عن دار «كنوز» للنشر والتوزيع صدر مؤخرا كتاب «مليارديرات حول الرئيس»، للكاتب الصحفى مصطفى عبيد. يتناول الكتاب فى 190 صفحة أسرار زواج السلطة بالمال من خلال حكايات وأسرار عايشها المؤلف بحكم لقاءاته واقترابه من مجتمع رجال الأعمال. لقد كتب الكتاب قبل شهور قليلة من ثورة 25 يناير وصدر قبل أيام قليلة من قيامها وقد تضمن فصولاً وحوارات تكشف خبايا الفساد المالى لكثير من رجال الأعمال المقتربين من السلطة.
يكشف الكتاب لأول مرة سر الزيارة التى قام بها محمود عبدالعزيز، رئيس البنك الأهلى الأسبق، إلى إسرائيل بتكليف شخصى من الرئيس مبارك وعنها يحكى «عبدالعزيز» كيف التقى القيادات الإسرائيلية وعرض عليهم مشروعاً مصرياً لإنشاء بنك مشترك فى بداية التسعينيات. كما يكشف رئيس البنك الأهلى السابق كثيراً من خبايا قضايا قروض البنوك، ويؤكد أن حملات تشويه ظالمة صاحبت بعض رجال الأعمال الشرفاء مثل البليدى ولكح ومحمود وهبة. ويكشف الكتاب فى فصل آخر القصة الحقيقية لسقوط امبراطورية حسام أبوالفتوح، الذى تربع على عرش الـ«بى. ام. دبليو» سنوات طويلة، حيث يشير إلى أن قصة سقوطه وراءها امرأة فاتنة، كان يتنافس عليها مع نجل رأس النظام السابق.
ويستعرض الكتاب رحلة صعود أحمد عز فى دنيا السياسة والأعمال ويعرض لمواقف عديدة لـ«عز» فى دنيا الصناعة وكيفية استيلائه على مقعد المحرك الرئيسى للحزب الوطنى، فضلا عن كثير من أسرار حروب التشهير التى جرت ضد عدد من رجال الأعمال كان أبرزهم مصطفى البليدى ومحمود وهبة ومحمد جنيدى.
ويكشف الكتاب، من خلال حوار مع رجل الدعاية والإعلان الشهير طارق نور، كيف تعرض لمنافسة ظالمة من أشرف صفوت الشريف وكيف تم توجيه كثير من حملات الدعاية إليه بالأمر المباشر. ويحكى الكاتب عن لقائه برجل الأعمال الراحل أيمن السويدى ويشكك فى قصة انتحاره، مستندا إلى وقائع ودلائل أحاطت بالواقعة.
ويخصص الكاتب فصلاً كاملاً عن رجل الأعمال حسين سالم، الذى يعتبره صديق الرئيس الغامض. ويعرض الكتاب لحوارات مع بعض رجال الأعمال المشاهير مثل محمد فريد حسانين وشريف الجبلى وعبدالمنعم سعودى، بالإضافة لفصل حول مشروعات البيزنس الخاصة بالوزراء خارج السلطة، إلى جانب فصل آخر خصصه المؤلف حول قصص زواج رجال الأعمال بالفنانات فى مصر.
يقول المؤلف فى مقدمة الكتاب : «وفى الحقيقة إننى أجد من المهم، بل من اللازم أن أشير لملاحظة عامة بشأن مجتمع الأعمال المصرى خلال عهد الرئيس مبارك، تمثلت فى ارتفاع شأنهم واتساع نفوذهم إلى أكبر درجة وتدخلهم الواضح والكبير فى السياسة، فضلا عن ذلك، فثمة ملاحظات عابرة أرى أنها جديرة بالتسجيل قبل قراءة هذا الكتاب، منها أن معظم رجال الأعمال الذين اقتربوا من السلطة المتمثلة فى الرئيس مبارك تعرضوا لمشكلات خطيرة، أثرت على أعمالهم ومشاريعهم وبعضهم تعرض للسجن والبعض الآخر تعرض لحروب تشوية إعلامية!
