فى الوقت الذى تنمو فيه حركة الإصلاح السياسى بمعدلات معقولة ما زال الفكر الدستورى فى مصر حبيساً للنموذج الأساسى الذى أنتجته ثورة يوليو فى ظروف دولية ومحلية خاصة، ولا أدل على ذلك من أن حركة «كفاية» التى مثلت المتغير الأصيل والجديد فى الحياة السياسية المصرية خلال العام الماضى حصرت ذاتها منذ البداية فى مطالب تتعلق بتحسين أداء النظام الرئاسى فى مصر، أى أنها بدت وكأنها تحصر الخيارات الدستورية للبلاد فى هذا النظام
ويرى كاتب هذه الورقة الموجزة أن الإصلاح السياسى فى مصر لن ينطلق حقاً إلى آفاقه المأمولة والواقعية فى الوقت نفسه دون إحداث قطيعة مع المعطيات التاريخية والنفسية والسياسية للنظام الرئاسى كما تطور فعلياً فى مصر منذ عام 1952، وتركز هذه الورقة على تقديم وشرح الأسباب والحجج التى تسند الدعوة للانتقال إلى نظام برلمانى فى مصر.
مبررات الانتقال الدستورى
هناك أربعة أسباب رئيسية للتحول عن النظام الرئاسى إلى النظام البرلمانى فى مصر.
1- الحاجة إلى قطيعة قوية مع التقاليد الاستبدادية للنظام الرئاسى فى مصر
فالنظام الرئاسى الذى تطور فى مصر منذ عام 1952 لم يؤسس لوضع استبدادى متطرف فحسب، بل اتسم أيضاً بالطابع التعسفى، بل ونقول الفوضوى، بل يزعم هذا الكاتب أن الاستبداد الشخصانى ينطوى بالضرورة على نقيضه أى الفوضوية والعشوائية، ومن يقرأ بعناية ما توفر من معلومات عن اتخاذ قرارات ارتبطت بهزيمة 1967 يمكنه أن يدرك هذه الحقيقة بصورة جلية للغاية، ومنها قرارات إغلاق مضيق تيران وسحب القوات المصرية عن سيناء بصورة فوضوية، وقبل أن تخوض أى معركة، وعلى نحو بدا بعيداً تماماً عن أبجديات العلوم العسكرية والاستراتيجية. كما قد تمكن الرئيس من فرض سياسات وأوضاع جديدة كلية، بل ثورية، فكّر فيها أحياناً لمدة ساعات، ودون مراجعة أو دراسة كافية من جهاز الدولة والمجتمع وأعاد النظام الرئاسى المتصلب إنتاج تلك الحالة العشوائية كإحدى نتائج الاستبداد على جميع مستويات الحياة السياسية والاجتماعية، بما فيها القوات المسلحة، وقد تحسن الوضع بعد ذلك إلى حد كبير بالنسبة للقوات المسلحة، ولكن العشوائية كرفيق للاستبداد استمرت واكتسبت أحياناً أبعاداً درامية للغاية كما يظهر مثلاً من زيارة الرئيس السادات للقدس، وبغض النظر عن الموقف من هذه الفكرة بذاتها لا ينبغى نسيان أنها خرجت من رأس الرئيس السادات مباشرة إلى الواقع دون أن يكون لها أى جذور فى الحياة السياسية والفكرية لمصر، وأن أحداً فى جهاز الدولة لم يتمكن من مراجعتها، ولا شك أن هذا الطابع الفوضوى قد يتبلور فى «لا حدث» كما تبلور فى «أحداث» بعينها، ويبدو من المؤكد أن الركود الشامل والتصفية الكاملة للحياة السياسية فى البلاد فى ظل الرئيس مبارك يعود أساساً إلى سمات شخصية للرئيس فرضت على الواقع السياسى المصرى، بما يتناقض تماماً تقريباً مع حاجاته الموضوعية، بل مع مصالحه الاستراتيجية والكلية، حيث أصبحت الديمقراطية بذاتها مصلحة قومية مصرية من الطراز الأول.
ولأن الانتقال الديمقراطى يحتاج أحياناً إلى «قطيعة» مع تراث وتقاليد تكونت بصورة تاريخية وصارت تتمتع بطبيعة آلية أو أوتوماتيكية، فإن مصر تحتاج إلى نظام دستورى يختلف فى جوانب جوهرية عن النظام الرئاسى، أى إلى جمهورية برلمانية، والواقع أن هذا هو ما حدث فى تجارب الانتقال الديمقراطى الناجحة نسبياً بالمقارنة مع التجارب المتعثرة، وعلى سبيل المثال يلفت النظر أنه بينما استمر تعثر عملية الانتقال فى روسيا ودول الكومنولث الروسى حتى الآن نجحت بصورة كبيرة تجارب الانتقال فى أكثرية بلاد أوروبا الشرقية، خاصة بولندا والمجر، ويعود الفارق جزئياً إلى اختيار التجارب الناجحة للنموذج البرلمانى بالمقارنة بالنماذج المتعثرة والفاشلة التى اختارت النموذج الرئاسى.
