قال المهندس صلاح دياب، مؤسس جريدة «المصرى اليوم»، إن الصحافة فى مصر لديها تحديان، هما التعويض عن غياب المعارضة، ونشر المعلومات والحقائق، مشيرا إلى أن الجريدة تتمتع بحرية فى النشر وفقا لما يُعرف بـ«المعارضة المسؤولة» الداعمة للدولة، وهى حرية «مفتوحة» بهدف البناء.
وأضاف «دياب»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أنه بعد مرور 13 عاما من إصدار الجريدة، يكفيها الكم الهائل من المصداقية، وأن الدولة أصبحت مطمئنة لمصداقيتها، مشيرا إلى أنه لم يحاول أحد «إيقاف نموها» حتى الآن.. وإلى نص الحوار:
■ بصفتك أحد أهم مؤسسى الصحف الخاصة فى مصر، كيف ترى أوضاع الصحافة المصرية بشكل عام بعد ثورتين؟
- الصحافة فى الأساس ضرورة ومسؤولية. بعد تأميمها أصبحت «وظيفة»، ولم تعد بالضرورة مسؤولية، الصحافة تطرح الرأى الآخر. وهو دائما ما تحتاجه الدولة لاتخاذ القرار الصائب. مسؤولية الصحافة الآن أكبر، فهى أمامها تحديان: التعويض عن غياب المعارضة، وتقديم المعلومات التى تحتاجها الدولة، عبر نشر الحقائق. الرأى الآخر مهم جدا لاتخاذ القرار الصائب.
■ ولكن هل ترى أن هناك معارضة فى الصحافة المصرية حاليا؟
- كمسؤول عن «المصرى اليوم»، لا أستطيع تعميم الحكم على الصحافة المصرية بشكل عام، الأمانة تجاه الوطن تقتضى وجود المعارضة المسؤولة. وكل ما أستطيع فعله- من واقع مسؤوليتى والتزامى الأدبى- هو النشر بـ«حرية» لتوضيح الصورة أمام المسؤولين فى الدولة، لكشف خلل موجود، ولكن يكون الهدف دائما التكامل الداعم للدولة. هذه شهادة على التجربة.
■ بعد 13 عاما من إصدار «المصرى اليوم»، ما تقييمك للتجربة بمرور هذه السنوات؟
- يكفيها الحصول على هذا الكم الهائل من المصداقية دون دعم من أى حزب أو الدولة، ولا أنكر أن الدولة مطمئنة إلى مصداقيتها، ولذلك تتركها تزدهر كل عام تلو الآخر، ولا أذيع سرا إذا قلت إنه حتى الآن لم يحاول أى شخص أو جهة إيقاف نمو «المصرى اليوم»، وإذا كان هناك نمو يزداد سنويا فى مصداقيتها فدقة اختيار العاملين فى «المصرى اليوم» لها الفضل فيما وصلت إليه من مصداقية. ولو تراجع مستوى الصحفيين فستتراجع المصداقية بالتأكيد.
■ وكيف ترى نسبة الحرية فى الصحف؟
- فى «المصرى اليوم» ليس لدينا رقيب من الدولة داخل الجريدة، ولا يوجد مَن يمنع مقالات، فكل صحفى حر فيما يكتبه، خاصة أن هذا ما تُمليه عليه المصداقية والأمانة، وكما قلت هى حرية مسؤولة. والدولة لا ينقصها الذكاء، فهى تترك «المصرى اليوم» دون تدخل لأنها مطمئنة إلى صدق نوايا القائمين عليها والعاملين فيها.
■ بصفتك رجل أعمال، هل ترى أن قطاع الإعلام أصبح طاردا للاستثمارات؟
- الإعلام يعكس الثقافة الموجودة فى الوعى الجمعى المصرى، هذه الثقافة هى الكارهة للمستثمر والمشككة فيه، هذه مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى وليست مسؤولية الإعلام. يجب أن تراجع وتصحح المفاهيم الاشتراكية التى تراجعت عنها كل دول العالم، فى الصين والاتحاد السوفيتى وغيره من الدول. الدولة لا تنقصها الشجاعة لتقوم بهذه المراجعة، خاصة بعد أن كانت لديها الشجاعة للقيام بالعبور الاقتصادى، ومواجهة الواقع الحقيقى، لذلك بقى رجل الأعمال عند المواطنين «حرامى ومستغل». هذه الثقافة هى التى بررت الحراسات والتأميمات والاستيلاء على الأموال.
