حذر الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التضامن والعدالة الاجتماعية، من حدوث «ثورة جياع» فى مصر، إذا لم تتحقق العدالة الاجتماعية، بين أقلية قال إنها تملك كل شىء وأغلبية لا تملك أى شىء.
وقال «عبدالخالق»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، عقب تكليفه بالوزارة، إنه لن يتردد فى تقديم استقالته، إذا لم يحدث تعاون إيجابى بين وزارته وجميع الوزارات. وأضاف أن التوجه الجديد للحكومة هو محاربة الفساد واستئصاله دون هوادة. وطالب الحكومة بالاعتذار للشعب عن الإساءة إليه على مدى 30 عاماً.
وتابع أن تكليفه بالوزارة كان مفاجأة له، وأنه لم يتوقع أو يسع للوصول إلى أى منصب. وقال إنه إذا لم يتحقق العدل فإن المجتمع سيدفع فاتورة خسائر ضخمة، تفوق فاتورة 25 يناير. وأكد أنه طلب من رئيس الوزراء اعتماد سياسة تحصيل الضرائب تصاعدياً.
■عندما تم تكليفك بالوزارة طلبت مهلة للتفكير.. من الذى أبلغك بالقرار؟ ولماذا ترددت فى القبول؟
ـ رئيس الوزراء الدكتور أحمد شفيق هو الذى أبلغنى، ولم أوافق بسرعة ﻷن التكليف كان مفاجأة فلم أكن أصبو ﻷى مناصب حكومية وطلبت مهلة للتفكير وأثناء التفكير كان فى ذهنى الغلابة والفقراء من المواطنين، بالنسبة لى الوزارة تكليف وعبء أكثر من أى شىء آخر.
■هل عبء المسؤولية هو الذى دفعك للتردد فى الموافقة؟
ـ ﻻ لكن الموازنات حول الظرف الراهن واﻷوضاع والحاجة إلى أن يوضع موضوع العدالة اﻻجتماعية ضمن جدول اﻷعمال الذى جاء على خلفية غياب العدالة اﻻجتماعية بالدرجة اﻷولى ومن هذه الزاوية وبعد التفكير والمشاورة قبلت المنصب.
■ما السبب فى اختيارك وزارة التضامن اﻻجتماعى؟
ـ التضامن لم تكن اﻻختيار الأول، لكن عندما عرض على الأمر كانت قضية الفقر والغلابة مسيطرة على كيانى كله، ورأيت أنها أكثر وزارة تخدم قطاعات كبيرة من المصريين وهى التى باستطاعتها أن تشعرهم بأنهم مواطنون فى هذا البلد.
■هل هذا يعنى أنه كان أمامك عدة وزارات لتختار منها؟
ـ ﻻ لم تعرض على أكثر من وزارة وإنما كان يمكن أن أطلب وزارة الصناعة أو الزراعة أو التجارة، لكن بحكم تكوينى التضامن اﻻجتماعى فى الظرف الراهن أراها وزارة شديدة اﻷهمية بالنسبة لجموع المصريين.
■ما أول قرار ستتخذه عندما تجلس على كرسى الوزارة؟
ـ أوﻻ يجب أن أفهم مداخل الوزارة ومخارجها وأعلم أن هناك ملفات جاهزة بالفعل وطبعا القرار سيكون بعد الاطلاع على هذه الملفات وليس قبل ذلك.
■هل هناك اتجاه لزيادة مبلغ التأمينات ﻷصحاب المعاشات والتى تتراوح بين 100 و160 جنيهاً فقط؟
ـ التضامن فى النهاية جزء من الكل والكل هو المنظومة الوزارية وهناك علاقات منطقية ووظيفية بين الوزارات، مثلا وزارة المالية المسؤولة عن الداخل والخارج من المال العام، وقد أجريت حديثا مع وزير المالية فى هذه المسائل، وهو يعلم جيداً أنه توجد لدى تصورات خاصة بالموازنة العامة للدولة، فى حين أن هذا المجتمع عانى كثيراً، وقلت من قبل إن مصر ليست فقيرة وإنما منهوبة، وبعد 25 يناير هناك إمكانية حقيقية لوقف النهب وهذا السبب أو الهدف هو الذى دفعنى لقبول التكليف، فإذا أمكننا ذلك ـ وأعتقد أن هناك مؤشرات واضحة على وقف النهب وميدان التحرير موجود ـ فإنه سيتم حل الجزء اﻷكبر من المشكلة.
