تحل الذكرى الرابعة لثورة 30 يونيو، وما زال الشعب المصرى يثبت صموده لمواجهة التحديات ووقوفه خلف قواته المسلحة والشرطة، من أجل مواجهة المخاطر والتحديات التى تهدد بقاء الدولة المصرية، ويساهم الشعب المصرى فى بناء الدولة المصرية رغم حجم التحديات الهائلة المحيطة بالوطن والمهددة لأمنه واستقراره، من خلال الإرهاب والتطرف الذى اتخذ باسم الدين شعارات له، والذى تحركه قوى خارجية يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار فى مصر، ودفعها إلى المصير المجهول الذى انزلقت إليه بعض الدول فى المنطقة.
والتحقت مصر عقب ثورة 30 يونيو، بقاطرة التنمية لتنفيذ العديد من المشروعات القومية العملاقة لخدمة المواطنين، وكان مشروع حفر قناة السويس الجديدة وافتتاحها للملاحة العالمية يمثل ركيزة أساسية لمشروع قومى آخر يمثل نقلة تنموية وحضارية تنعكس على وجه الحياة فى مصر، وهو مشروع المنطقة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس.
وحققت مصر نقلة نوعية فى المشروع القومى لتطوير شبكة الطرق فى مصر وتحسين وسائل المواصلات، وتضمنت الخطة الموضوعة إنشاء وتطوير شبكة جديدة للطرق يبلغ طولها 3200 كيلو متر، تضاف لشبكة الطرق المصرية السريعة البالغة 26 ألف كيلو متر، لتغطى أنحاء الجمهورية وتربط المدن المصرية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وتسهل حركة نقل الركاب والبضائع بين المدن والموانئ والمطارات المصرية وامتدادا إلى دول الجوار، كما تم إنشاء وتطوير ما يقارب من 2000 كيلو متر من الشبكة المستهدفة خلال عامين فقط.
وامتدت منظومة التطوير فى ذلك المجال إلى هيئة السكك الحديدية ومترو الأنفاق، ففى مجال السكة الحديد تم خلال الفترة الماضية الانتهاء من تطوير 31 محطة سكة حديد، وفى مجال مترو الأنفاق تم الانتهاء من تجديد 15 قطارا من إجمالى 17 قطار بالخط الأول، فضلاً عن توريد 18 قطارا من إجمالى 20 قطارا مخططا توريدها بالخط الأول دخل منها فى الخدمة الفعلية 13 قطارا، وبدأ العمل فى خط القطار المكهرب السريع بين مدن السلام – العاشر من رمضان – بلبيس، وامتداده إلى العاصمة الإدارية الجديدة، لتطوير وزيادة قدرة خطوط المترو لمقابلة التوسعات الجارية شرق القاهرة فى مجال التنمية الشاملة والمستدامة.
وفى مجال النقل البحرى تم تطوير ميناء الغردقة ليتسع لـ700 ألف راكب سنويا بدلا من 250 ألف راكب، وتم الانتهاء من أعمال التطوير فى ميناء سفاجا البحرى وميناء الأدبية، وجار الانتهاء من أعمال التطوير بميناء نويبع ليستوعب 1.7 مليون راكب سنويا، وجار تنفيذ عدد من مشروعات التطوير بموانئ الغردقة – سفاجا – حلايب – شلاتين – الإسكندرية – الدخيلة – دمياط، وامتد التطوير إلى مجال النقل الجوى، حيث تم الانتهاء من أعمال التطوير فى الممرات الرئيسية والصالات وتطوير الحقل الجوى بعدد من المطارات فى الوجهين البحرى والقبلى.
وحظى مجال الإسكان والقضاء على العشوائيات باهتمام كبير، كونها متراكمة ومؤثرة على أمن وسلامة المجتمع، إذ وضعت خطة طموح لبناء مليون وحدة سكنية خلال خمسة أعوام فى إطار سياسة تستهدف توفير مسكن ملائم مكتمل المرافق والتشطيبات للشباب ذوى الدخل المنخفض، وتم خلال العامين الماضيين إنشاء 148 ألف وحدة إسكان اجتماعى، وجار تنفيذ 264 وحدة منها 20 ألف وحدة بالمدن الجديدة، وتغطى مناطق كثيرة فى القاهرة والأقاليم، وجار طرح 102ألف وحدة بالمحافظات والمدن وحصر الأراضى اللازمة لإنشاء 110 آلاف وحدة بالمرحلة الثالثة بالمدن الجديدة والمحافظات، كما تم الانتهاء من المرحلة الأولى والثانية من مشروع حى الأسمرات بالمقطم لإنشاء 18 ألف وحدة سكنية ضمن سياسة القضاء على المناطق العشوائية، وتم الانتهاء من تنفيذ 11 ألف وحدة سكنية خلال 12 شهرا تستوعب 11 ألف أسرة من القاطنين فى المناطق العشوائية شديدة الخطورة، ويقدر عددهم بـ850 ألف نسمة، أهمها منطقة غيط العنب بالإسكندرية.
