بدأ النزاع بينهم وانقسموا إلى عدة جبهات، أبرزها: برهان الدين ربانى، وقلب الدين حكمتيار، والشيخ يونس خالص.
■ ما هو الموقف الذى اتخذته الجماعة بعد حدوث النزاع بين المجاهدين الأفغان؟
- حاول كبار المجاهدين العرب كثيرا الصلح بين المتنازعين الأفغان، إلا أن محاولاتهم تكسرت على عناد القادة الأفغان، فقرر المجاهدون العرب ترك الساحة وعدم الانضمام إلى فصيل، حتى إن الشيخ «أبوطلال القاسمى» أمير الجماعة بأفغانستان له مقولة شهيرة فى ذلك الوقت: «لو أعطونا سلاحا يضرب الكافر ولا يضرب المسلم إذن لحاربنا معهم»، ولم يشارك جميع المجاهدين العرب مع أى فصيل، باستثناء بعض المجاهدين السوريين والمغاربة، الذين انضموا إلى قلب الدين حكمتيار، حيث رأوا أن الحق معه، ووقتها قررت الجماعة الإسلامية مغادرة أفغانستان، وتفرقوا فى أكثر من دولة، فبعضنا غادر إلى السودان، ومجموعة انتقلت إلى اليمن، وبعضنا انتقل إلى دول أوروبية، وقررت مجموعة العودة إلى مصر، وهم المعروفون إعلاميا فى تلك الفترة بـ«العائدين من أفغانستان».
■ وأنت إلى أى البلاد انتقلت فى هذه الفترة؟
- قررنا أنا وحوالى 100 من زملائى أن نختار فى نهاية عام 1992 النزول إلى السودان، فغادرنا أفغانستان عن طريق حدود باكستان، عبر مطار بيشاور إلى الخرطوم التى نزلنا بها كمستثمرين أنا وزملائى فى شركة تجارية خاصة بالجماعة، تعمل فى مجال الزراعة وتربية المواشى، وكانت لدينا عدة مزارع بالخرطوم، وعشنا بالعاصمة السودانية حياة مدنية كاملة دون أى إخفاء لشخصياتنا، أو أى ملاحقة خلال الفترة من نهاية عام 1992 إلى مطلع عام 1996.
■ ما دورك فى عملية اغتيال مبارك فى أديس أبابا؟
- لن أفصح الآن عن أى تفاصيل خاصة بدورى فى محاولة اغتيال الرئيس السابق فى أديس أبابا، وسأنشر كل التفاصيل الخاصة بتلك العملية فى مذكرات خاصة بى، فى الوقت المناسب، فلو ضمنت أن الثورة المصرية نجحت 100% لبصمت لكم بالعشرة على كل شىء.
■ ما هى المعلومات التى يمكنك الكشف عنها الآن فى عملية أديس أبابا؟
- قام بتنفيذ تلك العملية التى لم يكتب لها النجاح 10 أعضاء ينتمون للجماعة الإسلامية كلهم مصريون، قاموا بعمل كمين لمبارك عقب خروجه من المطار، إلا أنهم لم يوفّقوا، واستشهد 6 منهم أثناء العملية، وثلاثة تم القبض عليهم من قبل السلطات الإثيوبية، وشخص واحد فقط من منفذى الهجوم استطاع الهروب والعودة مرة أخرى إلى السودان، هذا كل ما أستطيع الكشف عنه خلال الفترة الحالية. وبالنسبة للمقبوض عليهم فى إثيوبيا، فلقد قامت الجماعة الإسلامية بتقديم طلب لرئيس الوزراء الإثيوبى ميليس زيناوى، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة الشهر الماضى لبيان ومعرفة أوضاع الإخوة الثلاثة المقبوض عليهم، وهم: صفوت حسن عبدالغنى، والعربى صبحى، وعبدالكريم النادى، حتى إذا ما كانوا على قيد الحياة يتم تسليمهم إلى السلطات المصرية.
■ لكن أنت كنت ضمن المتهمين فى هذه العملية؟
- نعم، كنت ضمن المتهمين والمطلوبين أمنياً فى هذه القضية وقتها.
■ ما هى طبيعة التدريبات التى تتم فى العمليات الخاصة كاغتيال رؤساء الدول مثلا؟
- التدريبات الخاصة بنصب الكمائن والاغتيالات عامة من التدريبات الأساسية للمجاهدين فى أفغانستان.