■ بشكل عام ما التحديات التى تواجهها الصحافة الخاصة من وجهة نظرك؟
- هى التحديات نفسها التى تواجهها كل سلعة فى العالم، عندما تتغير المعطيات، والمتغيرات التى طرأت على الصحف كثيرة، أهمها ارتفاع سعر الورق والأحبار، ومواكبة تطورات الصحافة الرقمية فى العالم كله، ومتابعة كل جديد وحديث فى عالم الصحافة.
■ ما رأيك فى الدعم الذى تقدمه الدولة للصحف؟
ـ بالنسبة للدعم بصفة عامة فالدولة تتخذ سياسة واضحة معلنة للتخلص من الدعم بالتدريج طبعا: فى الطاقة، فى الكهرباء، فى السلع، وسيأتى وقت تضطر الدولة فيه إلى التخلص من دعم المؤسسات الإعلامية، والذى يأتى أولا وأخيرا من أموال دافعى الضرائب. وإذا كانت هناك ضرورة للدعم، فيجب أن يكون الدعم للقارئ، ويصب فى مصلحة المستهلك وليس المنتج. ويجب أن يكون الدعم مرتبطا فقط بتوزيع الصحف، بصرف النظر عما إذا كانت قومية أو أهلية، فالمؤسسة التى توزع ألف نسخة فقط ليكن دعمها بقدر توزيعها. بالمصادفة، فالذى يقوم بتوزيع الصحف الآن هو «القطاع العام»، الذى يحصل على نسبة على كل عدد يقوم بتوزيعه، والتوزيع ليس سراً، وفى هذه الحالة سيصبح الدعم انتقائيا وفقا لاختيار القارئ، وبذلك تصبح الجريدة ملكا للقارئ وليس لصاحب المؤسسة.
■ ما الذى قدمته لك «المصرى اليوم»، وكيف ترى مستقبلها؟
- تسببت لى فى كثير من المشاكل، وأضرّت بالكثير من أعمالى، ولست نادماً على هذه التجربة. أعتبرها خدمة وطنية لا تقل عن تأدية الخدمة العسكرية، وبالنسبة لمستقبلها، فور توازن «المصرى اليوم» اقتصاديا- وهذا يوم ليس ببعيد- أتمنى أن نعلنها مؤسسة لا تهدف للربح. لنتركها منصة لخدمة القارئ والمصلحة العامة. ليست تابعة لفرد. أو جهة ما. تكون فقط تابعة للمواطن المصرى. منبراً لتنوير وإرشاد الناس. تعمل تحت إشراف مجلس للأمناء من أخيار المصريين.
■ كيف ترى مستقبل الصحافة الإلكترونية بالنسبة لـ«المصرى اليوم»؟
- أسسنا الموقع الإلكترونى تماشياً مع التطور، ويجب على الجميع فى المؤسسات الإعلامية تطوير أنفسهم، وأن يصبحوا «ميديا هاوس»، ومَن لا يفعل ذلك ستدور العجلة وتفوته الفرصة. وهذا وعى القطاع الخاص الذى يعكس حب البقاء.
■ كمؤسس أولاً وقارئ ثانياً، ماذا تريد من «المصرى اليوم»؟
- المؤسسة عليها أن تقوم بدورها الوطنى، وأن تستقر اقتصاديا. ووقتها سأشعر أننى قمت بدورى تجاه وطنى، وفى هذه الحالة سأغمض عينى، ويقوم بالمهمة أناس آخرون. وسأقول: «ألا هل بلغت اللهم فاشهد».
■ ما المتبقى من حلم «المصرى اليوم» حتى الآن؟
- الحلم متحرك. يتطور باستمرار. الشىء الثابت الوحيد هو مبادئ «المصرى اليوم»، فهى لا تبتز شخصا أو تغتاله فى سمعته، كما نرى فى وسائل إعلامية أخرى، فتناول السير الشخصية أسهل وأكثر جذبا للقراء. لكننا والحمد لله لم نلجأ لذلك أبدا.
■ ما سر اهتمامك بالصحافة أساسا؟
ـ هى مهنة عائلية موروثة. لا أخفى سرا إذا قلت إن جدى كان صاحب ورئيس تحرير جريدة الجهاد، وبمناسبة مسلسل الجماعة، أذكر أن عبدالناصر كان مشاركا فى مظاهرة أُصيب فيها، بعدها نُقل الى مكتب صاحب الجهاد للعناية به، وكانت هذه أول مرة يظهر فيها اسم جمال عبدالناصر فى الصفحة الأولى من جريدة الجهاد. أما والد جدى فكان من المشاركين فى ثورة عرابى، وخضع للمحاكمة، وكان الحكم المخفف عليه ألا يغادر قريته فى الشرقية، إذن الاهتمام بالوطن والبلد والمصلحة العامة لا تفرضه علىّ الأخلاق والواجب فقط، بل تفرضه بالأساس الجينات الوراثية.