وصلت ثورة الشعب الليبى إلى العاصمة طرابلس بعد أن أعلن المتظاهرون المطالبون بإسقاط نظام معمر القذافى تحرير الجزء الشرقى من البلاد، وعلى رأسه مدينة بنغازى، من قوات القذافى الذى يوشك نظامه على الانهيار إثر انفراط عقد الجيش وسط حديث متصاعد عن انقلاب عسكرى وشيك بعد انضمام قبائل كبرى للثورة.
وقابل سيف الإسلام نجل القذافى هذه التطورات بتهديد للشعب الليبى الذى خيره بين الدخول فى حوار وطنى فورى يدشن قيام «جمهورية ثانية» بعلم ونشيد ودستور جديد للبلاد أو اندلاع حرب أهلية تنزف فيها الدماء أنهارا.
ووصلت الاضطرابات بقوة إلى طرابلس، حيث نهب متظاهرون مبنى تليفزيون وإذاعة حكوميين، وأحرقت مراكز للشرطة ومقار للجان الثورية ومبانى حكومية وعامة قرب الساحة الخضراء بوسط العاصمة.
وقال أحد الشهود إن «مبنى يضم قناة الجماهيرية الثانية وإذاعتين حكوميتين تم نهبه». وأكد شهود العيان أن مبنى «قاعة الشعب» التى تجرى فيها غالبا الفعاليات والاجتماعات الرسمية تم إحراقه أيضا.
وجاءت هذه التطورات بعد اشتباكات فى الساحة الخضراء وسط طرابلس بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن. فيما ذكرت أنباء غير مؤكدة أن قوة من الدعم المركزى والشرطة انضمت إلى المتظاهرين وتحاصر فلول من يوصفون بالمرتزقة وأن معظم الشوارع فى طرابلس أصبحت تحت سيطرة الجماهير الثائرة.
وعن موقف الجيش، قال المقدم أحمد عثمان، الضابط فى الأمن العام الليبى، فى تصريحات لقنوات فضائية عبر الهاتف، إن معظم ضباط الشرطة والقوات المسلحة انضموا إلى الجماهير فى العاصمة طرابلس. وقالت مصادر ليبية إن انقلابا عسكرياً يتم تنفيذه، ويقوده نائب رئيس الأركان المهدى العربى.
وذكر المصدر أن معارك ضارية تدور بين بقايا حرس اللجان الثورية المقربة من القذافى وأنصار المهدى العربى، وأن الإعلان عن الانقلاب ربما يتم بعد حسم الأمور لصالحه. وأضاف: «هناك أنباء عن أن معارك ضارية تدور الآن بالقرب من مقر القيادة وأن قائد الفرق الخاصة، عبدالله السنوسى، قد أصيب فيها، وربما يكون قد قُتل».
أفادت الأنباء بأن قبيلة ورفلة كبرى قبائل ليبيا أعلنت عن انضمامها إلى الاحتجاجات التى تنادى بإسقاط القذافى. ويرى مراقبون وسياسيون أن موقف القذافى بعد انضمام هذه القبيلة إلى الاحتجاجات، قد ضعف لدرجة كبيرة، لما لهذه القبيلة من أصول عرقية متجذرة فى جميع المناطق الليبية.
وأعلنت قبيلة ترهونة التى تشكل ثلث سكان العاصمة طرابلس، أنها بريئة من النظام وانضمام القبيلة للمتظاهرين ضد «الطاغية» ودعوا أبناء القبيلة للانضمام إلى الثورة، بحسب تصريحات لمتحدث باسم القبيلة.
وبدورها أكدت قبائل الطوارق جنوب ليبيا تأييدها للمطالبين بإسقاط نظام القذافى، فيما هددت قبيلة الزوى بوقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية فى حال عدم وقف قوات الأمن إطلاق النار على المتظاهرين. وكانت قبيلة الزنتان سبقت بالانضمام للثورة. ويرى مراقبون أنه إذا انضمت قبيلة المقارحة بالمنطقة الغربية المنتمى إليها رجل القذافى عبدالسلام جلود، سيسقط نظام القذافى. جاء ذلك فيما أعلنت صحيفة «ليبيا اليوم» عن انضمام محمد المختار نجل المجاهد الليبى عمر المختار إلى المتظاهرين فى بنغازى.
وفى مقابل الثورة، شدد القذافى الابن على أن ليبيا تختلف عن كل من تونس ومصر المجاورتين وأن القذافى ليس مثل مبارك وبن على رئيسى مصر وتونس السابقين. وقال سيف الإسلام فى حديث نقله التليفزيون الرسمى إن عشرات الآلاف يتوافدون على العاصمة طرابلس للدفاع عن القذافى، وشدد على أن والده فى المدينة ويقود المعركة، وأنهم سيقاتلون حتى آخر طلقة وآخر رجل وآخر امرأة.
وحذر القذافى من انهيار التعليم وحرق آبار البترول وذهاب وسرقة مدخرات الشعب الليبى فى البنوك و200 مليار دولار من الاستثمارات الليبية فى الخارج وهجرة المواطنين والعودة لأيام الفقر إذا سقط وقعت الحرب الأهلية.
كما حذر من عودة الاستعمار إلى ليبيا، وتابع: «إذا سمحنا لهذه الفتنة بالاستمرار فاستعدوا لتقسيم ليبيا والدخول فى حرب أهلية وفوضى، واستعدوا أيضا للاستعمار»، محذرا من أن «أساطيل أمريكية وأوروبية ستلتحم لأنهم لن يسمحوا بإمارات إسلامية ولا بهدر النفط ولا بقيام فوضى فى ليبيا». وأضاف محذرا: «المصريون والتوانسة لديهم سلاح وموجودون فى ليبيا سيحتلونها ويستولون على النفط ومنازلكم وأرزاقكم».
وعقب كلمة سيف الإسلام شهدت شوارع العاصمة الليبية طرابلس وغيرها من المدن مظاهرات حاشدة احتجاجا على الخطاب الذى ألقاه نجل القذافى، وخرج شبان ليبيون إلى شارع عمر المختار، أحد أكبر شوارع طرابلس مرددين هتافات «ليبيا واحدة، ليبيا حرة».