قال صندوق النقد الدولي إنه نظرا لما يواجه البلدان من أوضاع دورية متباينة، لا يزال من الملائم اتخاذ مواقف مختلفة على صعيد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة. ففي الاقتصادات المتقدمة، حيث لا يزال الطلب ضعيفا والتضخم بالغ الانخفاض، ينبغي استمرار الدعم من السياسة النقدية وكذلك سياسة المالية العامة (حيثما أمكن).
وذكر الصندوق، في تقرير أصدره، الاثنين، عن مستجدات النمو العالمي، إنه ينبغي استعادة السياسة النقدية العادية بالتدريج، وفقا للتطورات الاقتصادية، وتركيز سياسة المالية العامة على دعم الإصلاحات الرامية إلى توسيع إمكانات العرض في الاقتصاد، وفي البلدان التي تحتاج إلى الضبط المالي، ينبغي أن يتم ذلك من خلال إجراءات مواتية للنمو. وعلى اقتصادات الأسواق الصاعدة أن تستمر في السماح لأسعار الصرف بتوفير هامش أمان ضد الصدمات، حيثما أمكن.
وقال الصندوق إنه لجعل النمو صلبا ومتوازنا فأنه يجب تركيز جهود التعجيل بإصلاح خلل الميزانيات العمومية في القطاع الخاص وضمان بقاء الدين العام في حدود يمكن تحملها تشكل ركائز بالغة الأهمية لتحقيق تعافٍ صلب، وتكتسب نفس الأهمية جهود كل من بلدان الفائض والعجز لتخفيض الاختلالات المفرطة في الحسابات الجارية.
وأشار التقرير إلى أن الحفاظ على نمو مرتفع واحتوائي على المدى الطويل يتطلب إصلاحات هيكلية جيدة التسلسل والتصميم لدعم الإنتاجية والاستثمار، واتخاذ إجراءات لتضييق الفجوات بين الجنسين من حيث المشاركة في سوق العمل، وتقديم دعم فعال للمتضررين من التحولات التكنولوجية أو التجارية، وفي البلدان النامية منخفضة الدخل، ينبغي إجراء عملية تصحيحية كبيرة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية في البلدان المصدرة للسلع الأولية بوجه عام، وهو تحد يمكن أن يزداد صعوبة في البلدان المصدرة للوقود إذا استمر انخفاض أسعار النفط. وتتفاوت أولويات السياسة في مختلف البلدان النامية منخفضة الدخل، نظرا لتنوع ظروفها، ولكن الهدف الرئيسي لهذه الاقتصادات ينبغي أن يتمثل في تعزيز صلابتها في مواجهة الصدمات المستقبلية المحتملة عن طريق تقوية مراكز ماليتها العامة وحيازاتها من الاحتياطيات الأجنبية في فترة النمو القوي.
وقال التقرير ايضا إنه يعتبر وجود إطار كفء متعدد الأطراف للعلاقات الاقتصادية الدولية أحد العناصر المهمة الأخرى لتحقيق نمو احتوائي متوازن وقوي وقابل للاستمرار، وكما يوضح التاريخ، لن يؤدي السعي لتطبيق سياسات ترتكز على منافسات خاسرة إلا إلى الإضرار بكل البلدان معا، ولأن السياسات القومية لا مفر من أن تتفاعل وتخلق تداعيات عبر البلدان، فأن الاقتصاد العالمي يعمل بصورة أفضل كثيرا بالنسبة للجميع حين ينخرط صناع السياسات في حوار منتظم ويعملون في ظل آليات متفق عليها لتسوية الخلافات، ويكتسب وجود نظام تجاري عالمي مفتوح وقائم على القواعد أهمية خاصة للرخاء العالمي، ولكنه يجب أن يكون مدعوما بسياسات محلية لتيسير التكيف، ليس فقط مع التجارة وإنما أيضا مع التغير التكنولوجي السريع.
وفي نفس الوقت، قال التقرير إنه ينبغي أن يواصل المجتمع الدولي تطويع النظام متعدد الأطراف لمقتضيات الاقتصاد العالمي المتغير. وسيساعد الحوار والتعاون النشط على تحسين هذه القواعد وتحديثها، مع معالجة المخاوف القُطْرية المشروعة، وستكفل هذه العملية استمرار المنافع المشتركة والمعاملة المتساوية، وإلى جانب السياسات المحلية القوية، سيساعد ذلك أيضا على تجنب الانسحاب واسع النطاق من مسار العمل التعاوني متعدد الأطراف، إما من خلال انتشار الحمائية أو التسابق التنافسي نحو أدنى مستويات الجودة في الرقابة المالية والتنظيمي، مما يمكن أن يترك البلدان في حال أشد سوءا.