العولمة ليست عملية تجرى فى كوكب آخر بعيداً عنا، فهى ظاهرة تعيش بيننا ومعنا ونتعايش معها بشتى الأساليب والوسائل. وقد دخلت فى سياق حياتنا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية من خلال مصادر غير رسمية فى كثير من الأحيان، مثل وسائل الإعلام والثقافة الشعبية، والتواصل الفردى مع أشخاص آخرين من ثقافات وبلدان أخرى.
عن العولمة صدر حديثاً عن مكتبة الأنجلو المصرية كتاب (العولمة والحياة اليومية) لكل من د. على عبدالرازق جلبى، أستاذ علم الاجتماع بآداب الإسكندرية، ود. هانى خميس أحمد عبده، مدرس علم الاجتماع بالكلية. يضم الكتاب ستة فصول يستعرض الأول تناول علم الاجتماع لظاهرة العولمة، والثانى تداعيات العولمة على ظواهر الاعتدال والتشدد فى حياتنا اليومية، ويتتبع الثالث انعكاسات العولمة على أزمة المواطنة فى حياتنا، واختص الرابع بالشركات متعددة الجنسيات من حيث حقوق المواطنة وواجبات المسؤولية الاجتماعية، والخامس يركز على أثر العولمة على تزايد الجرائم المعلوماتية، أما السادس فيناقش انعكاس العولمة على ضمان الحق فى الصحة.
يشير الكتاب إلى التحولات التى شهدتها الأوضاع الطبقية فى مصر، والتى اتضحت مظاهرها فى انقسام هذه الطبقات إلى شرائح رأسمالية عليا، وشرائح طبقية دنيا، وتفكيك الطبقة الوسطى، وإسهام المتغيرات العالمية فى تشكيل هذه المظاهر، بما يسمح لنا باستخدام مفهوم عولمة النسق الطبقى، الذى نلمس انعكاساته على حياتنا اليومية بوجود علاقة بين الشرائح الرأسمالية الجديدة وبين قضايا الفساد فى مصر مثل جرائم الاتجار بالوظيفة العامة، أو الاعتداء على المال العام.
وعن التعامل الخلاق مع العولمة يشير المؤلفان إلى النموذج اليابانى، ودول النمور فى جنوب شرق آسيا فاليابان من بين الشعوب التى لم تخش العولمة بل تفاعلت معها لأنهم لم يتأثروا فى خصائصهم الثقافية بالغرب رغم تعرضهم لمؤثرات غربية مباشرة لفترة طويلة، والمؤكد أن إنجازهم الاقتصادى يساعد على الثقة ولكن ثقتهم كانت قائمة قبل أن يصير اقتصادهم عملاقاً فلقد بزغ النموذج اليابانى بالتركيز على المصلحة الوطنية من منظور جماعى وليس من منظور رأسمالى فردى.