■كيف سيتم توفير الموارد لتحقيق ذلك؟
ـ كان هناك دائما منطق يتم العمل به وأنا ضد هذا المنطق، ﻷنه سقيم جداً يعتمد على لعبة صفرية المجموع أى تضيف هنا فتنقص هناك أو أنه مفيش وهذا غير صحيح، هناك بنود فى الموازنة العامة للدولة يمكن التخلص منها ودائما أشير إلى اﻷمن والعدالة والدفاع، وهو ما يتعلق باﻷمن المركزى والذى تقدر أعداده بثلاثة أضعاف الجيش المصرى، فإذا دخلت الوزارة سأدفع بقوة اتجاه هذا البند ليعاد النظر فيه بحيث يتوفر لدينا نوع جديد من الشرطة.
■ما ملامح الشرطة الجديدة؟
ـ إننا نعيش مرحلة جديدة الحديث فيها يكون عن أمن المواطن وليس النظام الواحد ونصف مليون كان وجودهم مفهوماً فقط فى إطار أمن النظام، لكن بما أننا ننتقل إلى أمن المواطن فيجب أن نعيد النظر فى ذلك.
■هل هناك بنود أخرى ترى ضرورة إعادة النظر فيها؟
ـ ما أطلق عليه دعم اﻷغنياء وهنا أستحضر معنى العدالة اﻻجتماعية فلا يمكن على الإطلاق أن أعطى 4 مليارات جنيه إلى عدد من الأفراد يعدون بالكاد على أصابع اليدين فى الوقت الذى أقتر فيه على الفلاحين وكل خلق الله، ومهمتى هنا هى إقناع الحكومة وبقية اﻷعضاء بأن هناك «براحاً» مالياً كما نسميه يسمح لنا بذلك مع التركيز باستمرار على أن «العدل أساس الملك» وإذا لم يتحقق هذا العدل فسنتحدث عن فاتورة «جامدة» جدا مقارنة بفاتورة 25 يناير التى كانت رحمة.
■هل تقصد أن هناك احتمالاً لحدوث ثورة جياع؟
ـ نعم وستكون أكبر كثيراً وبالخطورة التى تجعلنا نتذكر أن الوقاية خير من العلاج، بمعنى أننا يجب أن نعيد النظر فى اﻷولويات ونعيد الحقوق إلى أصحابها.
■هل يعنى هذا أنك ستلغى دعم اﻷغنياء؟
ـ سأطرح على مجلس الوزراء التخلص من دعم اﻷغنياء وطبعا أملى أن يوافقوا وهذه القضية سأصر عليها وسألح فيها، وبما أنه يوجد 25 يناير وميدان التحرير فنحن نتحدث عن مرحلة مختلفة تماما، وما كان من الثوابت أصبح جزءاً من الماضى، وعلينا أن نرسى ثوابت جديدة أساسها العدالة اﻻجتماعية، إذن مهمتى هنا هى إقناع الحكومة ككل بوجاهة هذا الاتجاه أوﻻ وإمكانياته عمليا.
■المساعدات المالية التى كانت تعطى للفرد فى الحوادث والكوارث الطبيعية ضعيفة جداً.. ما موقفك منها؟
ـ هذا جزء من ظاهرة استفحلت فى الواقع المصرى وهى انقسام المجتمع بشكل حاد إلى أقلية قليلة جدا تملك كل شىء وأغلبية ساحقة ﻻ تملك شيئاً، وهذا ينطبق على قضية اﻷجور والعلاج والتعليم والنقل والمواصلات والإسكان، وبالتالى الإطار الشامل لكل هذا هو الموازنة العامة للدولة من خلال إعادة النظر فى اﻷولويات بشكل جوهرى ومراجعة بنود الإيرادات والنفقات.
■كيف يمكن زيادة بند الإيرادات؟
ـ لقد طرحت موضوع الضريبة التصاعدية، ﻷنه ﻻ يمكن على الإطلاق أن من يكسب مئات الملايين من الجنيهات يدفع 20% ومن يكسب مئات الجنيهات يدفع 20% أيضا، فهذا ليس عدلاً وﻻ علاقة له بكفاءة الأداء، وهذا سيفعل شعار العدالة اﻻجتماعية مما يتطلب سياسات توزيعية تعطى من هو أقل قدرة على الدفع تحقيقا لمبدأ المواطنه والتماسك اﻻجتماعى.
■ماذا عن الجمعيات اﻷهلية أو الخيرية؟
ـ لم أطلع على تفاصيل هذا اﻷمر بعد، وأفضل إرجاء الحديث لحين اﻻطلاع.
