محمد البساطي هو روائي مصري، ينتمي لجيل الستينيات في الرواية المصرية مع صنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان وجمال الغيطاني ويوسف القعيد وإدوارد الخراط وغيرهم، وقد عاصر زمن الأحلام القومية والوطنية الكبرى، التي حملتها ثورة 23 يوليو، وعكست أعماله تلك التحولات الكبرى بانتصاراتها وانكساراتها، كما انحاز في إبداعاته للبسطاء من الناس وأهل الريف والبساطي.
ولد «البساطي» في 1937 في الجمالية المطلة على بحيرة المنزلة، وعايش عالم الريف والبسطاء والمهمشين، ومن بحيرة المنزلة استلهم وقائع روايته «صخب البحيرة»، وهي من أجمل الروايات العربية، ووصف فيها جزءا من طفولة صعبة عاشها بعد رحيل والده المعلم في مدرسة البلدة.
وبعد حصوله على الثانوية انتقل للقاهرة والتحق بالجامعة وحصل على بكالوريس التجارة عام 1960، لكنه اختار الأدب طريقا، وبعد سنتين حاز جائزة القصة من نادي القصة وانطلق في مسيرته الإبداعية مستلهما شخصياته الروائية والقصصية من عالم البسطاء في مصر، وكان من أغزر كتاب جيله إنتاجا، كما استلهم روايته «أصداء الليل» من حكايات عجائز القرية اللواتي فقدن أزواجهن في الحرب، ثم خرج عن هذا السياق في أعماله فتناولت روايته «فردوس» الحياة في المدينة، وتناولت روايته «الخالدية» عالم الفساد في وزارة الداخلية، وفي روايته «دق الطبول» تناول عالم الدول النفطية بطريقة فانتازية الذي يضج بالمتناقضات، إلى أن توفي «زي النهاردة»، في 14 يوليو 2012، تاركا وراءه نحو عشرين رواية ومجموعة قصصية، من بينها «التاجر والنقاش والمقهى الزجاجي والأيام الصعبة وبيوت وراء الأشجار، وصخب البحيرة، وأصوات الليل، وليال أخرى، وجوع، ومن مجموعاته القصصية الكبار والصغار وحديث من الطابق الثالث وأحلام رجال قصار العمر، وهذا ما كان، ومنحنى النهر، وضوء ضعيف لا يكشف شيئا، وساعة مغرب».
وكان أثناء مرضه الذي مات فيه قد حصل على الجائزة التقديرية، وكان قد حصل على جائزة العويس في دورتها السابعة عام 2000-2001، ووصف النقاد أسلوبه الروائي بأنه «يتسم بالاقتضاب البليغ الدال سردا وأسلوبا ومعنى، ويتوق إلى استحداث أفق شعري رائق، وأنه يعمد إلى التجربة الاجتماعية والنفسية والسياسية فيسلط الضوء على الجوهري فيها محتفظا بما هو إنساني عام لعرضه ضمن بنية تخيلية تمتاز بالشاعرية»
ويذكرأن البساطي بقي محافظاعلى موقفه السياسي المعارض للنظام منذ توقيع الرئيس السادات اتفاقية كامب ديفد، وكان ناشطا جدا في مواجهة التطبيع مع إسرائيل.
وفي روايته «ليال أخرى» يتناول التحولات الكبرى التي عرفتها فترة السبعينيات، خاصة مرحلة الانفتاح الاقتصادي التي عصفت بالطبقة الوسطى وغيرت الواقع الاجتماعي المصري، كما رفض العلاج على نفقة الدولة قائلا «أنا لم أقبل جوائز الدولة حتى أقبل أن أعالج على حسابها ولن يكون موقفي الذي اتخذته طوال حياتي في مواجهة الظلم والقمع قد تنازلت عنه فلم يتغير شيء حتى الآن».