وتتضاعف أهمية هذه القطيعة مع النظام الرئاسى لأنه كان قد اتسم بالتطرف الشديد فى تركيز السلطة بيد الرئيس على نحو لم تشهده البلاد التى عاشت تجارب شمولية أو تسلطية أخرى مثل دول أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتى السابق أو الصين حالياً (2005)، ذلك أن الأحزاب الحاكمة كانت قوية للغاية وكان بوسعها فى حالات كثيرة خلع الرئيس أو رئيس الوزراء عندما يصطدم أو «يعبث» بنظام الدولة، أما فى الحالة المصرية فقد كان حزب الدولة فى العادة هو حزب الرئيس وألعوبة بيده ككل شىء آخر فى البلاد، وهو الأمر الذى يربى نخبة عاجزة وخانعة ومنعدمة الموهبة القيادية.
2- ضمان نضوج وتنمية نظام الدولة
فطالما استمر النظام الرئاسى أو الفردى المتطرف أو حتى المعتدل قد لا يمكن تنمية نظام الدولة. فحتى فى الولايات المتحدة، وهى النظام الرئاسى الأكبر فى عصرنا، يبدو أن إمكانية نمو نظام دولة فعال ومستقل نسبياً مقيدة بشدة. ذلك أن التغير الكبير «للإدارة» كل بضع سنوات، يجعل إمكانية تنمية فكر واستقلالية الإدارة العامة أمراً بعيد المنال، ويشكو علماء السياسة الأمريكيون من هذه السمة للنظام السياسى الأمريكى، ويؤكدون شبه استحالة أن تكون للدولة القدرة على التخطيط طويل المدى. أما فى النظام البرلمانى فقد حتمت حقيقة الانتقال الدورى للسلطة بين الأحزاب السياسية إلى التمييز الصارم نسبياً بين المستويين السياسى والإدارى، حيث تتغير مواقع السلطة السياسية بينما تستمر السلطة الإدارية مستقلة ودون انقلابات أو تغيرات كبيرة مما يساعدها على تقديم مساندة قوية للحكومة فى إدارة المجتمع، خاصة فيما يتعلق بشؤونه المدنية، ويضمن هذا النظام تنمية وتطوير حكم القانون وضمان استقراره لفترة طويلة من الزمن على أسس عقلانية. وكانت مصر تتمتع فى ظل النظام البرلمانى الذى أخذ به دستور 1923 بل منذ الأخذ بنظام النظارات المصرية واستقلالها الملحوظ فى خضم الثورة العرابية (نظارتى شريف والبارودى) بإدارة عامة قوية ومستقرة نسبياً، وهو الأمر الذى حقق نتائج مبهرة على الأقل بالنسبة للتجديدات الكبرى فى التكنولوجيات الريادية، وبالنسبة للإدارة الحضرية، بل أزعم أيضاً فى مختلف الشؤون المدنية مثل الصحة والتعليم والبناء والنقل والتخطيط الحضرى، وكانت مصر من أول بلاد العالم التى أخذت بتجديدات تكنولوجية كبرى لم تدخل حتى بعض البلاد الأوروبية إلا بعد مصر بعقود.