■المساعدات التنموية.. هل سيكون لها مكان فى أجندتكم؟
ـ نعم لكن فى إطار أن وزارة التضامن والعدالة اﻻجتماعية ﻻ تسطيع أن تنظر إلى هذا الواجب بمفردها ﻷنه كى توفر مساعدة فى إطار تنموى ﻻبد أن يواكب هذا سياسات حافزة فى المجاﻻت اﻷخرى مثل الزراعة، إذ إن أغلب الفقراء يقطنون الريف و56% من فقراء مصر فى صعيد مصر، وأحد أسباب هذا الفقر فى الواقع هو السياسات الزراعية التى طبقت لفترة طويلة وأدت إلى إفقار الفلاح وطلاق بين المزارع واﻷرض بعد تحويل اﻷرض إلى سلعة يتم تداولها بموجب قواعد القانون المدنى، وهذه بدعة ﻷن اﻷرض والزراعة نمط حياة ولها طبيعة مختلفة تماما، وقد طرحت على الفريق شفيق هذه المسألة وقلت له: إننى لن أعمل فى جزيرة منعزلة.
■ما مدى توقعك لتحقيق هذا التجانس والتعاون بين الوزارات؟
ـ أتصور أنه سيحدث أخذ وعطاء وتفاعل مع جميع اﻷطراف من منطلق أننى ضد منطق «نجيب منين ده» ﻷنه منطق سلبى وﻻ يؤدى إلى شىء وإذا تم ذلك ستكون المساعدات التنموية مرتبطة بسياسات محددة فى وزارات أخرى تعزز جهد وزارة التضامن، وإذا لم يتم توافر هذا الإطار التعاونى فيما بين الوزارات فاستقالتى فى «جيبى».
■هل هناك أطروحات أخرى طرحتموها على رئيس الوزراء؟
ـ ﻻبد أن تكون الحكومة أكثر حساسية للرأى العام، ﻷن واقع الحال يقول إنه عندما اندلعت الشرارة فى 25 يناير، ظل الناس 4 أيام ولم يكن يوجد أحد يتحدث إليهم، والاتجاه العام حاليا من جانب رئيس الوزراء وغيره هو مخاطبة الرأى العام بوتيرة أسرع، فنحن أمام مشكلة مجتمع ومشكلة المجتمع سياسة والسياسة التعامل معها يكون بالسياسة وليس باﻷمن، والتعامل بالسياسة أساسه التواصل مع المجتمع ويتطلب اﻷمر أحياناً إرسال رسائل قبل أن أستقبل رسائل. نحن فى مرحلة جديدة سنتعقب فيها الفساد ونستأصله بلا هوادة ﻷنه الذى أدى بالبلاد إلى ما آلت إليه، أيضا الإفراج عن المعتقلين فلا يجوز التباطؤ فى هذا أكثر من اللازم والتحقيقات فيما حدث فى 28 يناير وكل هذا ضرورى لتهيئة بيئة موجبة للتعامل مع الحكومة بصدر رحب أى كالزواج، وﻻبد أن يتوفر القبول بين الشعب والحكومة.
■ما مدى توقعك لتحقق كل هذه الأمانى؟
ـ أنا شخص حالم جدا وقد يكون هذا مشكلة وقد ﻻ يكون، لكنى أعتقد أن الحلم ضرورى يضاف إليه الإصرار وأﻻ يكون هناك ما تبكى عليه وليس لدى ما أبكى عليه.
■هل ذهبت إلى ميدان التحرير؟
ـ طبعا حوالى 5 مرات كنت أجلس فيها مع الشباب والصعايدة والفلاحين الذين كانوا هناك وكنت أجلس معهم على الرصيف.
■ماذا كان شعورك؟
ـ سعيد طبعاً أننى عشت هذه التجربة وكان ﻻ يمكن على الإطلاق أن أكون بعيداً عنها بحكم تكوينى والمسؤولية السياسية، لأنه ﻻ يمكن أن أدعى فهم ما يجرى فى المجتمع دون أن أذهب إلى ميدان التحرير الذى أصبح رمزا على مستوى العالم كله، فهذا شىء عظيم وتحول كبير حدث للإنسان المصرى قبل أى شىء، فبعد أن كان يوجد 85 مليوناً من الرعايا أصبح لدينا 85 مليون مواطن، وهناك فرق هائل بين الرعية والمواطنة.
