أثار انفراد «المصرى اليوم» بخبر فض التحالف الانتخابى بين حزبى الوفد والحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ردود فعل واسعة بين الأحزاب والقوى السياسية المختلفة.
فبينما اعتبر البعض هذه الخطوة «أمراً طبيعياً ومتوقعاً» للاختلافات الجذرية بين الحزبين، اعتبرها البعض الآخر «مجرد مناورة سياسية» من جانب حزب الوفد لامتصاص غضب العديد من أعضائه الذين اعترضوا على التحالف مع الإخوان.
قال محمد بدر، نائب رئيس حزب العمل: إن هذا القرار إما أنه مناورة من حزب الوفد فى إطار امتصاص غضب لجان الوفد الرافضة التحالف مع الإخوان، أو أن الوفد قرر الخروج بالفعل من التحالف.
وأوضح أن خروج حزب الوفد سيؤدى إلى حصول القوى الإسلامية على أغلبية المقاعد البرلمانية، خاصة أن التيار الليبرالى ليست له قواعد حقيقية فى الريف المصرى، الذى لا يعرف معنى الليبرالية أو العلمانية.
وأضاف: «إذا كان حزب العمل يتحالف مع أحد لخوض الانتخابات، فسيكون الإخوان هم الأقرب لنا، لأننا أصحاب مرجعية واحدة وبيننا تحالف يعود إلى 25 عاماً».
ووصف ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل، القرار بأنه سيئ، معللاً ذلك بأنهم كانوا يتمنون خوض الانتخابات بقائمة موحدة من أجل نهضة مصر، وقال: «سنحاول إثناءهم عن القرار فى اجتماع اليوم بمقر الوفد»، موضحاً أن قرار خوضه الانتخابات مع أى من القائمتين لم يحسم حتى الآن.
وقال سامى حجازى، رئيس حزب الأمة: إن فض التحالف كان أمراً متوقعاً لأن التزاوج بين الإخوان والوفد غير شرعى أو طبيعى، فهذا حزب إسلامى بحت والآخر ليبرالى، والاتجاهان مختلفان.
وأضاف أن أحزاب التحالف الديمقراطى كانت «برفان» لصالح الإخوان والوفد ليستخدماها كنوع من الاستعراض الإعلامى بأن التحالف يضم 40 أو 50 حزباً، وتؤكد أنها قوة كبيرة.
وأوضح «حجازى» أن انضمامنا معهم على الرغم من معرفتنا، كل هذا كان على أساس أنهم كتلة كبيرة ستدعمنا فى الانتخابات المقبلة، وتضمن لنا عدداً من المقاعد فى البرلمان، مشيراً إلى أن حزبه سيبحث إلى أى القائمتين سينضم.
وقال عادل القلا، رئيس حزب مصر العربى - الاشتراكى: إن حزب الوفد سيخسر من فض التحالف لأنه لا يملك مرشحين أقوياء يستطيع أن يدفع بهم على جميع المقاعد البرلمانية.
وأضاف أنه مستعد و14 حزباً سيتم الإعلان عنها قريباً، بخطة بديلة إذا تم فض التحالف الديمقراطى بالكامل، وسنخوض الانتخابات بقائمة تجمعنا، موضحاً أنه كان يتوقع أن «الإخوان» لن تعطيه فرصة بأن تسمح لهم بترشيح أسماء من حزبه على رأس القوائم، وقال: «لذلك كنت أستعد بخطة بديلة».
من جهة أخرى، رحب عدد من قيادات الأحزاب الليبرالية واليسارية بالخطوة الوفدية، وقال الدكتور محمد أبوالغار، رئيس حزب المصرى الديمقراطى، أحد أحزاب «الكتلة المصرية»: إن فض تحالف «الوفد» مع «الإخوان» هو أمر يخصهما، ونحن لا نعلم أسباب هذا القرار، ولكن التحالفات الموجودة الآن هى تحالفات انتخابية وليست سياسية، لاختلاف الأفكار والمبادئ بين التيارات المشاركة فى هذه التحالفات، مثل الوفد والإخوان.
وأضاف أن فض التحالف بينهما كان متوقعاً بسبب اختلاف الأفكار، مشيراً إلى أن أحزاب الكتلة المصرية أقرت اتفاقات فيما بينها تتعلق بالتنسيق الانتخابى، وأى تغيير فى هذه الاتفاقات لابد فيه من حضور جميع أحزاب الكتلة.
ولفت إلى أن دخول أحزاب الكتلة فى تحالف مع حزب الوفد يحتاج إلى أمرين، الأول أن يعلن الوفد رغبته فى ذلك، ثانياً موافقة أحزاب الكتلة على هذا التحالف الجديد.
وقال حسين عبدالرازق، القيادى بحزب التجمع: إن قرار حزب الوفد بفض التحالف مع الإخوان، إذا كان سببه التزام الوفد بمنهجه الأصلى كحزب ليبرالى، يرفض الخلط بين الدين والسياسة، فإن هذا يعد مكسباً لليبرالية وللحركة الوطنية بشكل عام.
وأضاف عبدالرازق: إن حزب التجمع ملتزم بالتنسيق مع الكتلة المصرية ولن يخرج عن هذا الالتزام، مشيراً إلى إمكانية أن يتم التنسيق بين الكتلة المصرية وحزب الوفد لخوض الانتخابات المقبلة بقوائم موحدة، إذا وافقت أحزاب الكتلة.