بل أزعم أيضاً أن النظام البرلمانى أكثر قدرة بكثير على تنمية نظام الدولة بمعنى أوسع كثيراً. ففى ظل النظم الرئاسية، خاصة شديدة المركزية، يمكن أن تنمو عصابات أو مراكز قوى أو ما يمكن تسميته «دولة خلدونية» حيث تنتعش العصبيات من مختلف الأنواع، بينما يتطلب الانتقال إلى «الدولة الحديثة» الأخذ بالنظام البرلمانى عموماً، ويجب ألا ننسى أبداً أن إنتاج مراكز قوى ظل ملمحاً دائماً للنظام الرئاسى فى مصر، وبتعبير آخر فإن هذا النظام أنتج دائماً توازناً عجيباً بين البنية الرسمية والبنية الفعلية للسلطة، وجعل الأخيرة أكثر أهمية وسيطرة من الرئيس نفسه فى بعض الحالات، وحالة ازدواج السلطة بين الرئيس عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر معروفة، ويُنسب لها الكثير من المصائب التى ألمت بمصر. بل يمكن القول أيضاً إن تنمية النظام السياسى والدستورى صارت أيضا مرهونة بالانتقال إلى نظام برلمانى، لأنه النظام الذى يوحد بين «نظام الوزارات» من ناحية ونظام المسؤولية الدستورية من ناحية أخرى، ولأن هذا الجانب بالغ الأهمية ليس فقط فيما يتعلق بالمساءلة بل أيضاً بالشفافية الضرورية فى أى مجتمع ديمقراطى متقدم، فإنه صار من الضرورى إنهاء الغموض القائم حول هذه المسألة فى النظام الدستورى المصرى الذى يمنح السلطة المطلقة لرئيس الدولة، بينما يكتفى بمحاسبة وزرائه وهم مجرد مساعدين لا مكانة شكلية أو دستورية لهم فى نظام السلطة، وقد أدت هذه الحقيقة بين حقائق أخرى إلى حلول رئاسة الجمهورية فى أحوال كثيرة محل نظام الوزارات فى اتخاذ القرارات وصنع السياسات، كما أدت أحياناً إلى اضمحلال التمايز بين الطرفين وضياع المسؤولية وتوزيع القضية الواحدة بين نسقين إداريين وسياسيين، وقد اقترح بعض المفكرين، ومنهم الأستاذ الكبير هيكل، أن يتوسع رئيس الدولة فى الأخذ بنظام المستشارين الدائمين برئاسة الدولة، وهو ما يمثل كارثة حقيقية بالنسبة لنظام الدولة، حيث يجعل ثنائية السلطة حالة ميئوساً من شفائها، ومع ذلك من المعتقد أنه يكاد يستحيل حل المشكلة فى بلد يحتل فيه الرئيس كل الفضاء السياسى ولم تتطور فيه مؤسسات ضابطة وموازنة على النحو الذى حدث فى الولايات المتحدة، حيث يمتنع الرئيس عن التدخل فى شؤون أكثر الوزارات، ويضمن الدستور استقلال بعض السلطات الإدارية (العدل والبنك المركزى: هيئة الاحتياطى الفيدرالى)، ومع ذلك فالمشكلة لم تُحل حتى فى الولايات المتحدة، وقد لا تُحل أبداً فى أى بلد آخر، وهو ما يفسر التفضيل العام للنظم البرلمانية فى العالم اليوم.
3- تقوية النظام الحزبى وإنعاش الطبقة السياسية
النظام البرلمانى يقوم على توزيع السلطات بصورة تتحيز للبرلمان، وذلك على حساب الحاكم أو السيد الأعلى «Sovereign»، وهو ما يتسق بدرجة أكبر مع معنى ودلالة الديمقراطية، ولأن هذا النظام نشأ بصورة تاريخية من أحشاء النظم الإقطاعية التى منحت سلطة السيادة لملك أو رئيس، تطور النظام البرلمانى على أساس التمييز المصطنع وغير المنطقى بين سلطة السيادة وسلطة الحكم، واستمرت النظرية الدستورية والديمقراطية فى الأخذ بهذا التمييز بالرغم من أن تطبيقاته الفعلية صارت محدودة، فالرئيس أو «السيد الأعلى»، كما يقال، هو رمز الدولة وهو يمارس سلطات السيادة، خاصة فى نموذج ويستمنستر البريطانى الذى أخذ منه النظام الهندى وإن بشكل رئيس للدولة وليس ملكاً. أما سلطات الحكم فيمارسها الحزب- أو ائتلاف الأحزاب- صاحب الأغلبية فى البرلمان. وبوجه عام فإن النظام البرلمانى، كما شرح موريس دوفرجيه، هو الأكثر قدرة على إنعاش الأحزاب السياسية، وإن كان للنظم الانتخابية دور كبير أيضاً فى الوصول إلى هذه النتيجة فتركز السلطة الفعلية بيد البرلمان يجعل الأحزاب وليس الأشخاص محور الحياة السياسية، ويركز أذهان المواطنين على الجوانب السياسية والفكرية والأيديولوجية للعملية الانتخابية لا على المقارنات الشخصية، كما يحدث فى النظم الرئاسية. وبوجه عام يضمن النظام البرلمانى ليس فقط نضوج وتبلور الأحزاب وتقويتها كمؤسسات تلعب الدور الأكبر فى الحياة السياسية وفى الديمقراطية بوجه عام فحسب، بل يضمن تجديدها بصورة