كما تم تطوير 46 منطقة عشوائية فى محافظتى القاهرة والجيزة بواسطة الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، وتطوير 78 قرية من القرى الأكثر احتياجا فى 26 محافظة، وينتظر إعلان 6 محافظات فى مصر خالية من المناطق العشوائية خلال العامين القادمين، بالإضافة إلى المدن الجديدة الجارى إنشاؤها كالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، وشرق بورسعيد وتوشكى الجديدة، فضلا عن مشروعات طرح الأراضى للمواطنين فى الداخل والخارج فى العديد من المدن، وإقامة العديد من مشروعات البنية التحتية الضرورية للمناطق السكنية الجديدة واللازمة للتوسعات المستقبلية.
وفيما يتعلق بتوفير الطاقة الكهربية اللازمة للتوسعات الإنشائية والمشروعات الاستثمارية والقضاء على أزمة نقص وتقادم مصادر الكهرباء والطاقة، وضعت خططا عاجلة وأخرى مستقبلية طموحة تستهدف التوسع فى إنتاج الكهرباء اللازمة لاحتياجات الدولة والأفراد، ورصد لهذا الغرض مبلغ 515 مليار جنيه، خصصت لإنشاء محطات جديدة وتطوير المحطات القديمة، وإجراء الصيانة الدورية لمحطات الكهرباء بصفة منتظمة، مع البدء فى تنفيذ مشروع محطة الضبعة النووية لإنتاج الطاقة الكهربية، والتوسع فى إنتاج الطاقة الشمسية والطاقة المتولدة من الرياح، بالإضافة إلى ما تتيحه مشروعات الكهرباء من عشرات الآلاف من فرص العمل فى مجال الإنشاء والتشغيل.
كما تم خلال العامين الماضيين إنشاء العديد من محطات الكهرباء الجديدة التى أضافت للشبكة القومية خلال الفترة الماضية 6000 ميجاوات، ما يساوى ثلاثة أمثال الطاقة الكهربية المولدة من السد العالى، فضلا عن مشروعات رفع قدرة عدد من المحطات التى تعمل بنظام الدورة البسيطة وتحويلها لتعمل بنظام الدورة المركبة، وتوزيع 13 مليون لمبة من نوع LED لتوفير استهلاك الكهرباء، وتوقيع عقد مع شركة سيمنز الألمانية لإنشاء 3 محطات كهرباء بإجمالى طاقة 14400 ميجاوات باستثمارات 6 مليارات يورو فى مناطق العاصمة الإدارية الجديدة وبنى سويف والبرلس ينتظر دخولها تباعا فى منظومة الشبكة القومية بنهاية عام 2018، بالإضافة إلى إنشاء مصنع لإنتاج ريش التوربينات لتوليد طاقة الرياح بطاقة 2000 ميجا وات وباستثمارات 2 مليون دولار، وذلك لمقابلة التوسعات السكانية ومشروعات التنمية المستقبلية، كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة جينرال إليكتريك لتحويل وحدات الخطة العاجلة بمحطتى غرب أسيوط وغرب دمياط بقدرة 750 ميجا وات للعمل بنظام الدورة المركبة باستثمارات 56 مليون جنيه، وجار تنفيذ عدد من مشروعات إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية بإجمالى قدره 2105 ميجا وات فى مناطق أسوان والمنيا.
وفى مجال توفير الطاقة اللازمة للمشروعات الكبرى، تم توقيع 59 اتفاقية بترولية جديدة مع عدد من الشركات العالمية باستثمارات تقدر بـ13 مليار دولار، و8 اتفاقات أخرى بقيمة 1.2 مليار دولار، بهدف زيادة إنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعى، كما تمت مواصلة خطة توصيل الغاز الطبيعى للمنازل لتبلغ حتى الآن 7 ملايين وحدة.
وأحدثت مصر نقلة نوعية فى استراتيجية توفير الطاقة الكهربية اللازمة لتوسعات المستقبل، وذلك بتوقيع عقد مع روسيا لإنشاء محطة الضبعة النووية لإنتاج الطاقة الكهربية بقيمة 25 مليار دولار تسدد على 30 عاما، وتعد مصر الأولى بالشرق الأوسط التى تمتلك هذا النوع من محطات الجيل الثالث المطور، وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية، طاقة كل منها 1200 ميجا وات وستضيف المحطة بعد إتمام إنشائها عام 2024 طاقة قدرها 4800 ميجا وات للشبكة القومية للكهرباء.
واقتحمت خطط التنمية الشاملة والمستدامة واحدا من أهم وأخطر المجالات المؤثرة على الأمن الغذائى فى مصر حاليا ومستقبلا وهو مجال استصلاح واستزراع أراض جديدة تضاف لمساحة الأرض الزراعية الحالية وتقابل الزيادة السنوية المضطردة فى عدد السكان، وفى هذ المجال وضعت خطة طموح لاستصلاح واستزراع 1.5 مليون فدان فى مختلف محافظات الجمهورية، وهو مشروع يهدف لخلق مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية متكاملة، واشتملت خطة تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل، وتشمل المرحلة الأولى استصلاح واستزراع 8 مناطق بإجمالى مساحة 500 ألف فدان فى مناطق الفرافرة القديمة والجديدة وبعض المناطق الأخرى بمحافظات الوادى الجديد ومطروح والمنيا وأسوان، بينما تشمل المرحلة الثانية استصلاح واستزراع 9 مناطق أخرى بتلك المحافظات بإجمالى مساحة 490 ألف فدان، وتشمل المرحلة الثالثة 5 مناطق بإجمالى مساحة 510 آلاف فدان، وتم استصلاح وزراعة 10 آلاف فدان فى منطقة سهل البركة بالفرافرة بمحافظة الوادى الجديد، وتمت زراعتها بالقمح، فضلا عن إنشاء المبانى السكنية ومستلزمات الزراعة الخاصة بتلك المنطقة من طرق ومصادر مياه وكهرباء وصرف صحى وخدمات مجتمعية ومبان حكومية بشكل حضارى، ما يوفر الإقامة والحياة الكريمة والأمان للعاملين فى المشروع، وقد روعى فى تنفيذ المشروع الاعتماد بشكل رئيسى على المياه الجوفية، وبنسبة 80% من احتياجات الرى على أن يتم رى بقية الأراضى بمياه النيل، وتم حتى الآن حفر 1000 بئر من إجمالى 1312 بئرا مخططا حفرها فى تلك المرحله، كما روعى استخدام وسائل الرى الحديثة لترشيد استخدام المياه والاعتماد على الطاقة المتجددة فى إنتاج الكهرباء اللازمة لتلك المناطق.
وجار تنفيذ أكبر مشروع استزراع سمكى فى الشرق الأوسط، بتنمية وتطوير بحيرات البرلس والبردويل وقارون، وإنشاء مزرعة سمكية على مساحة 2575 فدانا ببركة غليون بمحافظة كفر الشيخ كمرحلة أولى، وتتضمن المرحلة الثانية 3000 فدان المرحلة الثالثة، وتشمل 20 – 30 ألف فدان، وتوفر تلك المشروعات أكثر من 5000 فرصة عمل مباشرة، و10000 فرصة عمل غير مباشرة، وأقيم المشروع فى مدينة صناعية متكاملة على مساحة 55 فدانا.
وفى خطوة جريئة واقتحام غير مسبوق فى معالجة مشكلة التكدس السكانى فى مناطق القاهرة الكبرى، تم التخطيط لإقامة العاصمة الإدارية الجديدة والتى تمثل نقلة نوعية وحضارية فى الخريطة السكانية والاستثمارية على أرض مصر، والمشروع يقام على مساحة 190 ألف فدان فى محيط القاهرة الكبرى بتكلفة إجمالية قدرها 80 مليار دولار، ويهدف المشروع لإنشاء تجمع عمرانى كبير ومنطقة إدارية واقتصادية متنوعة متطورة تستوعب 5 ملايين مواطن، وتخفف العبء عن كاهل مدينة القاهرة الكبرى المثقلة بالازدحام السكانى.
ويتكون المشروع من الحى السكنى الذى يضم إسكانا متنوعا بين الفاخر والمتميز والمتوسط والإسكان الاجتماعى، ويقام على مساحة 1450 فدانا، والحى الحكومى الذى يضم المبانى الرئاسية، ومجلسى الوزراء والنواب، ومقار 12 وزارة، على مساحة 1680 فدانا، بالإضافة لمناطق الخدمات والمرافق الرئيسية والأحياء التجارية، وروعى فى التخطيط الاستراتيجى للتنمية الشاملة والمستدامة أن تحظى سيناء بنصيب وافر من المشروعات العمرانية والزراعية والصناعية والخدمية والسياحية مع ربطها بالوادى ارتباطا مباشرا من خلال إنشاء 6 أنفاق أسفل قناة السويس، بالإضافة لكوبرى السلام فوق القناة، وتم البدء فى حفر الإنفاق بمعدلات عالية تسمح بحركة المواطنين والبضائع بالسيارات بالسكة الحديد بين غرب القناة ومدن ومناطق سيناء.
وخصص لسيناء فى مشروع الاستصلاح واستزراع 1.5 مليون فدان، مساحة قدرها 300000 فدان، مع إقامة العديد من المصانع الخاصة لتعبئة وتعليب وتغليف الحاصلات وصناعة الزيوت والنباتات العطرية والطبية، وإقامة عدد من التجمعات السكنية اللازمة لخلق مجتمعات عمرانية ملائمة لطبيعة النشاط، كما يتم تنفيذ مشروع كبير لتنمية الثروة السمكية فى سيناء من خلال تطوير بحيرة البردويل، وإقامة منطقة للاستزراع السمكى بمنطقة بالوظة وإقامة الأحواض السمكية شرق القناة، لتحسين الإنتاج السمكى فى مصر كما ونوعا.
وجار العمل فى مشروع مدينة الإسماعيلية الجديدة على مساحة 5000 فدان، وتتسع مرحلتها الأولى لـ25000 نسمة، كما يتم حاليا تطوير مطارى العريش وتمادا، لتحويلهما إلى مطارات دولية، وجار تطوير المجتمعات البدوية وتحويلها لتجمعات حضارية والاستفادة من طبيعة الصخور والرمال الملونة التى تتميز بها جبال ووديان سيناء.
وفى إطار معالجة مشكلة البطالة بين الشباب والتى تفاقمت وبلغت فى الأعوام الأخيرة نسبة عالية، وضعت خطة ممتدة حتى 2030 تستهدف خفض البطالة إلى 1.5% سنويا، وفى مجال الرعاية الصحية سابقت الدولة الزمن نحو إنشاء العديد من الصروح الطبية والمراكز المتخصصة فى شتى أنحاء الجمهورية وفى مختلف المجالات لتقديم خدمة طبية تليق بالشعب المصرى، وإنشاء العديد من مصانع الأدوية لتغطى متطلبات التوسع فى تقديم الخدمات الطبية.
وفى مجال مكافحة الفيروسات الكبدية «فيروس سى» والتى تؤثر على الصحة العامة لقطاع عريض من المصريين، وضعت استراتيجية عاجلة للقضاء على الفيروس خلال عامين، حيث تضم اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية المتخصصين فى ذلك المجال.
ولتنفيذ برنامج الرئيس لرعاية الطبقات الفقيرة، تم البدء فى تنفيذ برنامج الدعم النقدى المشروط «تكافل وكرامة»، اعتباراً من مارس 2015، ويستهدف تقديم مساعدات نقدية مشروطة، لـ1.5 مليون أسرة من الأسر الأكثر فقراً، مع رفع قيمة معاش التضامن الاجتماعى ليبلغ فى ميزانية عام 2015/2016، 1.6 مليار جنيه.
ولمعالجة المشكلات المتراكمة عبر عشرات السنين، بدأت مصر فى اقتحام مشكلة التعليم من خلال تطوير السياسة التعليمية والتى تشمل المعلم والمناهج والأبنية التعليمية، وانطلقت تبنى المدارس الجديدة لتقليل كثافة الفصول.
ونتيجة لتراجع العائد من النشاط السياحى تم اتخاذ العديد من الإجراءات الإدارية والفنية والتكنولوجية لاستعادة النشاط السياحى فى مصر، حيث أسندت إجراءات التأمين والتفتيش لشركات متخصصة، كما كلفت إحدى الشركات الأجنبية بتحسين الصورة الذهنية السلبية عن مصر.
وأسفرت الجهود عن اطمئنان الدول التى أوقفت رحلات السياحة لمصر كليا أو جزئيا للإجراءات الأمنية المتخذة من قبل السلطات المصرية، وبدأ النشاط السياحى لمصر يسترجع تدريجيا معدلاته السابقة، الأمر الذى يعيد مدخولات السياحة للمساهمة فى خطط التنمية الشاملة والمستدامة بمصر.