■ هل كانت هناك معسكرات تدريبية للجماعة الإسلامية فى السودان أثناء فترة تواجدك بها؟
- «لا».. لم تكن هناك معسكرات تدريب قتالية للجماعة فى السودان إطلاقاً طوال المدة التى أقمت بها فى السودان.
■ ذكرت سالفا أنك قضيت الفترة من عام 1992 إلى 1996 فى السودان، فإلى أى البلاد تمكنت من الهروب بعد هذه الفترة؟
- بعد ظهور حركة طالبان فى أفغانستان وسيطرتها على المدن والحصون الأفغانية، قررت مغادرة السودان إلى أفغانستان، مرورا بسوريا حيث تزوجت من زوجتى الجزائرية فى 18 مارس عام 1996، أثناء تواجدى القصير بسوريا، وهى شقيقة لزملاء مجاهدين جزائريين، ممن كانوا معنا فى أفغانستان، وخريجة أحد المعاهد الفرنسية بالجزائر، وطبعا لم أرها قبل الزواج، وتمت الزيجة بعد مجموعة اتصالات للقاء وعقد القران بسوريا التى قضينا بها شهرا ونصف الشهر قبل أن نذهب إلى أفغانستان، التى وصلنا إليها فى مطلع يونيو 1996، قبل شهرين من سقوط كابول فى أيدى طالبان، ونزلنا بمدينة جلال آباد أولا، ثم نزلنا بقندهار، ولكن هذه المرة كنت مسؤولا عن الجماعة وأميرا لها بأفغانستان، وكانت حياتنا بسيطة جدا هناك حيث كنا نأكل القشدة والزبادى، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «وجعل رزقى تحت ظل رمحى»، وأذكر أننا كنا فى مركز قتالى يسمى «بدر الصغرى»، كانت لدينا حظيرة ديوك رومى، وكان هناك تنسيق كبير بين المعسكرات التدريبية المختلفة فى عملية الإمداد بالمؤن.
■ هل التقيت أسامة بن لادن والظواهرى خلال تواجدك بأفغانستان؟
- نعم، كنت التقى أسامة بن لادن والظواهرى بصفة دورية فى مجلس أطلق عليه المجلس العربى، كان يتشكل من تنظيم القاعدة وعدد من الحركات الإسلامية العربية، وكنت أحضره بصفتى مسؤول الجماعة الإسلامية بأفغانستان، وكنا نتبادل الحوارات جميعا، وكانت مهام ذلك المجلس إدارة الشؤون المحلية للعرب بأفغانستان، وكان يشرف على قضاء حوائج العرب، وافتتاح المدارس العربية لكل من البنين والبنات. وبالمناسبة، لقد كانت مدارس متقدمة جدا وبها جميع الإمكانيات بما فيها من المعامل، والمختبرات الحديثة، وأجهزة الحاسب الآلى.
■ هل انضمت الجماعة فى أفغانستان إلى الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين فى ذلك الوقت؟
- لم تنضم الجماعة إلى الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين التى أسسها أسامة بن لادن فى فبراير 1998، والخلاف بيننا وبين القاعدة أنها جماعة عالمية، لكننا جماعة مصرية، أما قتالنا فى أفغانستان والبوسنة والهرسك، لأن الحاجة هى التى دعت إلى ضرورة ذلك القتال، لكن فيما يتعلق بالأعمال الخارجية كهجمات 11 سبتمبر، لا يتفق الطرفان.
■ هل التقيت الشيخ عمر عبدالرحمن طوال الفترة السابقة؟
- «لا» لم ألتق به، لكن أبناء الشيخ عمر عبدالرحمن كانوا معى فى أفغانستان، وكنت ألتقى بهم دائما، وكانوا يطمئنون على والدهم المحبوس فى أمريكا من خلال محاميه رمزى كلارك.. وأناشد المجلس العسكرى التدخل للإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، بصفته مواطنا مصريا.
■ ما هى نسبة المجاهدين المصريين بين المجاهدين العرب فى أفغانستان؟
- المصريون كانوا يحتلون المرتبة الأولى من حيث العدد بالنسبة للمجاهدين العرب فى أفغانستان فى ظل نظام طالبان، والمرتبة الثانية بعد مجاهدى شبه الجزيرة العربية مجتمعين، ويأتى المجاهدون الجزائريون فى المرتبة الثالثة.
