أثارت التعديلات الدستورية الأخيرة حالة من الجدل بين الفقهاء الدستوريين، فبينما رفض فريق منهم التعديلات، واصفين إياها بأنها مجرد «ترقيع»، أكد فريق آخر أن تلك التعديلات تناسب التغيرات فى الفترة الحالية وتضمن النزاهة المطلوبة فى اختيار رئيس الجمهورية ونواب مجلسى الشعب والشورى.
المستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادى القضاة الأسبق، وصف الدستور الحالى بـ«الشخص الميت»، متسائلا: «عمرك شوفت ميت بيتلمع»، مشيرا إلى أن الدستور الحالى انتهى مع قيام الثورة الشعبية فى 25 يناير، وأى تعديلات عليه بمثابة «ترميم وترقيع دستورى»، مستطردا: «مع كامل احترامى للجنة التى شكلت التعديلات الدستورية، لا يجوز أن يكون من بين أعضائها ثلاثة مستشارين مفوضين من المحكمة الدستورية العليا، لأنه فى حالة الطعن على أى مادة سيتم النظر أمامها».
وقال عبدالعزيز إن اللجنة أغفلت تعديل مواد مهمة تكرس الاستبداد والظلم، وتضع السلطة فى يد رئيس الجمهورية، ومنها المادة 82، فى الفقرة الثانية منها، التى تتحدث عن عدم قدرة نائب رئيس الجمهورية عن تعديل الدستور وحل مجلسى الشعب والشورى، وكذلك الوزارة، متسائلا: «ما قيمة نائب الرئيس، وما ضرورة وجوده إذن؟»، مشيرا إلى أن تلك المادة ستفتح باب الحديث عن قصة الفراغ الدستورى فى حالة وفاة الرئيس.
وفيما يخص المادة 179 المتعلقة بحالة الطوارئ، قال عبدالعزيز: «من المفترض ألا تزيد مدة الطوارئ فى أى حال على 10 أيام، وإذا تم تجديدها تكون لـ30 يومًا عن طريق موافقة ثلثى أعضاء مجلس الشعب، لأن 6 شهور مدة طويلة جداً، ومن الممكن أن يقوم الحاكم بحبس الشعب والمثقفين والسياسيين خلالها».
ورفض رئيس نادى القضاة الأسبق التعديل الذى اقترحته اللجنة بشأن تعيين الرئيس نائباً له، وقال: «من الأولى أن يتم ترشيحه ويختاره الشعب، كما يحدث فى أمريكا وغيرها من الدول».
وأبدى عبدالعزيز دهشته من موافقة اللجنة على استمرار مجلس الشورى، وقال: «هذا المجلس ليس له قيمة طالما لدينا مجلس شعب قوى وهو موجود لترضية الخواطر، والدليل على ذلك تعيين القضاة الذين شاركوا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكذلك تعيين وزير الداخلية ورؤساء التحرير الموالين للنظام حتى يمنعوا محاسبتهم».
واختتم عبدالعزيز بالقول: «ما أؤمن به هو تشكيل مجلس رئاسى من 4 شخصيات من التكنوقراط يضاف إليهم 3 من المجلس العسكرى، تكون مهمته تشكيل حكومة مؤقتة، ويتولى المجلس إصدار دستور جديد وفقاً لما يرضى عنه الشعب، وكذلك عمل انتخابات النقابات؛ لأنها ستفرز شخصيات قادرة على دخول انتخابات الشعب، وكذلك انتخابات العمد ورؤساء الجامعات والعمداء، وبعدها ستكون هناك دولة قوية قادرة على التقدم».
وعلق المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض، على التعديلات قائلا: «بعضها جيد وبعضها يحتاج إلى إعادة نظر، فمثلا مدة الرئاسة معقولة، وكذلك شروط الترشح للرئاسة جيدة، وإن كنت أرى النزول بسن الترشح إلى 30 أو 35 سنة لأن الشباب هو من قام بالثورة وهو من سيقود المجتمع وبالتالى من حقه الترشح للرئاسة».
واعترض الخضيرى على المادة التى تقول إن اللجنة المشرفة على الانتخابات يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا، مبررا ذلك بأن من يعينه هو الرئيس شخصيا، وبالتالى يجب أن يكون رئيس محكمة النقض أو رئيس مجلس الدولة، وتساءل: «لماذا لجنتان، واحدة للرئاسة وأخرى للانتخابات البرلمانية؟»، مستطردا: «لجنة واحدة تكفى ومعها كل الصلاحيات من أول الإشراف على الكشوف الانتخابية إلى إعلان النتائج».
من جانبه، رفض الفقيه الدستورى، عاطف البنا، الذى شارك فى إعداد التعديلات الدستورية، الهجوم العنيف الذى تتعرض له اللجنة، قائلاً: «من يهاجمنا من القانونيين والقضاة غير فاهمين، ولا يرون الظروف التى تعيشها البلاد»، وأضاف: «التعديلات التى قمنا بها للفترة الانتقالية فقط، لأننا فى ثورة تحتاج إلى فترة انتقالية وما قمنا به بمثابة ضمانات للنزاهة المطلوبة».
وتابع: «البعض يطالب بدستور جديد وهذا يحتاج إلى سنة أو سنتين حتى ننشئ دستورا جديدا يشارك فى وضعه كل القوى السياسية والحزبية ووسائل الإعلام، وبعدها يتم الاستفتاء عليه».