كشفت وثائق ومستندات رسمية حصلت عليها «المصرى اليوم» تورط الصندوق الاجتماعى للتنمية، التابع لمجلس الوزراء، فى صرف قروض ومبالغ بعشرات من ملايين الجنيهات، لجهات وأشخاص غير مستهدفين بنشاط الصندوق، إضافة إلى ما تم صرفه على الإعلانات والدعاية، وتخصيص مبالغ شهرية لصحف باتفاق مباشر مع رؤساء إداراتها وتحريرها لـ«ضمان سكوتها».
أشارت الوثائق إلى حصول جمعية مصر الجديدة، التى كانت ترأسها سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق، وجمعية جيل المستقبل التى رأسها جمال مبارك على منح قدرها 16.8 مليون جنيه، خلال الفترة من 2006 وحتى 2009، لمبادرة مشروع 100 مدرسة وتحت مسمى تدريب المدرسين فى دائرة بعينها (دائرة زكريا عزمى الانتخابية)، هذه المشاريع كما تؤكد الأوراق والمصادر الخاصة لا صلة لها بما يستهدفه الصندوق، بالإضافة إلى تقديم المنح بشكل خاطئ، وصرف دفعات المنحة دون تسوية الدفعات السابقة.
أشارت مكاتبة متبادلة بين هانى سيف النصر، أمين عام الصندوق، والدكتور خالد حجازى رئيس إحدى لجان المنتدى الدولى لمكافحة الاتجار بالبشر - إلى اشتراك الصندوق الاجتماعى للتنمية، بالمنتدى الذى أقامته حركة «سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام» فى الفترة من 10- 12 ديسمبر العام الماضى، بمدينة الأقصر كأحد الرعاة الرسميين «رعاية بلاتينية» بتكلفة قدرها 300 ألف جنيه، فضلا عن مقترح مشاركة الصندوق فى خطة العمل الوطنى لمكافحة الاتجار فى البشر، فى الفترة من يناير2011 إلى ديسمبر 2012 والذى لا يقع بدوره ضمن أولويات عمل الصندوق.
وكشفت الوثائق عن مشاركة الصندوق فى العديد من المشاريع بمحافظة الفيوم مسقط رأس هانى سيف النصر الأمين العام السابق للصندوق الاجتماعى للتنمية، والمقر الانتخابى لدائرته حيث كان عضوا بمجلس الشورى، عن الحزب الوطنى المنحل، ومن هذه المشاريع مساهمة الصندوق العام الماضى بنحو7 ملايين جنيه قرضا حسنا، وهو أمر غير مسبوق، لمشروع إنشاء 5 محطات للصرف الصحى بقرية شكشكوك التابعة لمركز أبشواى بالفيوم، تم تمويله من فوائض اتفاقية مبادلة الديون الألمانية.
وأوضحت الوثائق أن الأمين العام السابق للصندوق صرف من أموال الصندوق على الإعلانات الخاصة بحملته الانتخابية، ومنها 210 آلاف جنيه فى 4 /3 / 2009، خصصت 15 صحيفة، نصفها مغمورة أو صفراء، لنشر البيان الذى ألقاه سيف النصر بمجلس الشورى وقتها بصفته نائب بالمجلس، وكذا 152 ألف جنيه بتاريخ 15 /4 / 2010، لـ 12 جريدة لتغطية افتتاح الأمين العام لمشاريع بالفيوم.
وقالت الوثائق إن الأمين العام السابق للصندوق صرف ملايين الجنيهات على الإعلانات المختلفة للدعاية لشخصه، من خلال دعايته للصندوق، ومنها صرف 24 مليون جنيه للإعلانات فى عام واحد 2008 / 2009، من خلال شركة «ديركت آد» المملوكة لطارق نور، وبلغت المبالغ المنصرفة خلال الأشهر من فبراير، وحتى مارس 2008، نحو 3263834 جنيها، وضريبة دمغة بقيمة 489574 جنيها، وكذا صرف 160000 ألف جنيه نظير8 «سوسيتات مضيئة مقاس 90 سم فى 140 سم، بمدينة شرم الشيخ بالطرق التى كان يمر بها رئيس الجمهورية السابق، ودون أى فائدة للمستهدفين من الشباب.
وارتكب الصندوق مخالفة قانونية صارخة تستوجب المساءلة الجنائية لطرفيها، حيث قام بعمل ما سماه مخصصات بقيمة 60 ألف جنيه شهرياً لـ7 صحف، و«مخصصات» لـ7 صحف أخرى بـ45 ألف جنيه كل شهر، بعد مفاوضات مع رؤساء إداراتها وتحريرها (الأسماء لدى المصرى اليوم) والسبب المذكور للصرف: تكوين علاقات متميزة لقيادات الصندوق مع قيادات تلك الصحف والمسؤولين عنها، ويتم التفاوض على تلك المخصصات مع رؤساء مجالس إدارات الصحف، أو رؤساء التحرير، ما يعطى الصندوق قوة ودعما أكبر فى التعامل مع الصحفيين العاملين بها.
