منذ تولى المهندس سامح فهمى وزارة البترول فى حكومة الدكتور عاطف عبيد 1999، خلفاً للدكتور حمدى البنبى، أعلنها صراحة أن مصر ستدخل عصر الغاز الطبيعى كإحدى أهم الدول المصدرة له، اعتماداً على مخزونات جيدة واحتمالات متفائلة فضلا عن الموقع الجغرافى الذى يعطيها ميزة إضافية. ومنذ هذا الوقت تحول الغاز إلى قضية رأى عام، بدأت بالتهليل وانتهت بالتنكيل، فبعد أن ساهمت مشروعات تصدير الغاز المصرى فى تتويج فهمى على رأس المجموعة الوزارية الاقتصادية فى حكومة عبيد، تحول التصدير إلى قضية تنظر فى المحاكم بدعوى تدنى أسعار التصدير والإخلال بحقوق الأجيال المقبلة.
وتحديداً منذ يوم الخميس الموافق 30 يونيو 2005، الذى شهد توقيع اتفاقية تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، تحول ملف الغاز إلى أكثر الملفات الشائكة وانهالت الاتهامات على مبدأ التصدير بشكل عام والتصدير إلى إسرائيل بشكل خاص، فى ظل عدم رغبة الرأى العام المصرى فى تقبل هذا التعاون البترولى مع الدولة الصهيونية.
وبدأت التساؤلات عن «أسعار تصدير الغاز فى العقود المبرمة مع دول خط الغاز العربى، ومع شركة غاز شرق المتوسط (وهى الشركة المتعاقدة على تصدير الغاز لإسرائيل) ومع مصنعى الإسالة فى إدكو ودمياط»، وأسباب تفاوت السعر من عقد لآخر، وهى أسئلة لم تلق أى إجابات من وزارة البترول، واعتبر السؤال عن الأسعار محرماً، لأنه - بحسب الوزارة – يضر بالأمن القومى، ويضعف موقف الدولة فى المفاوضات، وبالتالى فإن ضرر الإفصاح عنه للرأى العام أكثر من نفعه.
ورغم حرص الوزير على توضيح مزايا التصدير من خلال وضع مصر على خريطة الغاز العالمية، وتوفير النقد الأجنبى لخطط التنمية وتدبير تكلفة الدعم، إلا أن تلك المبررات لم تكن كافية لإقناع المعارضين للتصدير، الذين نجحوا فى تحويل الغاز إلى قضية رأى عام اهتم بها المواطن البسيط واعتبرها ذات تأثير مباشر على حياته اليومية، حتى إنه أوجد رابطا ما بين أزمة توفير أنابيب البوتاجاز وأرجعها إلى عدم قدرة الحكومة على توصيل الغاز للمنازل، بسبب تصديره إلى إسرائيل.
وبدأت صورة المهندس سامح فهمى تهتز أمام الرأى العام، خاصة مع استمرار حالة اللغط التى سيطرت على هذا الملف، حيث لم يكن السؤال عن الأسعار فقط هو السر الوحيد وإنما كانت هناك «كلمة» مشتركة، شكلت علامة استفهام على كل صفقات واتفاقيات التصدير، وهى «الوسيط»، وإن كانت قضية «الوسيط» لم تبدأ مع تولى فهمى للوزارة، لكنها برزت بشكل أكبر فى مشروعات تصدير الغاز التى بدأت فى عهد «فهمى».
ففى كل اتفاقية تصدير يظهر اسم لشخصية عامة أو غير معروفة ذات أنشطة اقتصادية أو سياسية أو ذات صلة بشخصيات فى مواقع مميزة، وكان الحديث عنهم «محظوراً» وأشبه بالخوض فى «عش الدبابير»، لأنه «شىء مؤذى»، بحسب نصيحة من أحد كبار المسؤولين داخل الوزارة وجاء هذا الرد من المسؤول حول سؤال لـ«المصرى اليوم»، طرحته الجريدة قبل عامين، فى محاولة لإتمام ملف بشأن وسطاء قطاع البترول. وبخلاف الوسطاء والأسعار، ظلت اتهامات بانعدام الشفافية تلاحق الوزير رغم إعلانه عدداً من الأرقام، ولكنها أرقام جامدة غير قابلة للقياس عليها، بحسب خبراء الاقتصاد، بمعنى أن الاحتياطى من الغاز 67 تريليون قدم مكعب، بحسب البيانات الرسمية للوزارة، إلا أن الخبراء يطالبون بتحديد أدق للاحتياطى القابل للاستخراج، فيما تتنوع قياسات احتياطيات البترول والغاز ما بين الاحتياطى المنمى والمنتج، والاحتياطى المكتشف وغير منمى، والاحتياطى المحتمل، وأخيرا الاحتياطى الاستكشافى.