x

كتب وحكايات| «أزمة الروايات الثلاث».. مصادرات وإقالات بالجملة

الإثنين 10-07-2017 11:22 | كتب: ماهر حسن |
فاروق حسني وزير الثقافة الاسبق في حوار مع المصري اليوم - صورة أرشيفية فاروق حسني وزير الثقافة الاسبق في حوار مع المصري اليوم - صورة أرشيفية تصوير : فؤاد الجرنوسي

لعل أكثروزارة ثقافة شهدت العدد الأكبرمن مصادرات الكتب إثرالأزمات التي واجهتها هذه الكتب كانت وزارة فاروق حسني بحكم أنه كان الوزير الأطول بقاء على رأس هذه الوزارة طوال تاريخها ففي وزارته حدث عدد من الزوابع المتعلقة بالثقافة كتبا وفنا فقد صودرت مجلة إبداع وهوجمت من عناصر إخوانية في البرلمان إما بسبب قصيدة فيها أو بسبب أحد أغلفتها والذي كان عليه صورة لتمثال إيزيس العاري لباعث فن النحت المصري محمود مختار.

ومن الأزمات الأخرى الزوبعة التي واجهت رواية السوري حيدر حيدر«وليمة لأعشاب البحر»، ثم كانت الزوبعة الثالثة التي واجهت صدور «ليل ألف ليلة وليلة» في أجزائها كاملة، وفي نصها الأصلي، وكان الجزء الثاني منها هو سبب الزوبعة، أما الأزمة الرابعة فتلك التي واجهت ثلاث روايات صدرت معا وهي الأزمة المعروفة باسم «أزمة الروايات الثلاث»، وهذه الروايات الثلاث لشباب، وصدرت عن هيئة قصور الثقافة وهي «أحلام محرمة» لمحمود حامد، و«أبناء الخطأ الرومانسي» لياسر شعبان، و«قبل وبعد» لتوفيق عبدالرحمن».

وكان طرفي الجدل المحتدم حول الروايات الثلاث، هما فريق المثقفين، وممثلي الإخوان المسلمين في البرلمان، وكان هذا في 2001، بعد الاتهامات التي وجهها عضو في جماعة الإخوان المسلمين للروايات الثلاث، إذ رأى أنها تنتهك الآداب العامة بمشاهد وألفاظ خادشة، وقدم استجواباً في مجلس الشعب لوزير الثقافة المصري في ذلك الوقت فاروق حسني، وبناء عليه تمت المصادرة، كما كشفت الأزمة عن موقف العديد من الرموز الثقافية، فلم يتضامن سوى عدد قليل منهم مع الروايات المصادرة من قبيل الانتصار لحرية التعبير وأعلنوا مقاطعتهم للوزارة، وأنشطة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته التالية على الأزمة.

وتضاربت مواقف المثقفين خلال الأزمة وانقسموا إلى ثلاث فرق، (الأول) عارض قرارات إقالة المسئولين الخمسة في هيئة قصور الثقافة، مما مثل رضوخ الحكومة لرغبات الإسلاميين، خوفًا من «فوبيا الوليمة» التي أصابت الحكومة عقب الاضطرابات التي أثارتها رواية «وليمة لأعشاب البحر» وتسببت في عشرات المظاهرات في الجامعات، وانتهت بتجميد حزب العمل المعارض ذي التوجه الإسلامي ووقف جريدته «الشعب».

وكان المعارضين قد أصدروا بيان إدانة لإجراءات البطش المادي والمعنوي والتنكيل الفكري الذي يقوم به فاروق حسني في الحياة الثقافية، وإعلان مقاطعة وزارة الثقافة وكافة أنشطتها من معارض وندوات وأمسيات، سواء في معرض الكتاب الدولي وأنشطة المجلس الأعلى للثقافة، وأنشطة الثقافة الجماهيرية، وكافة إصدارات وزارة الثقافة، وكان من الوقعين على البيان الروائي جمال الغيطاني، والكاتب أسامة أنور عكاشة، ويوسف القعيد، ويوسف أبورية، والناقد فاروق عبدالقادر، والدكتور عبدالعظيم أنيس، والكاتب عزت القمحاوي، والإعلامية فريدة الشوباشي.

أما الفريق (الثاني) فقد ساند موقف وزير الثقافة، واعترض على احتجاج الفريق الأول، معتبرًا أن المسئولين عن نشر الروايات التي أثارت الأزمة الجديدة في البرلمان عبر طلب الإحاطة الذي قدمه نائب الإخوان المسلمين لوزير الثقافة، قد أخطأوا التقدير ولم يراعوا تداعيات أزمة الوليمة الأولى التي فرضت أهمية تنقية ما يُنشر في روايات وزارة الثقافة من مواد متحررة تتضمن عبارات منافية للآداب، وكان على رأس هذا الفريق الروائي عبدالرحمن الابنودي الذي قال: «إن المثقفين مسئولون عن نشر هذه الروايات التي تثير الجدل، وإنهم لم يراعوا وصول الإسلاميين للبرلمان في الانتخابات الأخيرة» كما رد على حديث الفريق الأول أن «مصادرة الروايات الثلاث خضوع للإسلاميين وتعارض مع الديمقراطية» قائلاً: «إن هذا لا علاقة له بالديمقراطية وأنه مجرد وضع حد لممارسات الموظفين المغالين في مواقفهم».