■هل كان لديك هدف محدد من الذهاب إلى ميدان التحرير أم مجرد المشاهدة والمشاركة؟
ـ أوﻻ فى الميدان كانت المسألة عفوية تلقائية ولم يكن هناك مجال للتخطيط وإنما خارج هذا السياق وفى إطار لقاءات مع عناصر ائتلاف 25 يناير، وهم شباب يفيضون حماسا وطاقة، ولكن الطاقة إذا لم تمنهج وتوجه بشكل سليم ممكن أن تؤدى إلى الضرر إلى جانب الفائدة، وهنا ﻻ أتحدث عن كبت الطاقة وتثبيط الهمم، وفى هذا الإطار عليهم أن يعلموا أننا نمر حالياً بعملية تغيير اجتماعى شامل بالمعنى الشامل لكلمة اجتماعى والذى يشمل اﻻقتصاد والسياسة والثقافة.. إلخ، وهذه عملية دقيقة وحساسة للغاية وبالتالى إن لم نتعامل معها بما تقتضيه الحساسية والدقة، قد يفلت الأمر منا وهناك توجيهات كثيرة، وقد دافعت عن هؤلاء الشباب بكل ما استطعت ضد من كانوا يتهمونهم بأنهم «أوقفوا حال البلد» وكنت أقول إن هذا البلد نهب على مدى 30 عاما.
■ما حجم الفاتورة التى دفعت حتى اﻵن؟
ـ هى فاتورة هزيلة جدا بمعايير تجارب دول أخرى وبمعايير تجاربنا، ولو أخذنا بالمعيار النسبى مثلا النشاط الاقتصادى للمصريين يقاس بحجم الناتج المحلى الإجمالى بحوالى 1.1 تريليون، والتكاليف ﻻ تصل إلى 2% من هذا المجموع.
■ما أكثر القطاعات تأثرا؟
ـ السياحة لكن ما يميز قطاع السياحة أنه يقع بسرعة ويقوم بسرعة، وهناك مؤشرات على أن القطاع بدأ يتعافى تدريجيا، وهنا أنبه إلى أنه يجب عدم التهويل وﻻ التهوين من حجم الخسائر.
■هل تعتقد أن السياسة التعليمية فى مصر ستتغير؟
ـ طبعا وهناك شواهد كثيرة على ذلك بالنسبة للتعديل الوزارى، حيث وجدت وزارة للبحث العلمى وليس للتعليم العالى فقط، مما يدل على أن قضية البحث العلمى ستؤخذ مأخذ الجد، فتم اﻻستيلاء على جبهة النيل التى كانت فى الواقع انحرافاً على مشروع زويل وباستمرار أقول إن ميدان التحرير موجود فلابد أن نتذكر ونذكر أنفسنا دائما بذلك.
■ماذا يعنى ميدان التحرير فى نظرك؟
ـ فكرة ميدان التحرير، كما أراها على مستوى مجرد جداً، هى آلية للمراقبة والحساب والتسليح، إذ أصبحت لدينا آلية، وسائق تاكسى قال لى: بغض النظر عن الكلام الكبير الذى ترددونه أنا كمصرى أشعر أننى فى «السحاب»، فسألته: كيف، فقال: بعد 25 يناير أثناء سيرى فى أحد الشوارع وجدت سيارة شرطى تقف خطأ فأوقفت سيارتى أمامها وعندما حاول الضابط أن يثنينى عن هذا طلبت منه أن يصحح وضع سيارة الشرطة وتقف صفاً أول وتكاتف معى المارة.
■ماذا عن المظاهرات والاحتجاجات المستمرة حتى الآن؟
ـ أنا سعيد جداً بأنك أثرت مسألة المظاهرات واﻻحتجاجات ﻷنى أتصور أنه لاتزال بعض عناصر الثورة المضادة تحاول التواجد بعد 30 سنة من النهب المنظم والمنهجى لهذا البلد ليس لديها ما يقيم اﻷْود أى ﻻ أكل كافياً وﻻ مأكل وﻻ ملبس وﻻ مسكن وﻻ وظيفة مع بؤس اﻷجور التى يحصلون عليها مع وجود تفاوت شاسع مع فئات أخرى، فمثلا لم يكن مقبولا أبداً أن تحصل سكرتيرة وزير المالية السابق على راتب يقدر بمئات اﻵﻻف من الجنيهات، وفى الوزارة نفسها وكيل وزارة ليس من المحظوظين ويحصل على 2000 جنيه، فهذه المطالبات الفئوية تعبير عن حصاد مرحلة من النهب تعرض لها الشعب المصرى، وبعد 25 يناير الناس استشعرت أن هناك إمكانية للمطالبة بالحقوق فخرجت تطالب بحقوقها.
