تساءلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، في تقريرها عن أسباب زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للعاصمة الفرنسية، باريس، تلبية لدعوة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ورجحت الصحيفة الأمريكية أن هذه الزيارة يمكن أن تكون بداية صداقة قوية بين الطرفين، موضحة أنه في الوقت الذي توقع فيه العديد من السياسيين والمحللين أن احتمال إقامة علاقة مثمرة بين «ترامب» و«ماكرون» ضئيل جدا، فإن زيارة «ترامب» في ذكرى يوم الباستيل لفرنسا تشير إلى أن الرئيسين قد يكونا في طريق إقامة شراكة من النوع الذي يشاركه الرئيس الأمريكي حاليا مع عدد قليل من قادة العالم، خاصة في أوروبا الغربية.
وترى الصحيفة أن «ماكرون» يقوم بمقامرة جريئة، ومع ازدياد عزلة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، يسعى الرئيس الفرنسي لجعل نفسه وسيطا رئيسيا لـ«ترامب»، وهذا الأمر أصبح واضحا، خاصة أن «ماكرون» لم توقفه عدم شعبية «ترامب» في فرنسا، فضلا عن الغضب من قراره بدعوة نظيره الأمريكي في يوم عطلة وطنية مميزة بالنسبة للفرنسيين.
وعلى الأقل في الوقت الراهن، يلعب «ماكرون» دوره بنجاح، وفقا لـ«واشنطن بوست»، وهو ما برز في مؤتمر صحفي نادر، الخميس، عندما لم يخف «ترامب» سعادته لدعوة «ماكرون».
الصحيفة الأمريكية أكدت أن زيارة «ترامب» لباريس، أثبتت إلى حد كبير إمكانية وجود علاقة عمل بين هذين الرجلين غير المتوافقين على ما يبدو، ورغم أن «ترامب» كان معروفا بتغيير رأيه فجأة، كان رد فعله الأولي على زيارة باريس إيجابيا بشكل ملحوظ.
أبرز الإشارات الإيجابية على نجاح الزيارة هي المصافحة الدراماتيكية، من وجهة نظر الصحيفة، التي أوضحت أن هذا يشير إلى المزيد من الشعور بالمحبة بدلا من العداوة، وفي نهاية العرض العسكري لـ«يوم الباستيل»، عندما كان يستعد للمغادرة، صافح «ترامب» بقوة «ماكرون» مرة أخرى، ثم زوجته «بريجيت» أيضا.
وفي سلسلة من التغريدات على موقع «تويتر» بعد رحيله، هنأ «ترامب» نظيره الفرنسي بمناسبة «عيد الباستيل»، وقدم تعازيه لضحايا الهجوم الإرهابي الذي وقع في نيس العام الماضي، وشكر «ماكرون» على ما وصفه بأنه اجتماع جدير بالاهتمام.
وقال «ترامب» فرنسا أول وأقدم حليف للولايات المتحدة، وهناك الكثير من الناس لا يعرفون ذلك، لقد كان ذلك منذ وقت طويل، لكننا معا، وأعتقد أننا حاليا علاقتنا أفضل من أي وقت مضى.
رغبة «ماكرون» في أن يكون «وسيطا» لـ«ترامب»، أكدها حديث المتحدث باسم الرئيس الفرنسي، «كريستوفر كاستانر، قائلا إن "إيمانويل ماكرون يريد محاولة منع رئيس الولايات المتحدة من عزل نفسه، فهو يتخذ أحيانا قرارات نختلف معها حول تغير المناخ".
وبالنسبة للآخرين، فإن دعوة «ترامب» كانت وسيلة لـ«ماكرون» لتعزيز الصورة الدولية لفرنسا.
وأثنت الصحيفة الأمريكية على براجماتية وذكاء «ماكرون» في تعامله مع «ترامب» على عكس المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي لم تخف خلافها مع الرئيس الأمريكي، موضحة أنه «ماكرون» لم يقف كثيرا أمام دعم «ترامب» له في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ودعمه لمنافسته مارين لوبان، ورغم ذلك صافح «ماكرون» نظيره الأمريكي بقوة عندما التقى به للمرة الأولى في بروكسل مايو الماضي.
وفي الأسبوع التالي، انسحب «ترامب» من اتفاق باريس بشأن المناخ، وأشار إلى أنه «انتخب لتمثيل مواطني بيتسبرج، وليس باريس»، ورد ماكرون، باللغة الإنجليزية، في خطاب حث فيه الناس في جميع أنحاء العالم على «جعل كوكبنا عظيم مرة أخرى»، في إشارة لشعار حملة «ترامب» الانتخابية.