دورية، حيث تجرى التقاليد الفعلية على استقالة رؤساء الأحزاب الذين يُهزمون فى الانتخابات العامة. والواقع أن مصر تحتاج احتياجاً شديداً للأحزاب السياسية بعد أكثر من خمسين عاماً من حل الأحزاب فى مصر لأسباب كثيرة، فالأحزاب كما أشرنا هى حجر الزاوية فى النظم الديمقراطية، وهى المؤسسة التى تركز الاختيارات السياسية الكبرى فى عدد محدود نسبياً حتى يمكن التعامل معها من الناحية الفعلية، وهى أيضاً الأدوات الأساسية لتمثيل وتقنين وتوفيق المصالح الاجتماعية فى كل مرحلة أو لحظة، ولكنها أيضاً هى المؤسسات التى تقوم بتجسيد وتكثيف حضور وتربية النخبة تربية سياسية راقية، ودون الأحزاب السياسية يصعب أن تنتعش النخبة أو تسيطر فعلياً على فنون السياسة والإدارة، وهى الفنون التى لا يستقيم نظام الدولة أو إدارة الدولة والمجتمع دونها. بل يمكن القول إن النظام البرلمانى هو نظام للنخبة مقابل النظام الرئاسى باعتباره نظاماً للقيادة الفردية إلى حد بعيد. وتواجه مصر الآن مشكلات متعددة فى الانتقال الديمقراطى نتجت عن الانقطاع الطويل عن التقاليد الديمقراطية، فهى تواجه مشكلة انقراض النخب السياسية وانحطاط مستواها انحطاطاً شديداً بحيث أصبحت أقرب إلى عبيد السلطان منها إلى مفهوم الطبقة السياسية التى تقدس حريتها. كما تواجه مشكلة أشد وأكثر استعصاء بكثير فيما يتعلق بالثقافة السياسية والتربية السياسية الغائبة منذ عشرات السنين، بل ربما منذ قرون طويلة، ولا مجال لتنمية العقلانية فى الإدارة السياسية للمجتمع دون إعادة الحياة للأحزاب باعتبارها مؤسسات للتثقيف والتدريب السياسى، وهو ما يحتم الانتقال إلى نظام برلمانى.
4- نموذج الجمهورية البرلمانية
هو الاختيار الأكثر- وليس الأقل- واقعية
لقد آن الأوان لمناقشة عقلانية، وإن شديدة الاختصار، للقضية الأساسية التى يطرحها أنصار النظام الرئاسى، وهى نظرية الفرعونية السياسية. تقول هذه النظرية إن هناك صعوبة كبيرة فى الانتقال إلى النظام البرلمانى لأن الشعب المصرى يتعلق بالزعامة الشخصية، ويريد أن يتوحد مع زعماء كبار، وذلك لأن الثقافة السياسية الأساسية تقوم على مفهوم الفرعونية السياسية.
والواقع أن هذا الادعاء يعد من أكثر التعميمات الشائعة جهلاً بالتاريخ السياسى والدستورى الحقيقى لمصر. فحتى فى العصر الفرعونى مثّل الاستبداد الفردى بالسلطة فى القصر الفرعونى أو البيت الكبير استثناء وليس قاعدة، وقامت المملكة الوسطى أساساً على توافق وتوزيع دقيق للسلطة بين البيت الكبير (الفرعون) وأمراء الأقاليم، وحافظت المملكة الحديثة على هذا التوزيع أو هذا الوفاق أو الحل الوسط الجوهرى حتى أثناء الصعود الإمبراطورى، وبوجه عام لم يكن الفرعون يحتل الفضاء كله أو يمركز السلطة بصورة متطرفة كما توحى الأسطورة المنقولة إلينا من أصول توراتية.
وعلى أى حال، لا يبدو صحيحاً أن مصر والمصريين متعلقون بالاستبداد أكثر من أى شعب آخر، ولا حتى بمفهوم الكاريزما والبطل أكثر من أى شعب آخر، وبكل صراحة هذه أيضاً أسطورة أيديولوجية بلورها أصحاب مدرسة المستبد العادل (بعد رشيد رضا فكرياً، وبعد وفاة سعد زغلول فعلياً)، وبرروا بها انقلاباتهم على الدستور والديمقراطية. فقد أحب المصريون وقدروا عالياً شخصية مصطفى النحاس الذى لم يتمتع بأدنى مستويات الكاريزما، وكان مصرياً عادياً، بل أقل من العادى من حيث المظهر الخارجى، لأنه وفر وظائف القيادة الديمقراطية الحقة. ويواصل البعض تبرير الدعوة للإبقاء على النظام الرئاسى فى مصر بالقول إن مصر تحتاج إلى دولة قوية الآن أكثر من أى وقت مضى، والواقع أن مصر كان لديها منذ محمد على دولة «طاغوتية»، وليس بالضرورة دولة قوية، وأن الدولة الطاغوتية التى يستأثر فيها شخص واحد بالسلطة والنفوذ قد تكون فى الحقيقة دولة ضعيفة، بل إنها تميل لأن تكون دولة ضعيفة من الناحية الوظيفية. فالدولة العصرية القوية هى دولة نظم عمل أو قادرة على معالجة وحل المشكلات بكفاءة، وليست دولة تتسم بالتمركز الشديد للسلطة.
* ورقة قُدمت فى حلقة بحث «نحو دستور مصرى جديد عقدها فى 23 مايو 2005 مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»