من جانبه، أعلن السعيد كامل، رئيس حزب الجبهة، ترحيبه بعودة حزب الوفد إلى الصف الليبرالى، مرحباً بأى تحالف جديد يجمع التيارات الليبرالية.
وقال إن فض التحالف بين «الوفد» و«الإخوان» كان أمراً متوقعاً، لأن الوفد حزب ليبرالى ولابد أن يحافظ على ليبراليته، خاصة أن جماعة الإخوان وحزبها لديهما مشروعهما الخاص.
وأكد «كامل» أن حزب الجبهة سيناقش إمكانية دخول الأحزاب الليبرالية فى قائمة مع حزب الوفد، مطالباً بمراجعة الكتلة المصرية أيضاً، لأن كل الأحزاب التى فيها ليست جميعها ليبرالية.
وعلق إيهاب الخولى، أمين عام حزب «مصرنا»، على فض التحالف بـ«أحسن حاجة عملها حزب الوفد»، وقال: «كان على الوفد أن يعود إلى جماهيره ومبادئه ولا يسعى إلى مصالحه الخاصة».
وأضاف «الخولى» أن الوفد حزب ليبرالى كبير ويجب عليه أن يجمع كل القوى الليبرالية ويتصدى لكل من يريد أن يحتكر العمل السياسى، موضحاً أن حزبه سيدرس خوض الانتخابات مع حزب الوفد.
وأوضح محمد عصمت السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن فض التحالف أمر متوقع، وهم متفاؤلين خيراً بهذا الأمر، مشيراً إلى أن مصر تحتاج لفترة حتى تستطيع أن نقوم بالعمل الجماعى لوجه الله دون مصالح شخصية أو حزبية ضيقة.
وأكد أحمد خيرى، عضو المكتب السياسى لحزب المصريين الأحرار، أن قرار فض التحالف جعل الوفد يسترد وفديته ويعود إلى الليبرالية، وقال: إننا نرحب بخوض الانتخابات مع حزب الوفد.
خبراء: فض التحالف بين حزبى الوفد والحرية والعدالة كان متوقعاً ويضعف «الجماعة» سياسياً
قال الدكتور عمرو الشوبكى، خبير الشؤون السياسية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، إن فك التحالف بين حزب الوفد والإخوان المسلمين خطوة متوقعة، لأنه قام على حسبة انتخابية، غاب عنها الإطار والرؤية السياسية، ولذا انكسر التحالف عند أول خلاف بينهما لاعتبارات لها علاقة بتقسيم مقاعد مجلس الشعب.
وأضاف: «أن فض التحالف سيؤثر على قوة (الإخوان) ويضعفها سياسياً، كما يؤثر على قدرتها على طمأنة باقى الفصائل السياسية، لكنه لن يؤثر على قوتها الانتخابية، لأن الوزن الانتخابى للجماعة قوى»، وتابع: «هذا الانقسام سيقوى (الوفد) سياسياً ويضعفه انتخابياً».
وأوضح «الشوبكى» أن فض التحالف رسالة مهمة لأى قوة سياسية تتصور أن الانتخابات مغنمة لهما، لأنه لابد من التوافق السياسى أولاً، وبعدها يتم الترتيب للانتخابات.
وقال الدكتور عمار على حسن، خبير الشؤون السياسية والإسلامية، إن هذا الموقف متوقع، فلم يكن تحالف الوفد والإخوان قائماً على مبادئ واضحة، وإنما كان تكالباً على توزيع مقاعد البرلمان، واقتناصهما لأكبر عدد منها.
وأضاف: «(الإخوان) كانت ستختلف مع (الوفد) فى النسب التى ستترشح عليها فى الدوائر، بالإضافة إلى أن «الوفد» لا يجد غضاضة فى ترشيح أحد أعضاء الحزب الوطنى المنحل، وهما سببان رئيسيان فى إنهاء التحالف».
وأوضح أن «الوفد» الذى سبق له وتحالف مع النظام، ليس جديداً عليه أن يتحالف مع «الجماعة» بعد أن شعر أن هناك «شهر عسل» بين المجلس العسكرى و«الإخوان»، وعندما اتضح له عدم صحة ذلك بسبب قانون الانتخابات الجديد، الذى جاء بهندسة انتخابية ليست فى صالح «الإخوان»، اضطر إلى فض التحالف حماية لمصالحه وماله، فلا يمكن أن ينجرف فى صدام مع الإخوان، ومن هنا كان الابتعاد عن «الجماعة».
وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، خبير النظم السياسية بمركز الأهرام للدراسات: إذا صح الحديث عن فض التحالف فسيكون هذا الوضع هو الطبيعى، فالإخوان يجيدون التعامل مع أى نظام انتخابى، والنظام القائم يجعل حزب «الحرية العدالة» يترشح على القوائم وجماعة الإخوان تترشح على المقاعد الفردية، فى حين أن «الوفد» ليس أمامه أى فرصة سوى الترشح على القوائم الحزبية.
وأضاف أن شعبية «الوفد» و«الجماعة» تتداخل فى دوائر عديدة فى الوجهين البحرى والقبلى، الأمر الذى قد ينشأ معه خلاف حول قائمة تجمع مرشحى الوفد والإخوان، خاصة فى ظل خفض عدد المقاعد فى القوائم بمتوسط 8 مرشحين، فى حين أن التحالف يضم أكثر من 40 حزباً، فكان من غير الممكن استمرار التحالف.