■كيف نتعامل معهم؟
ـ نرسل رسالة إلى هؤﻻء الناس تقول: نحن نتفهم وضعكم ومطالبكم وﻻبد أن أعلم من ﻻ يستطيع العيش أنى كحكومة متفهم أنه ﻻ يستطيع أن يعيش بأجور متدنية وسيكون تصحيح هذا الوضع له اﻷولوية، لكن فى ظل الوضع الراهن يجب علينا جميعا أن نتعاون حتى نخرج سالمين وقبل أن يغرق المركب بنا جميعا، وكى أقنع المواطن بذلك يجب أن أتخذ إجراء يبث الثقة.
■ما الإجراء الذى يجعل المواطن يثق فى الحكومة وحسن نواياها؟
ـ إذا أعلنت الحكومة أن الوزير لن يكون لديه إﻻ سيارة واحدة ستثق الناس فى أن الحكومة تغيرت وتريد أن ترد الحقوق إلى المواطنين وهذا الإجراء سيوفر مبالغ ضخمة سيستفيد منها المواطن، ثانيا تقول له: أعتذر ﻷنى أسأت إليك على مدى 30 عاما وليس عيبا إن اعتذرت، وهنا اغرورقت عيناه بالدموع تأثرا بحال المواطن، وقال بصوت مختنق: أعتقد أنه ليس عيبا أن أعتذر وأرسل إشارة بأننى جاد فى اتخاذ التدابير التى تصحح هذا الوضع، ثالثا: أطلب مهلة لكن فى إطار خطة للتعامل مع هذا الواقع.
■وإذا لم يتم هذا كله؟
ـ إذا لم يتم ذلك فهذا يعنى أننا نتعامل بأسلوب غير سياسى مع مشكلة سياسية وهذا وضع سيكون خطيرا جدا، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «اتقوا غيظ القلوب ولو فى قلب بهيمة»، وأنا ﻻ أتكلم على قلب بهيمة وإنما قلب أم يئن ابنها وﻻ تجد ما يسكت أنينه.
■هل تعتقد أن مصر حالياً آمنه ومستقرة؟
ـ نعم إلى حد ما بالمقارنة بدول عشت فيها مثل البرازيل وبعض المناطق بأمريكا، وإذا كنا نتكلم عن اﻻستقرار بمعنى اﻻستقرار اﻻجتماعى فمصر مرشحة على المديين المتوسط والبعيد ﻷن تتمتع بقدر كبير من اﻻستقرار ﻷن ما كان موجوداً فى السابق لم يكن استقرارا وإنما كان تجميداً ﻷوضاع مزرية لفترة طالت أكثر من اللازم، وما حدث فى 25 يناير هو رد فعل لهذا التجميد، وعندما نعيد هيكلة اﻷشياء والمؤسسات والشخصية سنرسى واقعاً جديداً ومنظومة جديدة تكون أكثر ديناميكية تواكب ما يجرى من تغيرات وتطورات ستكون هذه هى المنظومة اﻷكثر قدرة على البقاء واﻻستقرار فى المديين المتوسط والبعيد.
■ماذا عن اﻷمن؟
ـ لقد قلت أكثر من مرة إن ألف باء السياسة هو استعادة اﻷمن والنظام، بالتالى النقطة الأولى التى يجب أن نعمل على تحقيقها هى استعادة اﻷمن والنظام فى المجتمع المصرى بعد الغياب الواضح للشرطة، وهنا أشير إلى أننا فى حاجة إلى شرطة جديدة غير التى عرفناها وهذا سيأخذ بعض الوقت، لكن يجب ألا نغفل أن الشعب استعاد سيطرته على الأمور.
■هل سيتم تعيين حرس خاص للوزير جودة عبدالخالق؟
ـ أرفض هذه الفكرة وأتمنى أن أستقل المترو ﻷذهب إلى الوزارة، وقلت ذلك بالفعل لكن رد على بأنه «مايصحش»، لكن هذا هو تفكيرى ﻷنى داخل أخدم وليس ﻷخدم.
■هل ستصر على طلبك هذا؟
ـ كى أكون واقعيا أنا لم أخض هذه التجربة من قبل، لكن من خاضوها من أصدقائى قالوا لى إن هناك ضرورات، فقلت إننى سأقبلها بشكل مختلف بمعنى أنه لن يوجد «كشك» مرور عند المنزل، لن يحدث ذلك ﻷنى لست فى حاجة إلى أن يحرسنى أحد فالحارس هو الله وﻻ أخشى أحداً، وإن كان هناك كود فى الجهاز الإدارى للدولة يقول إن الوزير يجب أن يحصل على كل ما يطلب فكل ما سأطلبه سيارة بسائق فقط.