تؤكد المستندات أن الصندوق قام بوضع لافتات«uniball» فى أماكن لا تمت بصلة للمستهدفين، بل مخصصة ليراها كبار المسؤولين على طرق «المحور، العلمين، مارينا»، حسب الأوراق.
وحصلت شركة « ديركت آد» على عمولة بقيمة 97.316 ألف جنيه خلال مايو 2009، مقابل الحملة الإعلامية لخطة إذاعة إعلانات الصندوق خلال نفس الشهر بقيمة 789.700 جنيه، وتقدر هذه العمولة بواقع 15% من السعر المعلن.
أشارت الوثائق إلى تحميل ميزانية الصندوق بنحو 108 آلاف جنيه، مقابل تعاقده مع شركة جولدن لإقامة وتنظيم المعارض، لتأجير مساحة 20 مترا، داخل المعرض المقام بنادى الصيد، لمدة 3 أشهر، على أن يتم سداد 50% من المبلغ عند التعاقد، و50 % فى موعد أقصاه 4 مارس 2008، وتم سدادها بالكامل، مؤكدة أن شروط هذا العقد كانت لصالح الشركة، أكثر منها للصندوق بينما قبلها الأخير، بنفس الشروط، حسب تقارير لجهات رقابية فى هذا الشأن.
وتضمنت الوثائق صرف 314 ألف جنيه للتغطية الصحفية والإعلانية لمعرض «إيليت» مارس 2010، فى نحو 20 مجلة، وجريدة، بخلاف التغطية التليفزيونية بالقنوات الأولى، والثانية، والثالثة.
أشارت الوثائق إلى توقيع عقد مع جمعية جيل المستقبل خلال عام 2009 لتدريب 609 من الكوادر التعليمية فى مناطق السلام، والنهضة، والمرج، والزيتون، وعين شمس، والمطرية، بتمويل قدره 2265000 جنيه، كذا عقد مع جمعية مصر الجديدة لتدريب وتأهيل عدد 2880 من الكوادر التعليمية بنفس المناطق بتمويل 5 ملايين جنيه.
وبلغ الإجمالى العام للتمويل لتجهيز مركزين لتدريب الكوادر بمحافظتى القاهرة والجيزة نحو 16.815 مليون جنيه حتى نهاية 2009، ومنذ عام 2006.
رصدت الوثائق إنشاء مكاتب تمثيل للصندوق بأمانات الحزب الوطنى المنحل بالقاهرة بقيمة 11 ألف جنيه، بزيادة عن المبلغ المعتمد والمقدر بنحو 6000 جنيه، وآخر بمجلسى الشعب والشورى، وثالت بمصر الجديدة بالحزب الوطنى، وأظهرت عملية جرد الأصول الثابتة بمكاتب التمثيل التابعة لمكتب القاهرة الإقليمى « قصر العينى، عابدين، ومصر الجديدة» أن معظم الأصول الثابتة أرسلت من الصندوق، وتم تسليمها مباشرة إلى موظفى الحزب، ولم تسلم لموظفى الصندوق «مكاتب التمثيل» حسب الوثائق، وتم تركيب هذه الأصول ووضعها فى غرف خاصة بموظفى الحزب، للاستخدام الخاص، كما لم يتم تسليم مفاتيح الغرف المخصصة لمكاتب التمثيل لموظفى الصندوق بل للحزبيين.
أشارت الوثائق إلى وجود مخالفات بباقى مكاتب التمثيل التابعة للصندوق فى مقار الحزب الوطنى المنحل، حسب عمليات الجرد التى تمت بقصر العينى، ومصر الجديدة، والقاهرة، ومجلسى الشعب والشورى، وعابدين.
كما كشفت الوثائق عن جرد أصول مراكز الإقراض ومكاتب التمثيل التابعة لمكتب القاهرة الإقليمى، عن عدم وجود أذون استلام لأصول تم تسلمها من إدارة المشتريات مباشرة، ومنها أجهزة تكييف لم يتم تركيبها حتى الآن، وأصول أخرى تم تسلمها من المكتب والشؤون الإدارية ولها أذن استلام، لكنها موجودة بأمانة الحزب الوطنى بعابدين، بينما اختفت الأصول بمكتب قصر العينى، ومصر الجديدة رغم تسلمها.