اختتمت قمة مجموعة العشرين للاقتصاديات الكبرى، المنعقدة فى مدينة هامبورج الألمانية، أعمالها، السبت، بعد يومين من المباحثات الشاقة التى سيطرت عليها الخلافات بسبب موقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حول المناخ، واتفق القادة على تحفيز النمو الاقتصادى وتحرير التجارة ومواجهة السياسات الحمائية، ومكافحة تمويل ودعم الإرهاب ومواجهة ظاهرة تهريب البشر، ووصفت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، المحادثات حول صيغة البيان الختامى للقمة بأنها «صعبة للغاية»، بسبب خلافات حول حرية التجارة والمناخ، وسط أجواء من العنف بسبب احتجاجات المناهضين للقمة.
واصطف قادة قمة مجموعة العشرين فى مواجهة ترامب بشأن الخلاف حول حماية المناخ وتضمن البيان الختامى للقمة التزام الأعضاء الـ19 فى المجموعة بالتطبيق «السريع» لاتفاقية باريس لحماية المناخ، وأكد أن عدول الولايات المتحدة عن الاتفاقية تم «الإحاطة به علما»، وسيطر الخلاف بسبب فقرة تريد الولايات المتحدة إدراجها فى البيان، حول الدعم الأمريكى لدول أخرى فى الاستخدام النظيف للطاقة الحفرية التى يعارضها خبراء حماية المناخ، ويتعين وقف استخدامها لتحقيق أهداف اتفاقية باريس.
وطالبت القمة باتخاذ إجراء ضد مهربى البشر، فى إطار جهودهم لمواجهة أزمة اللاجئين العالمية، وأكد البيان: «نلتزم بمواجهة تهريب المهاجرين والاتجار فيهم ونصر على اتخاذ إجراء ضد مهربى وتجار البشر»، واتفق القادة على تحفيز النمو الاقتصادى العالمى لتوفير المزيد من فرص العمل، وأقرت القمة خطة عمل مشتركة تنص على إبقاء مشاركة الولايات المتحدة فى تنظيم أسواق المال، وكان ترامب أعلن عزمه مراجعة قواعد تنظيم أسواق المال.
وتحدثت «خطة عمل هامبورج» عن المناخ المواتى للاقتصاد العالمى، وأكدت أن سرعة النمو الاقتصادى كانت أضعف من المأمول، وأن مخاطر تراجع النمو الاقتصادى لاتزال قائمة، وأن من التحديات طويلة المدى التى تواجه نمو الاقتصاد العالمى، هى ضعف النمو الإنتاجى، وعدم التكافؤ فى الدخول وشيخوخة المجتمعات، واعترفت المجموعة بأنها لن تستطيع تحقيق الهدف الذى اتفقت عليه عام 2014 بزيادة الناتج المحلى الإجمالى لدولها بنسبة 2% بحلول 2018، ودعا القادة مجددا إلى إصلاحات هيكلية وتحفيز النشاط الاقتصادى بالمزج بين السياسة المالية والنقدية والإصلاحات الهيكلية، وأكدت القمة أنها لا تريد التلاعب بأسعار الصرف، وأنها ستتخلى عن إضعاف متعمد لسعر صرف عملاتها، والذى من الممكن أن تحقق من خلاله امتيازات تنافسية غير عادلة.
وأكدت القمة الالتزام بتحرير التجارة ومناهضة الحمائية، والاعتراف بـ«دور الأدوات الدفاعية الشرعية فى التجارة»، ودعت إلى «أطر تحقق منفعة متبادلة للتجارة والاستثمارات، ومراعاة مبدأ عدم التمييز ومكافحة الحمائية وكافة الممارسات التجارية غير المنصفة». تعهد عدد من قادة دول وحكومات المجموعة العشرين مع رئيس البنك الدولى جيم يونج كيم، بتمويل صندوق تابع للبنك لدعم سيدات الأعمال فى الدول النامية بـ325 مليون دولار.
وأكد ترامب بعد لقائه رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماى، على هامش القمة، أن واشنطن تتوقع إبرام اتفاق تجارة «قوى جدا» مع بريطانيا «بصورة سريعة للغاية». ويفضل ترامب الاتفاقيات التجارية الثنائية بدلا من الاتفاقيات المتعددة، ونشبت خلافات بين ترامب والدول الأعضاء الأخرى فى مجموعة العشرين، بسبب «أجندة أمريكا أولا» التجارية.
وشهد اليوم الأخير من القمة محادثات بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وميركل حول الصراع فى شرق أوكرانيا، واتفق بوتين مع الرئيس الكورى الجنوبى مون جيه إن، على العمل المشترك لنزع أسلحة كوريا الشمالية النووية، وبحثا فرض عقوبات على كوريا الشمالية ودفعها إلى المفاوضات لإنهاء برنامجها النووى.
وأعرب ترامب، عن شكره لميركل على جهودها فى تنظيم القمة وقال: «قمت بجهد رائع، قيادتك لا تصدق على الإطلاق وملهمة للغاية»، موضحا أن ميركل أدت مهمة ممتازة رغم الإزعاج الذى تسبب فيه «بعض الأشخاص»، فى إشارة إلى الاحتجاجات العنيفة التى شهدتها المدينة، وسيطرت الشرطة الألمانية على الوضع فى هامبورج، صباح أمس، بعد يومين من الاشتباكات مع المحتجين المناهضين للقمة. وقالت ميركل «أتفهم تماما المظاهرات السلمية لكن المظاهرات العنيفة تعرض حياة الناس للخطر»، وأكدت الشرطة الألمانية أن المتظاهرين أطلقوا قذائف من أسلحة تحمل على الكتف، واعتقلت 265 محتجا وأسفرت المواجهات عن إصابة 213 من قوات الشرطة، وقال المتحدث باسم شرطة هامبورج، تيمو زيل، إنه «صدم من حجم أعمال الشغب، ولم نشهد هذا المستوى من الكراهية والعنف». وأضرم المحتجون النار فى سيارات وشاحنات وحطموا نوافذ بنوك ونهبوا متاجر للتجزئة ورشقوا الشرطة بالحجارة.