منذ بضع سنوات، كانت إحدى الصديقات تتساءل: «ابني يحب اللعب بالدمى وألعاب البنات.. هل ينبغي أن أقلق؟»، وأجابها الجميع بأنه أمر لا يستدعي القلق، وأن عليها أن توجهه فقط إلى ألعاب الأولاد وتحببه فيها.
هل حقاً ينبغي لها ألا تشعر بالقلق وتتعامل مع الأمر كونه أمرا عابرا؟.. تتوقف إجابة هذا السؤال حول مدى استمرارية هذا الميل، وما إذا كان مصحوباً بعلامات أخرى مشابهة، فقد يكون هذا الطفل يعاني من اضطراب في هويته الجنسية.
ما هو اضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال؟
يشير اضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال أو ما يعرف بـ«الانزعاج الجندري» «Gender Dysphoria in children» إلى وجود اختلاف واضح بين تمييز الطفل لنوعه، كذكر أو أنثى، ونوعه البيولوجي المحدد بالولادة، فيشعر الطفل الذكر أنه أنثى أو تميز طفلة نفسها بكونها ذكرا.
هل هو أمر شائع؟ هل يستدعي القلق؟
لا يعد اضطراب الهوية الجنسية أمراً شائعاً بين الأطفال، إذ يصيب فقط نسبة 1% منهم، وعادة ما يختفي تدريجياً، أحياناً دون تدخل خارجي قبل مرحلة المراهقة، لذا فهو أمر لا يستدعي القلق الزائد وإنما الانتباه إلى تصرفات الطفل/ة ومراقبتها بوعي للانتباه له ودرجة حدته مبكراً.
هل اضطراب الهوية الجنسية يعني المثلية الجنسية؟
لا، يختلف اضطراب الهوية الجنسية عن المثلية الجنسية، فهو يشير لشعور الطفل/ الشخص تجاه ذاته، أما المثلية الجنسية فتشير إلى ميله نحو غيره من أبناء جنسه عاطفياً وجسدياً.
ما هي أعراض/علامات اضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال؟
هناك عدة أعراض أو علامات لاضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال، يمكن أن تظهر كلها مجتمعة أو بعض منها فقط لدى بعض الأطفال. ولكن في جميع الأحوال، يجب أن تستمر لمدة لا تقل عن 6 أشهر متواصلة، حتى نقول إن الطفل ربما يكون بحاجة إلى مساعدة طبية متخصصة.
من أبرز هذه العلامات:
وصف الطفل/ة لذاته/ا باستمرار بالنوع المخالف للنوع البيولوجي، كأن يقول الذكر أنه فتاة وتقول الأنثى أنها صبي.
تفضيل الأصدقاء من النوع الذي يشير به الطفل إلى نفسه.
رفض الألعاب التي تعرف بكونها ملائمة لنوعه/ا البيولوجي بشكل مستمر، مثل السيارات للأولاد والدمى للبنات، والإقبال على الألعاب التي تلائم عادة النوع المقابل، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالملابس.
محاولة تقليد الجنس الآخر عند التبول.
اعتقاد الصبي بأنه سيصبح فتاة عندما يكبر أو اعتقاد البنت بأنها ستصبح رجلا عندما تكبر.
الحزن والإحباط الشديدين تجاه التغيرات الجسدية التي تحدث قبيل مرحلة المراهقة.
متى ينبغي الانتباه لأن هذا الطفل يحتاج إلى مساعدة؟
ينبغي الانتباه إلى أن الطفل يحتاج مساعدة طبية متخصصة، إذا:
استمرت الأعراض لمدة تزيد على 6 أشهر.
كان يشعر بإحباط شديد وواضح تجاه ذاته بسبب هذا الاضطراب.
كيف يتم علاج هذا الاضطراب؟
في أغلب حالات اضطراب الهوية الجنسية لدى الأطفال، يكون العلاج النفسي حلا ناجحا وفعالا، خاصة إذا تم اللجوء إليه مبكراً، وهو يفلح مع السواد الأعظم من الأطفال الذين يعانون من هذا النوع من الاضطراب.
إذا استمر اضطراب الهوية الجنسية إلى مرحلة المراهقة، ولم يفلح العلاج النفسي في تقليل أثره، يتم اللجوء أحياناً إلى العلاج الهرموني أو الجراحي لتغيير الجنس، في المجتمعات التي ترحب بذلك.
في جميع الأحوال، لا ينصح بإهمال علاج حالات اضطراب الهوية الجنسية لأن ذلك يجعل أصحابها أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية أخرى لاحقاً، مثل الاكتئاب والفصام واضطرابات الطعام وإدمان المخدرات، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى الانتحار.