أما الفريق (الثالث) من المثقفين والأدباء، فقد اتخذ تيارًا وسطًيا روتينيا هو الاعتراض على قرارات الوزير كلاميًا، دون أن يؤثر رأيهم هذا على مواقفهم من وزارة الثقافة والتعامل الإيجابي مع قرارات فصل مسئولي وزارة الثقافة بعقد مؤتمرات للمثقفين، وبحث الأمر مع رفض مقاطعة أنشطة وزارة الثقافة كما فعل الفريق الأول.
وقد دافع فاروق حسني عن قرار المُصادرة في حديث خاص لوكالة الأنباء الفرنسية، وحمّل من وصفهم بـ«مجموعة من اليساريين» مسئولية إثارة أزمة الروايات الثلاث، وأن الوزارة قامت بمُصادرتها باعتبارها «مُسيئة للقيم الاجتماعية» وقال: «إن هذه الروايات التي تستخدم لغة سوقية في وصف المشهد الجنسى قصد منها إثارة أزمة في المجتمع المصري، وأن من يكتب مدافعا عنها في الصحافة هم يساريون لا يقف إلى جانبهم أحد»؛ وقارن بين موقفه معهم الذي جاء على عكس وقوفه إلى جانب المثقفين في أزمة رواية «وليمة لأعشاب البحر» والتى كانت دوافعها سياسية، وأن الأزمة كانت مفتعلة ومدفوعة من الخارج، وقال: «لكنى وقفت في مواجهتهم في الأزمة الحالية لأنها داخلية، ويقع على مسئوليتى كوزيرالدفاع عن القيم والأخلاق الاجتماعية».

وكان وزير الثقافة فاروق حسني قد أقال عدداً من المسؤولين في الوزارة، خصوصاً في سلاسل النشر المختلفة التابعة للوزارة التي صدرت عن هيئة قصور الثقافة أيضاً، وعلي رأسهم رئيس الهيئة على أبوشادى، ومنع توزيع هذه الروايات، وتقديم اثنين من المسئولين عن سلسلة «أصوات أدبية» التي صدرت الروايات في إطارها، إلى المحاكمة، وهما الروائيان إبراهيم أصلان وحمدى أبوجليل، وقد أخذ فريق من الإعلاميين والمثقفين على فاروق حسني تضارب موقفه بين أزمة وتباين رد فعله بين موقفه في أزمة رواية «وليمة لأعشاب البحر» قبل عام من أزمة الروايات الثلاث والتي وافق على مصادرتها فيما تصدي قبل ذلك لدعاوي المصادرة التي لاحقت رواية «وليمة لأعشاب البحر» رغم التظاهرات والاحتجاجات التي قادها التيار الديني ضد الرواية ونفى تنسيق موقفه وقراراته مع القوى الإسلامية، مذكرا بتاريخه الطويل في مواجهتهم بدءا من عام 1988 وخصوصا مأمون الهضيبي وابراهيم شكري ويوسف البدري وغيرهم وأكد أنه فتح المجال واسعا أمام المثقفين بجميع فئاتهم كتابا وموسيقيين وفنانين لنشر مؤلفاتهم وعرضها، وذلك للمرة الأولى في تاريخ مصر.

وتعليقا على ماتردد عن مصادرة وحظر بيع بعض الكتب التراثية، ومنع ديوان الشاعرأبونواس: «أن وزارته لم ولن تصادر أي كتاب تراثي ان ذلك ضد سياستها لأن الكتب التراثية هي ملك الجميع».

وفي أعقاب هذه الأزمة كان على أبوشادي رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة السابق، قد أكد أن الدولة كانت مضطرة لإقالته من منصبه، بعد أزمة الروايات الثلاث، ورواية «وليمةلأعشاب البحر» للروائى حيدرحيدروقال إن فاروق حسنى أخبره خلال احتدام الأزمة أنه مضطرلإقالته، بعد أن قام وقتها النائب الإخواني جمال حشمت، بتقديم طلب إحاطة بشأن «الروايات الثلاثة» التي أصدرتها سلسلة «أصوات أدبية» التابعة للهيئة العامة لقصورالثقافة وأكد أبوشادى أن فاروق حسنى دافع عنه، عكس ما ردد البعض بعضها، ولم يهتز بسبب هذه الأزمة، خصوصا أنه قبلها وقف في مجلس الشعب ودافع عن لوحة عارية كانت غلافا لمجلة «إبداع» ولكن كانت هناك ضغوط من الرئاسة عليه، اضطرته لإقالته من منصبه، وبعد عدة أعوام تقابلا وقال له حسنى: «الريح كانت عاتية يا على» وقال أبوشادي إنه غير نادم على دفاعه عن حرية الإبداع وإنه خرج من هذه الأزمة نجما ويكفى أنه خرج بشرف من الهيئة وليس بقضية انحراف مالى مثلا، على حد قوله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية