قررت وزارة البترول فتح ملفات عقود بيع الغاز غير المتوازنة لعدد من مصانع الأسمدة، بعد ورود شكاوى من بعض المصنعين المحليين العاملين فى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وقالت مصادر مسؤولة لـ«المصرى اليوم» إن الدكتور محمود لطيف، وزير البترول، قرر التعامل مع جميع الملفات محل الشكوى دون استثناء، بهدف تصحيح ومعالجة أوضاع وصفوها بـ«المختلة» فى قطاع الغاز الطبيعي والبترول.
ولفتت المصادر إلى أن الوضع الحالي لا يسمح سوى بسرعة تعديل هذه العقود لضمان تحقيق هدفين: الأول حصول الدولة على حقوقها المالية من هذه المصانع، والثاني تحقيق المساواة بين المصانع العاملة فى قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للغاز، والعاملة بصفة خاصة فى مجال الأسمدة.
وحصلت «المصري اليوم» على معلومات موثقة تفيد أن 3 شركات أسمدة على الأقل، منها الشركة المصرية للأسمدة والمصرية للصناعات الأساسية «أيبك»، والشركة المصرية للأسمدة النتروجينية «أجريوم»، تحصل على الغاز بأسعار تبلغ فى المتوسط 1.25 و 1.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مقابل 3 دولارات لبقية المصانع الأخرى، ما يعد إخلالاً بمبدأ المنافسة بين المصانع العاملة فى مجال الأسمدة.
وأشارت المصادر إلى أنه كانت هناك محاولات سابقة مع هذه الشركات لحل الخلاف حول الأسعار المتدنية للغاز فى عقودها بدءا من 2007، وواجه الجانب الحكومي رفضا حادا من هذه الشركات لإصلاح الخلل، ما دفع الحكومة فى 2008 إلى إصدار القانون 114 لسنة 2008، الذي أخرج شركات الأسمدة والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة من نظام المناطق الحرة، واعتبرها ذات استثمار داخلي، ينبغي عليها دفع 20% من صافى أرباحها للدولة، غير أن استمرار شكوى بقية المصانع وجهات رسمية من عدم توازن هذه العقود أحيا فكرة تغيير هذه العقود بصورة حتمية.
من جانبه، قال عبد الله غراب، رئيس الهيئة العامة للبترول لـ«المصرى اليوم» إن الأوضاع الجديدة فى الدولة تفرض سيناريوهات مفتوحة للتعامل مع أى خلل فى العقود الداخلية لبيع الغاز، وأضاف أن توجهات الدولة تغيرت تماما، ما يعنى أن أى توجيهات ستصدر بصفة رسمية لوزارة البترول سيتم الالتزام بها.
وأكد عمرو عسل، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية السابق، المحبوس حاليا على ذمة تحقيقات فى قضية رخص الحديد، أنه كان تقدم بمذكرة إلى وزير التجارة والصناعة بشأن مخالفات فى عقد الغاز الخاص بالشركة المصرية للأسمدة، وقال على هامش جلسة المحكمة الخاصة بالتحفظ على أمواله أمس الأول، إن الشركة تحصل على الغاز بمبلغ 1.50دولار رغم قرار المجلس الأعلى للطاقة بتحديد 3 دولار للمليون وحدة حرارية للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، وأشار إلى أن هذا العقود غير المتوازنة تضيع على خزانة الدولة 10 مليارات جنيه سنويا.
وذكر مصدر مسؤول فى هيئة التنمية الصناعية، أن فكرة توريد الغاز بأسعار ثابتة لفترات طويلة لم يعد لها وجود في العالم، بل يتم التسعير حاليا وفق معادلة ثابتة تضمن بيع الغاز بالسعر العالمي، وأضاف إن شركات الأسمدة تحقق أرباحا ضخمة كما أن دولا كبري منتجة تفرض علي شركاتها شروطا تضمن للحكومات المشاركة في الأرباح، مقابل توفير الغاز، وهو ما يحدث في قطر.
وأوضح أن متوسط سعر بيع الغاز للشركات في المصانع الحرة، بين ٧٥ سنتا و1.25 دولار، لسنوات طويلة تصل إلي ٢٠ عاما حسب العقود المبرمة بين الشركات والحكومة، وهو ما يعد إهدارا للموارد.
وأشار إلي أن الهيئة سبق أن سلمت وزارة البترول بعض النماذج العالمية التي تتضمن مشاركة الحكومات في أرباح مصانع الأسمدة، ووضعت هذه النماذج سيناريوهات بهذا الشأن، وبافتراض زيادة سعر الغاز لمصانع الأسمدة إلي ١٠ دولارات بدلا من دولارين، فإن تكلفة إنتاج طن الأسمدة ستزيد إلي ٣٥٠ دولار، علما بأن المصانع تصدر الأسمدة حاليا بسعر ٤٥٠ دولاراً للطن، ما يؤكد أنه لا يزال هناك ربح مجز للشركات، ولفت إلي أن تكلفة إنتاج طن الأسمدة تتراوح بين ٨٥ و١١٠ دولارات للطن، وفق أسعار الغاز الحالية للمصانع فيما يبلغ متوسط سعره حاليا 380 دولار للطن.
وذكر المصدر أن خطوة إلغاء الترخيص في مايو 2008 عن هذه المصانع، لم تكن تراجعاً في موقف الحكومة بضرورة حصول مصانع الأسمدة علي الغاز بالسعر المعتمد في السوق المحلية، الذي يستقر في الوقت الحالي عند ٣ دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وأضاف أن المجلس الأعلى للطاقة سبق أن كلف وزارة البترول بتعديل أسعار الغاز للمصانع العاملة في السوق المحلية، بما يتفق مع الأسعار الحالية السائدة والمحددة بـ٣ دولارات للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، و1.7 دولار لبقية الصناعات.