ومنها أيضا أن أحداً لم يكن يعرف شيئاً عن كثير من رجال الأعمال الحاليين وعائلاتهم قبل ثلاثين عاما، وهو ما يعنى أن معظمهم كونوا ثرواتهم خلال النصف الثانى من عهد الرئيس مبارك. ويمكن القول فى نفس الوقت إن مجتمع الأعمال ليس شراً محضاً، ولا يمكن وصمه بكل جريرة فعلها واحد منهم، ولا يمكن تعميم حكم سلبى على باقى مجتمع الأعمال، فالقاعدة الفقهية تقول «لا تزر وازرة وزر أخرى».
على أى حال كان لنمو مجتمع الأعمال وتضخم مكانته بعض الآثار السلبية على المجتمع، خاصة أن ذلك النمو اقترن بفضائح ومآس وأحداث مزعجة. وكان أن سقط كثير من الضحايا من الفقراء والبسطاء وحتى من رجال الأعمال أنفسهم، وسالت دماء غزيرة على عتبة الاستثمار، وكان الخاسر الأول هو الاقتصاد المصرى.
ويشير الكاتب إلى أن المشكلة ليست فى وجود مجموعة من الأثرياء المشغولين ليلا نهارا بتنمية ثرواتهم، ولا فى التصرفات الاستفزازية لبعض رموز مجتمع الأعمال الحالى .. لكن المشكلة الحقيقية هى صعوبة الفصل بين المال والسياسة، واختلاط أدوار رجال الأعمال والساسة وما نتج عن ذلك من ظهور صراعات حادة وبروز فضائح صاخبة وكان الخاسر الأول، كما ذكرت من قبل، هو المواطن البسيط..
ويضيف قائلا: «ربما أكون مخطئا فى بعض تصوراتى التى بنيتها من خبرة عقد ونصف العقد كان لى خلالها احتكاك كبير بمجتمع الأعمال.. أقول ربما، لأنه لا أحد يمكنه ادعاء امتلاك الحقيقة، لكن على أى حال، فأنا على يقين بأن مصر لن تصبح بلدا جاذبا للاستثمار دون ديمقراطية حقيقية ترسى مبادئ الشفافية والمساواة واحترام القانون وحقوق الإنسان. فى هذه الحالة لن تكون هناك رشاوى، لأن الفساد يهرب كالظلام مع أول شعاع للديمقراطية».
إننى مازلت أقول إن مصر لديها كثير من مقومات التقدم الاقتصادى.. لدينا بنية تحتية عملاقة وعظيمة، ونتميز عن كثير من البلدان المجاورة بانخفاض تكلفة العمالة، ولدينا عقول محترمة قادرة على رسم طرق النجاح والتفوق. بالإضافة إلى أن موقع مصر الجغرافى المتميز يؤهلها لأن تصبح مركزاً اقتصادياً عملاقاً.. لكن ما ينقصنا حقيقة هو الاستقرار السياسى، الذى لن يتحقق دون ديمقراطية حقيقية وشاملة». لقد كان المؤلف شاهداً على صراعات وحروب وخناقات رجال أعمال. ورآهم وهم يتلاعنون ويتحاربون ويفتحون خزائن الأسرار والفضائح، وسمعهم وهم يتآمرون على بعضهم البعض، وعرف كيف يستعين رجال الأعمال بالمسؤلين لتصفية حساباتهم. ويعمل المؤلف صحفياً بجريدة الوفد، وقد صدرت له من قبل ستة كتب كان أحدثها كتاب التطبيع بالبيزنس - أسرار علاقة رجال الأعمال بإسرائيل، عن دار ميريت للنشر عام 2009. كما صدرت له مجموعات شعرية أبرزها «وردة واحدة وألف مشنقة» عن مركز الحضارة العربية عام 2005.