■ كيف تعاملت مع الحرب الأمريكية على أفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر؟
- مع بدء الحرب الأمريكية على أفغانستان، فى أكتوبر 2001، ظللنا نتقل أنا وأسرتى ومن معنا بين الجبال لمدة 20 يوما متواصلة، هاربين من القصف الأمريكى، وقد رزقت بابنى الثانى «حسن» قبل هجمات سبتمبر بعشرة أيام، وكان يوم العقيقة الذى أقمته له موافقا لضرب البرجين، وقضينا عيد الفطر ونحن متخفون فى الكهوف الجبلية الوعرة، فى مرحلة تيه كاملة، إلى أن دخلت بصحبة أسرتى إلى إيران فى مطلع شهر نوفمبر 2001، وعبرنا الحدود عن طريق إقليم بلوشستان. واستقبلنا أهل السنة فى إيران بترحاب كبير، وكان لنا عدد قليل من المنتمين للجماعة الإسلامية، وظللت بإيران متخفيا، من نوفمبر 2001 وحتى أغسطس 2011، أى ما يقرب من 10 سنوات كاملة، ولم تتمكن الأجهزة الأمنية من القبض علىّ طوال تلك الفترة، على الرغم من القبض على جميع المجاهدين العرب بإيران خلال تلك الفترة بفضل الله أولا، وبسبب الحس الأمنى الذى اكتسبته طوال سنوات عمرى، لكنهم قبضوا على زوجتى وأولادى فترة قليلة بعد أن وصلوا إلى مكان منزلى، إلا أنهم لم يعثروا على وقتها ثم أفرجوا عنهم.
■ هل تغاضت الأجهزة الأمنية الإيرانية عن مطاردتك طوال تلك الفترة؟
- لم تتغاض الأجهزة الأمنية عن مطاردتى، وأزعم أنه كانت لدى الحاسة السادسة، وذلك بسبب المهمات الأمنية الحساسة التى أوكلت إلى من قبل، فكنت أغادر المنزل فى منتصف الليل وقبل أذان الفجر، بمجرد شعورى بأى خطر، وحقيقة كنت أتعامل مع الأجهزة الأمنية الإيرانية بحرص كبير.
■ متى بدأت فى التفكير فى العودة إلى مصر؟
- بعد ثورة 25 يناير المباركة التى كنت أتابعها يوما بيوم، فرحت فرحة كبيرة بإزالة الطغيان والجبروت، فرحة لا يمكن وصفها، بعدما تم تحطيم سبب تشريدى وأولادى، والذى تنفست الصعداء بعد إزالته، فتوجهت بعد أن أجريت عدة اتصالات بالجماعة فى مصر إلى مكتب رعاية المصالح المصرية بإيران، لأول مرة منذ دخولى إلى البلاد، واستقبلونى استقبالا جيدا، وقاموا بتسهيل إجراءات عودتى، وتم استخراج وثائق لى ولأولادى، وتمكنت من العودة إلى مصر بفضل الله، عبر مطار طهران مرورا بمطار إسطنبول التركى.
■ هل كنت متخوفا من القبض عليك فى مطار طهران؟
- لم يكن اسمى مدرجاً على قائمة الممنوعين من السفر فى إيران، فحقيقة، إيران ليست دولة بوليسية، وأنا لم أكن مطمئنا 100% أثناء سفرى عبر مطار طهران، ولكن كنت على أمل كبير بأنه لن يحدث شىء، وإذا كان قد قبض علىّ «لا قدر الله» فكنت أتوقع خيرا خصوصا بعد الثورة المصرية المباركة.
■ كيف كان تعامل الأجهزة الأمنية معك بعد وصولك مطار القاهرة؟
- وصلت إلى مطارالقاهرة فى 14 أغسطس الماضى، وكانت لدى الأجهزة الأمنية علم بوصولى، واستقبلونى استقبالا حسنا، وتم الحديث معى، خاصة أنه كان لدى حكم غيابى بالسجن لمدة 5 أعوام، فى قضية ملفقة وهى قضية حرق نوادى الفيديو بأسيوط عام 1990، لكننى عارضت فى الحكم، وتم إسقاطه.
■ هل هناك أى قضية أو اتهام رسمى ضدك فى محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا؟
- تم إدراج اسمى فى محاولة الاغتيال، ولكن لا يوجد أى لائحة اتهام رسمية أو أى قضية ضدى فى تلك الواقعة، وأنا الآن فى بيتى وبين أولادى.