تباينت ردود أفعال عدد من الخبراء السياسيين والقانونيين حول برنامج حزب الحرية والعدالة، التابع لجماعة الإخوان المسلمين، الذى انفردت «المصرى اليوم» بنشر تفاصيله، الثلاثاء، ففى الوقت الذى وصفه البعض بفضفاض و«لم يقدم جديداً» عن البرامج السابقة بالإضافة إلى خلوه من آليات للتنفيذ فيما يتعلق بمشروع استقلال القضاء والحكم البرلمانى، بدلاً من الرئاسى وهيكلة المنظومة الأمنية، اعتبره آخرون «جيداً جداً ويغطى جميع مناحى الحياة».
قال أبوالعز الحريرى، وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى، إن البرنامج تجاهل إلى حد بعيد الجانبين الاقتصادى والاجتماعى، ولم يركز عليهما بالإضافة إلى أن أحد أهم البنود التى جاءت فيه - وهى إقرار نظام برلمانى لحكم مصر - لا يصلح للتطبيق فى المرحلة الانتقالية الحالية، إذ يجب أن تتنوع السلطة ويحدث التوازن بين البرلمان والرئاسة.
وأضاف «الحريرى»: «الديمقراطية ليست مجرد أنظمة، والشعب وصل إلى حالة نضج سياسى الآن ويحتاج خطاباً مقنعاً وبرنامجاً بآليات واضحة ومحددة». وحول ما جاء فى البرنامج، بشأن تفعيل الوقف والأعمال الخيرية، قال: «القصة ليست فى توزيع الأموال على الناس ووعدهم بممتلكات وحسنات.. أنا مش عايز الشعب يستفيد من أعمال خيرية حتى لا يكون أسيراً لغيره.. والحزب الذى يلجأ إلى هذا الأسلوب ويدخل سياسة موائد الرحمن فى العمل السياسى مرفوض تماماً».
وأضاف: «الديمقراطية التى يتغنى بها الحزب تتنافى تماماً مع ما جاء فى البرنامج، لأن أى برنامج انتخابى يجب أن يكون قائماً على الإقناع من خلال آليات واضحة ومحددة ولا يشمل عبارات فضفاضة وتوزيع حسنات غير معروف مصدرها».
واعتبر «الحريرى» أن البرنامج لم يقدم جديداً فى الحياة السياسية ولم يختلف عن باقى البرامج الانتخابية الأخرى، مشيراً إلى أن تركيزه على فكرة استقلال القضاء دون تقديم مشروع لاستقلال السلطة القضائية بمثابة خداع - على حد تعبيره.
وحول تخلى الحزب عن شعار «الإسلام هو الحل» قال: «ليس صحيحاً أن الجماعة تخلت عن الشعار حتى إن قالت هذا نصاً، لأنها تخلط الدين بالسياسة، لكن بآليات وطرق مختلفة وهناك علامات استفهام كثيرة على الحزب والبرنامج الذى سيخوض به الانتخابات المقبلة». وقال خالد الزعفرانى، رئيس حزب العدالة والتنمية ذى المرجعية الدينية، إن البرنامج الذى وضعه الحزب هو أنضج البرامج السياسية التى رأيتها فى حياتى، لأنه اشترك فى وضعه على - حد علمى - نحو 300 متخصص فى شتى المجالات وحاز عناية كبيرة داخل الجماعة والحزب لكن الأهم هو التنفيذ.
وأضاف: «البرنامج فى مجمله جيد جداً ومتوازن واقترب من الواقع أكثر وغطى أغلب مشاكل المصريين الحالية واعتمد التطبيق أكثر من الشعارات». وتابع: تخلى الجماعة عن شعار «الإسلام هو الحل» ليس مناورة لأنه ليس مقدس بل كان شعاراً انتخابياً ومن حق الجماعة أو الحزب التابع لها خوض الانتخابات بشعار مختلف، وللعلم، حزب العمل نفسه استخدم هذا الشعار قبل الإخوان فى الثمانينيات وخاض الانتخابات به.
ورفض الزعفرانى ما جاء فى البرنامج بشأن تفعيل النظام البرلمانى لحكم مصر، معتبراً أن النظام المختلط بين الرئاسى والبرلمانى هو «الأنسب حالياً بسبب ما سماه عدم استقرار الحياة الحزبية الحالية». وقال هيثم أبوخليل، المتحدث الإعلامى باسم حزب الريادة، إن العبرة ليست بالبرنامج وما سيتضمنه من اقتراحات أو سياسات، بل الأهم هو الممارسة الفعلية عند التنفيذ ومواجهة الواقع، مشيراً إلى أن البرنامج ملىء بالعبارات الفضفاضة ورسائل المغازلة لكل الأطياف بعد أن ابتعد بالفعل عن النقاط الخلافية مع الحزب أو الجماعة لإرضاء المجتمع.
وأضاف: «عن أى حياة برلمانية يتحدث البرنامج، وحزب الحرية والعدالة يشارك فى تصدع الحياة السياسية بتوقيعه اتفاقاً يضيع مكاسب الثورة ويشق صف القوى الوطنية ويكرس لاستمرار وجود العسكر».
وقال: «رغم أن البرنامج تضمن بنوداً مستحدثة فإن أغلبه سبق وطرحته الجماعة فى برامج سابقة ولا يعدو كونه إعادة إنتاج لكلام إنشائى قديم ومكرر يسقط ويتهاوى ويختفى عند التطبيق، فهو يتكلم عن السياحة وعن الأقباط، وأعتقد أن نظرة الدكتور الكتاتنى للسياحة تنسف هذا الكلام نسفاً والدور الغائب لنائب رئيس الحزب الشرفى القبطى رفيق حبيب تؤكد أنه كلام للاستهلاك الانتخابى».
ووصف الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، البرنامج بالبيان الانتخابى، بعد حرص جماعة الإخوان على عدم الصدام ويعكس استيعابهم الدروس التى حصلوا عليها بعد البرامج العديدة التى تقدموا بها خلال الفترة السابقة.
ورفض اعتبار البرنامج مثالياً للتعبير عن أفكار ورؤى الجماعة خاصة أنه يتحدث فى العموميات، لكن من الممكن أن يعبر عن وزنها السياسى، وقدرتها على التجاوب مع باقى القوى الفاعلة بالمجتمع واستيعاب واستقطاب أبرز القطاعات والأطياف فى المجتمع.